تتعدد تقاليد وعادات سكان قرى ومداشر ولاية البويرة في الأعراس، لتعكس غنى وتنوع ثقافته، لكن كثيرا ما يواكب هذا التنوع في التقاليد والعادات المتبعة في الاحتفال بالزواج بعض الأحداث الطريفة، وأحيانا المحزنة التي تغير أجواء الاحتفال والتي يتأقلم معها المدعوون رغم غرابة بعضها. طلبت عروس السبت الفارط من أهلها ضرورة إحضار محضر قضائي، ليس من أجل حضور عرسها ومشاركتها فرحتها، بل لتدوين قائمة الأفرشة والألبسة والتجهيزات المنزلية التي تقوم بنقلها إلى البيت الزوجية، لكن والد هذه الأخيرة رفض بشدة هذا الطلب "الغريب"، غير أن العروس أصرت على طلبها ووصل بها الأمر حد البكاء، ما جعل المدعوين يتدخلون لتغيير موقف الوالد والذي اتصل قبل فوات الأوان بالمحضر القضائي لإنجاز مهمته، ولما استفسر البعض عن هذه "الخرجة "أكدت لهم العروس أنها عاشت تجربة قاسية مع طليقها الأول كونه منعها من استعادة ممتلكاتها من بيت الزوجية، مدعيا أنه هو الذي من قام باقتنائها، فقام ببيع كل ما خف وزنه وغلى ثمنه. وعادة ما يواكب التنوع في التقاليد والعادات المتبعة في الاحتفال بحفل الزواج بالبويرة تنوع في الموروث الغنائي الذي يشكل أساسا رئيسيا في الحفل، حيث أن الأعراس لديها طابعا غنائيا خاصا يتراوح ما بين العصري من خلال أغاني "الراي" و"الشرقية" و"الغربية" والتقليدي الذي توارثته الأجيال، غير أن هذا الأخير يبقى النوع البارز، ذلك أنه يحافظ على الهوية الثقافية للسكان، ولا شك أن لكل منطقة بالبويرة طابع غنائي خاص، الأمر الذي لا ينفي حضور أشكال غنائية أخرى التي تتراوح ما بين الأمازيغية والعربية، إذ أن اللغتين تنصهران معا لإضفاء جو الحماسة والمتعة على العرس ويشكل كبار السن قطبا هاما في كل مناسبة، لما يضفيه حضورهم للأعراس جوا من المرح والبهجة، وتعتبر عادة لحظة اجتماعهم في بيت العرس من أجمل اللحظات للاستمتاع وتغيير الروتين بامتياز، خاصة عندما يقوم العجوز بإرغام زوجته على الرقص معه "رقصات غريبة" في أجواء مرحة على أنغام "اطبالن" وهي أحسن فترات يتمتع فيها كل المدعوين والذين يجدون أنفسهم يرقصون بعفوية في سهرة تدوم أحيانا ليلة كاملة، فيتزاحم الشباب في الساحة مبدعين أغرب الرقصات... في حين تتخذ بعض النساء لهن مكانا خاصا، وتعملن جاهدات على حجب وجهوهن على "الكاميرامان" الذي يعمل على نقل أحداث العرس بتفاصيلها لتظل الذكريات راسخة، لكن مؤخرا حدث بالبويرة ما لم يكن أحد يتوقعه، حيث سقط شيخ أرضا عندما كان ينافس بعض الشباب في الإبداع في الرقصات وأغمي عليه ليتم نقله وهو في حالة حرجة إلى المستشفى، أين ما يزال في حالة غيبوبة رغم مرور على الحفل أكثر من أسبوع. وخلال الاحتفال بالزواج تحدث الكثير من الحوادث المحيرة المبكية منها والمضحكة، من بينها ما حدث لعروسة من ضواحي العجيبة يوم عرسها، حيث أنه وبمجرد أن حان موعد رحيلها تقدم منها العريس من أجل إخراجها من بيت أهلها، حيث طلبت إحدى قريبتها من العريس وضعها في "صندوق" استعارة على وضعها في قلبه، وهذا يدل على حسن المعاشرة، لكن هذه الأخيرة بكت بحرقة عندما سمعت كلمة "الصندوق"، أما عروسة أخرى فقبل رحيلها من بيت أهلها تقدم منها زوجها ليشربها حليبا وهي تطعمه تمرا، لكن هذه الأخيرة رفضت شرب الحليب بعد أن وجدت داخله ذبابة تسبح، رغم أن العريس أقنعها أن الحليب دليل على صفاء النية والتمر يدل على حلاوة الحياة، كل هذا يعبر عن رمزية رومانسية يُنتظر من العريسين أن يعيشانها في حياتهما، أما العوانس عادة ما يتشاجرن على أكل ما تبقى من تمرات، وشرب ما بقي من حليب ويقال لهذه المسألة "الفال" وأملهن أن يعشن نفس التجربة. وعادة ما تأتي لحظة تبادل الحليب والتمر بين العريسان اللحظة الأخيرة وتتبعها لحظة الوداع التي تترك بالغ الأثر على قلب العروسة وفؤادها، إذ تودع أهلها والدموع تغمر عينيها بالطبع من شدة الفرحة وتتوجه في موكب من السيارات المتنوعة إلى بيتها، لكن إحدى الفتيات التي تزوجت مؤخرا حدث لها ما لم يكن في الحسبان فبمجرد ركوبها السيارة المزينة إلى جانب زوجها، انطلق السائق كالبرق في مقدمة الموكب وشرع في الضغط على بوق السيارة، وتتبع سيارة العريسين عدة سيارات أخرى، لكن سيارة العروسين أصابها عطب في منتصف الطريق بسبب كثرة "الدودانات" بوسط مدينة البويرة ما أرغمهما على تغيير السيارة. وعادة يجد من يبحث في تقاليد الزواج لدى سكان قرى ومداشر ولاية البويرة الكثير من العادات المختلفة التي ما تزال طاغية على احتفالات السكان بأعراسهم، وهي عادات تجتمع في هدفها لإعطاء كل ارتباط جديد بين الرجل والمرأة، فمثلا في بعض المناطق على غرار حيزر وتغزوس وامشدالة تغطي العروس عندما تخرج من بيت أهلها رأسها بقطعة قماش سوداء حتى تستر نفسها تعبيرا عن حيائها، وهو الحياء المفروض اجتماعيا في بعض المناطق، حيث تفرض هذه التقاليد نفسها على العروسين وتدفعهما إلى التعبير عن خجلهما وحيائهما، كما تقوم عادة عائلات العرسان بالاحتفال بالعرس في حفلات عائلية تحفل بالعادات والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين، ويأتي حرصهم على ممارسة هذه العادات، لكن البعض من هذه العادات الجميلة أصبحت اليوم مجالا للتباري والمنافسة بعد أن غلب الاحتفال لدى بعض العائلات طابع المبالغة والتباهي لتأكيد المكانة الاجتماعية ومستوى العلاقات التي تملكها الأسرة، حيث عادة ما يطغى التقليد الأعمى على احتفالات الكثير من العائلات بأعراسهم بدءا من اختيار نوع اللباس والحلويات والمأكولات التي تقدم للضيوف ومكان قضاء شهر العسل. ففي إحدى الحفلات التي أقيمت مؤخرا بإحدى بلديات البويرة، وبينما كان أقارب العروسين يرقصون على أنغام الفرقة الفلكلورية "اطبالن" التي عادة ما تعطي العرس نكهة خاصة وهذا إكراما للعروسين وتعبيرا عن حبهم وتقديرهم لهما، دخلت والدة العريس إلى المطبخ لتكتشف ما لم تكن تنتظره، حيث قامت مجموعة من القطط بالتهام اللحم الذي تم تحضيره للمدعوين، ما جعلها تدخل في حالة غضب شديدة لتقرر بعد ساعات متأخرة من الليل تحضير طبق البطاطا المقلية بالبيض، وهو ما أسعد الأطفال دون غيرهم. أما عروس أخرى بالبويرة رفض والدها إخراجها من بيته وهذا كون العريس حضر وهو مخمورا، ما أغضب الوالد الذي اتخذ قراره الذي فاجأ الجميع، مؤكدا لهم أنه لا يسمح بزواج ابنته من رجل يفقد صوابه الخمر فقام بطرده من القرية.