صندوق النقد الدولي انتقد "الغموض" الذي يلف دور البنوك العمومية طالب صندوق النقد الدولي، الجزائر بالإسراع في تحسين مناخ الأعمال، وتوضيح دور البنوك العمومية وتعزيز طريقة إدارتها التي تتسم حاليا بغياب الشفافية والغموض، مشيرا إلى ضرورة العودة لتنفيذ مسار خوصصة بعض البنوك العمومية، بغرض الاستفادة من نجاعة أساليب الإدارة والتسيير وفق المقاييس العالمية. وقال مجلس إدارة الصندوق في الوثيقة التي بعث بها إلى الحكومة الجزائرية في الأسبوع الماضي، عقب اختتام المجلس التنفيذي للصندوق لمشاورات المادة الرابعة مع الجزائر، إن تعديل شروط مزاولة الأعمال وفق البنود الجديدة لقانون المالية التكميلي لسنة 2009 بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ستكون له انعكاسات خطيرة على وتيرة الإصلاحات المالية والاقتصادية التي باشرتها الحكومة الجزائرية، مضيفا أن منع الاستثمارات الأجنبية من السيطرة على حصص أغلبية في مشاريع بالجزائر سيحد من استفادة الاقتصاد الجزائري من استثمارات جادة وكذا من تحويل التكنولوجيا . ويعتقد الصندوق أن إلغاء القروض الاستهلاكية (باستثناء القروض العقارية) يمكن أن يعرقل تنمية القطاع المالي، مطالبا صراحة بإلغاء القرار بمجرد بداية عمل مركزية المخاطر الخاصة بالقروض الاستهلاكية للأفراد. وتنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد على إجراء مناقشات ثنائية مع الدول الأعضاء في الصندوق كل سنة، حيث يقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة الدولة المعنية بغرض جمع المعطيات الاقتصادية والمالية اللازمة زمن تم إجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية، وبعد عودة الخبراء إلى مقر الصندوق يقومون بإعداد تقرير يشكل أساس لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص، وفي نهاية المناقشات يقدم مدير عام الصندوق، بوصفه رئيس المجلس التنفيذي، ملخصا للآراء التي أعرب عنها المديرون التنفيذيون، ثم يرسل هذا الملخص إلى سلطات البلد المعني . وقال صندوق الأفامي، إن الجزائر سجلت عدة سنوات من النمو الاقتصادي القوي بفعل النفقات العمومية الضخمة، ولكنها بقيت تواجه تحديات مهمة وفي مقدمتها تحقيق نمو خارج قطاع المحروقات، معترفا بقدرة الجزائر على التحكم في الضغوط التضخمية، حيث بقي التضخم ضعيفا في مستويات أقل من 6٪، كما تمكنت الجزائر من تحقيق ادخار مهم في صندوق ضبط الموارد من أجل تمويل برنامج ضخم للاستثمارات العامة، بعد تخفيض حجم الديون الخارجية إلى مستويات ضعيفة جدا . وأوضح الصندوق أن تراجع الطلب العالمي على المحروقات كشف خسارة الجزائر وسارع إلى تأكيد هشاشتها، بسبب ارتباط اقتصادها المطلق بوضعية السوق النفطية العالمية وعائد صادرات البلاد من النفط والغاز، مضيفا أن تراجع البطالة ظاهريا لم يمكن البلاد من مجابهة ارتفاع نسب البطالة الهائلة في أوساط الفئات الشابة وخاصة أقل من 35 سنة التي تعتبر من أعلى النسب في العالم بمعدلات تتجاوز 70٪، مضيفا أن الإنتاجية ومناخ الأعمال في الجزائر سجلا تأخرا كبيرا بالمقارنة مع أهم شركاء الجزائر التجاريين. وأكد الصندوق، أن عجز الميزانية بلغ 8٪ من الناتج الداخلي الخام السنة الفارطة، وهي نفس النسبة من الفائض المسجل سنة من قبل، أي سنة 2008 . وتوقع خبراء صندوق النقد بعد تحليلهم للوضع الاقتصادي والظرف المالي للجزائر، أن يسجل الناتج الداخلي الخام خارج المحروقات 5.5 % سنة 2010، فيما سيتراجع إنتاج المحروقات هو الآخر بسبب التوجه التصحيحي للاقتصاد العالمي، فيما سيسجل التضخم معدلا في حدود 5٪ في حال تسجيل استقرار في أسعار المنتجات الفلاحية الطازجة . وصف صندوق النقد الدولي الإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الحكومة الجزائرية بالمحتشمة جدا، مما يتطلب من الحكومة جهدا أكبر لتطوير عمليات الإصلاح وتعميقها وزيادة وتيرتها والعمل بشكل أحسن على تطوير المنظومة البنكية والعمل على تعزيز نجاعة النفقات العمومية وتعزيز رأسمال البنوك والحد من حجم الديون غير المضمونة، وإعادة الهيكلة المالية للشركات العمومية وتحسين أسلوب تسيير نظام الموازنة بالموازاة مع تذليل العقبات وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة وآليات الاندماج في الاقتصاد العالمي.