قد تكون السلطة جادة فعلا هذه المرة في فتح الحوار مع المعارضة.. والغرض، كما هو واضح، ليس دمقرطة الحياة السياسية في تسيير البلاد، بل الهدف هو جر المعارضة إلى المساهمة في إنقاذ “الأوليغارشيا” الحاكمة من احتمال المواجهة مع الشعب، أي أن السلطة تريد المعارضة إلى صفها، وليس إلى صف الشعب، أي تريدها خرطوم آلة مطافئ للحرائق التي بات من المؤكد أنها ستشتعل. السلطة ارتكبت ما ارتكبت من مناكر في تسيير البلاد، وعندما انتهت إلى طريق مسدود عادت الآن للبحث في احتمال إشراك المعارضة في مواجهة الأزمة، وبالتالي مواجهة الشعب. الحجّة التي تقدمها السلطة، هي أن السفينة إذا غرقت، فإن الأمر سيطال الجميع، السلطة والمعارضة معا.. ولهذا فإن واجب إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الغرق يصبح واجبا على المعارضة أكثر مما هو واجب على السلطة، والحجة هنا تبدو قوية، ولكنها ملغّمة. والواجب على المعارضة هنا أن لا تضع العصا في عجلة الحوار مع السلطة، لكن الواجب أيضا أن تتمسك المعارضة ب: أولا: وضع ترتيبات جدية لتكريس تغيير للسلطة يكون أساسه انتخابات حرة، تأتي بمن يريدهم الشعب لحكمه. ثانيا: محاسبة كل من تسبب في ما لحق بالجزائر في العشريتين الأخيرتين، وخاصة في الجانب الاقتصادي، وفي جوانب سوء تسيير البلد سياسيا واقتصاديا، والمتسببين في تفويت فرصة الإقلاع الاقتصادي على البلد. لا يعقل أن لا يحاسب الرئيس بوتفليقة وجماعته على برنامجه الاقتصادي الذي أقرّه لفائدة الشباب في العهدة الأولى، ومنها بناء محلات لفائدة الشباب بطريقة البناء الفوضوي، ثم هو الآن في العهدة الرابعة يشرف على تحطيم هذه البنايات ب”البيلدوزر”.. مثلما هو الحال في بلدية الدرارية وبقية البلديات الأخرى. المعارضة تساعد السلطة في الخروج من السلطة بأخف وأقل الأضرار، لكن تساعدها على تكييف فسادها ومظالمها وسوء التسيير ومواصلة ذلك، فهذا لا، وإلا كانت هذه المعارضة لا تختلف عن السلطة في حالة الفساد وسوء التدبير، ومن هنا يصبح على الشعب البحث عن حلول أخرى غير التي تطرح الآن كحل، وهو الانتقال الديمقراطي المتفاوض عليه. لا ينبغي أن تتم صفقة بين السلطة والمعارضة من وراء ظهر الشعب، صاحب السيادة ومصدر السلطة الوحيد، أو هكذا يجب أن يكون.. أي أمل في الإصلاح والتغيير ماعدا هذا، فهو لعب معارضة مع السلطة في الوقت الضائع.. ليس إلا. [email protected]