يُروى والعهدة على الراوي، أن وزراء "غاضبون" منذ مدة على وزراء آخرين، ووزراء شرعوا في عملية "الحفير" لوزراء آخرين حتى يتعرضون ل "الزبير" مع التعديل الحكومي القادم، ووزراء يرفضون "مساعدة" وزراء آخرين لدفع مشاريع تنموية تعوّل عليها الحكومة لامتصاص الغضب وتفادي الاحتجاجات! ..هذه بعض النماذج، التي تكشف خلافات وصراعات وحساسيات بين أعضاء الطاقم الحكومي، ولا داعي هنا لتسمية المعنيين، لأن اللبيب بالإشارة يفهم، والمهمّ في الحكاية، أن الانسجام والتوافق أصبح قاب قوسين أو أدنى من الانهيار والانكسار! من الطبيعي أن تتأثر عديد المشاريع وتتوقف وتتجمّد ويُصاب الأمل بسنّ اليأس، فهوشة "أصحاب المعالي" بوسعها أن تتحوّل إلى "تصفية حسابات"، يُفرمل الوزير الفلاني قرارات الوزير العلاني، والهدف في غالب الأحيان، إمّا من باب "التغنانت"، أو بمبرر صلاحيات القطاع، أو بغية إلصاق شبهة "الهفّ والفستي" في الوزير المستهدف! عندما يخرج الصراع من السرّ إلى الجهر، وتتفتت الحكومة بين "جماعات وزارية"، كلّ جماعة تتآمر وتتخابر ضد الجماعة "المنافسة" أو "المعارضة"، أو "غير الحليفة"، فمن البديهي أن تتعطل الحكومة وليس مشاريعها فقط! أين المشكل؟ ما هو سرّ الخلاف؟ لماذا التناحر والتنافر داخل الحكومة الواحدة؟.. هل هي خلافات شخصية؟ هل هو اختلاف وجهات نظر؟ هل هو تناقض؟ هل هي خلافات قديمة؟ وأين هو الحلّ والبديل للخروج من هذه الورطة ونزع الدبابيز من الطريق؟ عندما تصبح العلاقة بين بعض الوزراء وزملائهم "مبنية على الخدع" فلا غرابة في تفخيخ الحكومة وتأجيل المشاريع وتفريخ التصريحات المتناقضة، والتراشق بالاتهامات ونفض الأيدي من العجز والفشل والإفلاس ومسح الموسى في الجهة الأخرى! هذه "الفوضى المنظمة" التي شهدتها الحكومات المتعاقبة، كانت في الكثير من التجارب، المبرّر المباشر لتوقيع تغيير أو تعديل حكومي، يتمّ بموجبه "التخلص" من الوزراء المتهمين بوضع القصبة في العجلة، ويتمّ بواسطته نزع الحجرة من "سبّاط" الحكومة فيرتاح الفرطاس من حكّان الرّاس!
الحكومة، دون شكّ، ليست حقيبة وزارية أو مجرّد وزير، بل هي كلّ متكامل متناسق متضامن متحالف، في سبيل إنجاح البرامج ودفع المشاريع "الشعبية" والوفاء للعهود والوعود، أمّا أن تتحوّل إلى حلبة للتبارز والتنابز، فهذا ليس بوسعه إلاّ أن يُفرمل ويُبهدل!