للإجابة على هذا السؤال، قد يقول رجل القانون نعم، لأن الاستئناف والطعن لدى المحكمة العليا حق تكرّسه قوانين الجمهورية بلا غبار ولا فلسفات.. لكن الجواب على ما إذا كان ملف الخليفة صالح لإعادة المحاكمة، ينبغي أن يُنظر إليه من زوايا أخرى وعناصر جديدة، هي اليوم إما غائبة تماما وإما ناقصة كانت ستُساعد على معرفة الحقيقة التامة والمطلقة، ومنها أن بعض الذين أدينوا مثلا في المحاكمات السابقة قد استأنفوا الأحكام الصادرة ضدهم وشرعوا في رد الاعتبار عبر العدالة ذاتها التي حكمت ضدهم. بل أعيد الاعتبار، لاحقا، بعد هدوء عاصفة المحاكمة لكثير من المدانين بعد خروجهم من السجن، والتحقوا بمناصب مختلفة، فما بالك بالذي كان مجرد شاهد. كما أن ملفات فروع الخليفة الأخرى لم تر النور لفتحها ومعرفة خباياها كملف خليفة للطيران وملف “الخليفة تي في"، وهما ملفان لو فُتحا كاستمرارية للملف الأم (الخليفة بنك) لكانا قد أنارا العدالة بكثير من المعطيات والدلائل التي تجعلها إما تذهب أبعد مما كان يعتقد الرأي العام، أو على الأقل إعادة تحقيق جذري في القضية، خاصة وأن الرأي العام كان قد عبّر عن شعوره بالاستياء لعدم سقوط الجزارين الحقيقيين والنهابين للمال العام، معتقدا بشكل جازم أن القضية برمتها بشهودها أو مدانيها، كانوا مجرد كباش فداء، ودعا الرأي العام ذاته من خلال استطلاعات الصحافة المنشورة، الأقلام الجريئة وغير الجريئة للتحقيق في فصيلة “الحيتان الكبيرة" التي كانت فعلا وراء الخليفة بنك والتحلي بالشجاعة في فضحها، إلا أن ذلك لم يحدث رغم مرور خمس سنوات عن المحاكمة، واقتصرت المحاولات على إعادة اجترار ما تداولته الصحافة خلال المحاكمة والتعليق عليه أو على التأريخ للمحاكمة وتحليل معطياتها، وعلى الأكثر، نشر بضعة كتب من هذه الزوايا. كما أن حالات التصفية النهائية غير منتهية تماما، ولا تزال حتى الهيئة التي كُلفت بإدارة أملاك الخليفة بنك، تعمل على استرجاع حقوقها لدى الغير من منقولات وعقارات وحتى أموال؟! وكان كبير المحامين الجزائريين، خالد بورايو، قد دعا، مؤخرا، إلى فتح ملفات وكالات تم استبعادها من القضية، لمعرفة أجزاء مظلمة من الحقيقة. ما سيحدث في الثاني من أفريل القادم، ليس إعادة للتحقيق كما يعتقد البعض، بل إعادة محاكمة على أساس قرار الإحالة السابق الذي استندت عليه فتيحة براهيمي القاضية الرئيسية ومحمد عبد اللي النائب العام لولاية البليدة، وإعادة مثول شهود أو مدانين أمام العدالة من أمثال سيدي السعيد أو أبو جرة سلطاني أو مدلسي... مربوط بالقضايا التي تم الاستئناف فيها، وليس بإرادة سياسية لإعادة المحاكمة أو التحقيق من جديد في فضيحة الخليفة بنك، وعلى ضوء هذه المعطيات التي تبقى تطبع ملف الخليفة، هل يصلح أن نسميها إعادة محاكمة؟