الطبقة السياسية لا تلتقي إلا في مأدبة أو "مندبة" والعياذ بالله.. إنها لا تلتقي إلا في عرس أو في جنازة، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم. شكر الله سعيكم أيها السياسيون الذين لا تلتقون إلاّ عندما يتعلق الأمر بنقل الرعب إلى "شعيب الخديم" والعمل على ترويعه بالأنباء غير السّارة، والأخبار المفزعة والمحزنة.. فالله يهديكم. هذه المرّة "نكسة" أو أزمة أو محنة البترول، إثر انهيار أسعاره، بدل أن تجمع شمل الطبقة السياسية، حول طاولة واحدة، ورأي واحد، وتفرض على هؤلاء وأولئك نقاشا واقعيا ومقنعا، فإنها للأسف أحيت "فتنتهم" النائمة فلعن المخابر التي أيقظتها بتدمير أسعار النفط! مثل هذه الأزمات هي في الأول والأخير بمثابة "الاختبار" الذي سيُكرم فيه الجميع أو يُهانون: السلطة باختراع الحلول ومخارج النجدة وتطبيقها بأقل الأضرار، والمعارضة باقتراح البدائل بعيدا عن نزعة الصراع والانتقام وتصفية الحسابات! الجزائريون لا يُريدون الغرق في فنجان النزاع والتنافس والاستثمار في المآسي والأزمات لتحقيق مصالح آنية وظرفية وشخصية وفئوية ضيقة، إنهم يُريدون اصطفاف "المتخاصمين" لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، وبعدها فليتحمّل كلّ طرف مسؤوليته، مذنبا كان أم ضحية! لا ينفع الغريق التراشق بالتهم بين المتسبّب في غرقه والغارق في "تشراك الفمّ"، بقدر ما ينفعه توحّد الجهود وإطلاق محاولات مشتركة بنوايا حسنة لإنقاذه وانتشاله من الأمواج المتلاطمة، وبعدها لكل حادث حديث! على الطبقة السياسية أن تجلس مع بعضها البعض، وتحاور بعضها البعض، وتناقش بعضها البعض، وتقترح على بعضها البعض، فإن "العاصفة" عندما تهبّ فإنها لا تفرّق بين فقير وغني، وبين وزير وغفير، وبين حاكم ومحكوم، ولا بين شجر أو حجر أو بشر! بطبيعة الحال، المسؤولية قد تكون تشاركية، وقد تكون جماعية، وقد تكون فردية أو نخبوية، وقد تكون وراءها السلطة، أو الاستشرافات "الخايبة"، والذهنيات "الرايبة" والإجراءات "السايبة"، لكن ماذا ينفع كل هذا التشخيص في هذا الظرف الحرج بالذات؟ المطلوب قرارات عاجلة وتحليلات عادلة، هدفها تغليب مصلحة البلاد والعباد، على مصالح السلطة ومصالح المعارضة، فالوضعية شبيهة بقدوم "تسونامي" وقت استراحة "متحاربين" على ضفاف ساحة المعركة!