يعود الخليفة اليوم إلى الواجهة، من خلال محاكمة، تقول هيئة دفاعه إنها ستكشف لأول مرّة حقائق خطيرة (..)، قد تأتي على لسان "البيغ بوس" مؤسّس ومدمّر أغرب إمبراطورية من ورق تمّ تشييدها فجأة ودون سابق إنذار فوق رمال متحرّكة ! وتشاء الصدف، أو البرمجة، أن تتقاطع إعادة فتح ملف "فضيحة القرن" مع استمرار محاكمة فضيحة "الطريق السيار"، في انتظار افتتاح محاكمة فضيحة "سونطراك" في جوان القادم. والحقيقة أن هذه الفضائح "الكبيرة" والمذهلة، دوّخت الجزائريين، وربطت أيديهم وألسنتهم، وجعلتهم عاجزين عن الفهم والتحليل والمناقشة والتفسير، في ظلّ تناقضات ونزاعات، واتهامات وتوريطات، وشهادات واعترافات، كشفت المستور، لكنها أبقت الغموض والإبهام! لقد تحدّث المحامون كثيرا عن "الحوت الصغير"، أي إنهم أشاروا إلى وجود "حوت كبير". والحال، أن محاكمات الخليفة والطريق السيار وسوناطراك، وغيرها من القضايا التي كانت "فضيحة بجلاجل"! نعم، السارق هو السارق، لكن لن يستوي سارق الدينار مع سارق المليار والبازار، مثلما لن يستوي سارق الحجرة مع سارق البقرة. ومع ذلك، فإن القانون لا يحمي كذلك المغفلين! قديما قالوا: الطمع يفسّد الطبع، والحقيقة أن هذه المقاربة، أدخلت الكثير من "الضحايا" و"الأضاحي" إلى السجن، وورطت البعض الآخر من الطمّاعين والجاهزين للالتحاق بقوافل "الباندية" والمفسدين! مصيبة المصائب أن الفساد تحوّل إلى "صناعة" بالنسبة إلى أفراد وجماعات، "ما تخافش ربّي"، وتتحايل على القوانين، تنتحل الصفات، تخطط وتهندس وتنفذ وتورّط معها "أبرياء" أو "مغفلين" فتنهب بهم ثم تنفض أيديها منهم عندما تُكتشف الجريمة ويبدأ التحقيق! صدق رجال القانون، عندما يتهمون الفساد بضرب سمعة الجزائر، وتحريض المستثمرين والمجمّعات الأجنبية على الفرار من الجزائر أو مقاطعتها، أو على الأقلّ الخوف والارتباك من دخولها! عندما يُلقى اسم الوزير والمدير والوالي والمير والغفير وبائع الشعير وسائق الحمير والبعير، في قلب محاكمات الفساد، فمن الضروري، ليس فقط دقّ ناقوس الخطر، وإنما التضرّع إلى الله العليّ القدير، ليرحمنا برحمته، ويرفع عنا هذه الكربة ويخلصنا من أخطبوط الفساد وتفريخ المفسدين.. اللهمّ آمين.