ردت تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، على تصريحات وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، بخصوص الدعوة إلى إقحام الجيش في الساحة السياسية، واتهامه لأعضائها بالمزايدات السياسية، وخاطبته بالقول إن السلطة هي التي تمارس المناورة ولم نزايد على أحد". قال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، أحد أبرز نشطاء تنسيقية الانتقال الديمقراطي، إن قطب المعارضة لم يدعو يوما إلى تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، وإنما العكس طالبت بانسحاب العسكر من السياسة. وأوضح مقري أن السلطة هي التي جرّت المؤسسة العسكرية إلى الشأن السياسي منذ الاستقلال، وتساءل عمن كان وراء الانقلاب على الشرعية الانتخابية سنة 1992؟ ومن قلب صناديق الاقتراع في رئاسيات 1995 وتشريعيات 1997؟ ألم يكن ذلك من فعل السلطة بشقيها "المدني والعسكري"؟ ألم يكن التصويت الجماعي للأسلاك النظامية وراء نتائج تشريعيات 2012؟ يجيب مقري. ويضيف المتحدث أنه كان على أويحيى الحديث عن دور الفساد وأباطرته الذين أصبحت لهم القدرة بحسبه على التأثير في صناعة القرار في البلاد أكثر من المؤسسة العسكرية التي دعا إلى عدم توريطها في العمل السياسي. وعلّق مقري في تصريحات ل"الشروق" على رفض أحمد أويحيى مطلب المعارضة، القاضي بالذهاب إلى مرحلة انتقالية، يكون للجيش دورا فيها، بالتأكيد على أن المعارضة التي توحدت لأول مرة منذ الاستقلال بالشكل الذي ظهرت عليه في ندوة زرالدة في العاشر جوان الماضي، "لم تدعو إلى مرحلة انتقالية بشكل عبطي، وإنما دعت إلى انتقال ديمقراطي تفاوضي متفق عليه بين جميع الأطراف، معارضة، وسلطة بكل مؤسساتها"، وهو ما يختلف بشكل جذري عن مصطلح المرحلة الانتقالية. وأوضح رئيس "حمس" أن ندوة زرالدة توجت بأرضية الانتقال الديمقراطي، وحددت 4 آليات لتحقيق ذلك: "تنصيب حكومة انتقال ديمقراطي توافقية تسهر على تجسيد الانتقال الديمقراطي"، تتولى مهام إدارة الشؤون العادية وإرساء السلم الاجتماعي، بالإضافة إلى"هيئة مستقلة ودائمة لتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، ودستور جديد للجزائر يعد بشكل توافقي، ويجسّد أهداف مسار الانتقال الديمقراطي، ويمر عبر استفتاء شعبي، وكذلك فتح نقاش مجتمعي واسع وعميق يهدف إلى البحث عن آليات اجتثاث الآفات المهددة للمجتمع كالفساد واللاعقاب". ورد مقري على دعوة أويحيى للمعارضة بأن أبواب رئاسة الجمهورية مفتوحة للتشاور حول تعديل الدستور، بالقول إن القضية أصبحت عند أويحيى شخصية تتعلق بإنجاح مشاورات حول ملف هو مسؤول عنه، مبرزا أن "هم المعارضة ليس حل القضايا الشخصية وإنما حل أزمة البلاد". ويعتقد من جهته عضو التنسيقية، رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، أن تخصيص مدير ديوان رئاسة الجمهورية، 80 بالمائة من ندوته الصحفية للحديث عن المعارضة، دليل قوي على أن الأخيرة أقلقت النظام فعلا، مضيفا أنه كلما كانت السلطة في مأزق توجه دعوة للمعارضة للجلوس معها في لقاءات ثنائية، وعندما تكون في أريحية من أمرها وتعود إلى سياساتها القديمة. وبخصوص رفض أويحيى عودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، أكد المتحدث أن التنسيقية أوضحت قبل ندوة زرالدة أن مشكل الفيس المحظور كحزب سياسي هو مع السلطة من جهة ومع جزء من المجتمع من جهة أخرى، وقال إن "حل مشكلة الإخوان الذين كانوا في الفيس المحل، ليس في يد التنسيقية"، متهما أويحيى بالمناورة بورقة الفيس ضد المعارضة والبحث عن إشعال نار الفتنة، من خلال دعوته لمدني مزراڤ كرجل سلاح، في حين أن التنسيقية اتصلت برجالات سياسة. وأبرز رئيس حزب جيل جديد أن أويحيى اختلطت عليه الأمور، باعتقاده أن التنسيقية دعت لمرحلة انتقالية شبيهة بمرحلة التسعينيات، قبل أن يؤكد على أن الحقيقة عكس ذلك، حيث أوضح أن المعارضة دعت إلى مرحلة توافقية مع كل الأطراف، بما فيها النظام من خلال فتح نقاش جماعي حقيقي. واعتبر جيلالي سفيان اتهام أويحيى للتنسيقية بالمزايدات السياسية، بمثابة تهديد غير مباشر لأعضائها، من باب أن السلطة تعتبر في نظره كل من يتحرك ضد أطروحاتها يهدد استقرار البلد، ومن يدافع عن الاستقرار يجب عليه أن يصمت ولا يتحرك.