يعيش أطفال ولايات الجنوب معاناة حقيقية، خلال أشهر العطلة الصيفية، جراء الانعدام الشبه تام للمرافق الترفيهية من جهة، ونقص الحصص الخاصة بالمخيمات الصيفية الموجهة لأطفال الجنوب، والتي لا تتجاوز نسبة 1 بالمائة من إجمالي عددهم من جهة أخرى. لا يختلف حال أطفال الوادي وإيليزي وتمنراست وبشار ولا غيرها من باقي ولايات الجنوب في هذه الوضعية التي يستقبلون بها كل صيف، إذ يجدون أنفسهم أمام حلول محفوفة بالمخاطر، خاصة في ظل البيئة القاسية التي تطبع المنطقة في فصل الصيف، أين تصل درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، تتجاوز الخمسين درجة تحت الظل في بعض الأحيان، ويبدأ أطفال الجنوب يومهم في العادة بعد صلاة الفجر تماما، إذ يتلقون ما تيسر من القرآن في الكتاتيب والمدارس القرآنية حتى حدود الساعة الثامنة صباحا، أين يحين موعد الخروج منها، ويبدأ البحث عن فسحة ومجال للعب والترفيه، إذ غالبا ما يلجؤون إلى الألعاب التقليدية والتي لا تعتمد على الحركة كثيرا بحكم ارتفاع درجة الحرارة، وخوفا من تعرضهم لضربات الشمس، كما أن جزءا منهم يتجه للسباحة في البرك المائية أو أحواض السقي الموجودة في المزارع والبساتين، أين يكون الأطفال عرضة لجملة من المخاطر التي تصل حد الوفاة، وتشير الإحصائيات المتوفرة لدى "الشروق" أن عشرة أطفال يلقون مصرعهم في هذه البرك غرقا، أو موتا بحوادث السير خلال لعبهم بالدراجات الهوائية في الطرقات. أحد الأطفال قال ل "الشروق"، إنه يعلم بخطورة السباحة في البرك، لكنه يقول إنه مجبر على فعل ذلك، في ظل انعدام المسابح ففي مدينة عين صالح التي تعد ثاني أكبر تجمع سكاني في ولاية تمنراست بعد عاصمة الولاية، يتواجد مسبح وحيد لحوالي 40 ألف نسمة، حتى مبلغ الدخول للمسبح يقدر بحوالي 100 دج، وهو ليس في متناول الجميع، فهل يقدر أب لخمسة أطفال على دفع 500 دج يوميا لكل أولاده ليسبحوا؟، كما أن الغالبية العظمى من بلديات الجنوب لا تتوفر بها مسابح تابعة لقطاع الشباب والرياضة، مما يجبر العديد من الأطفال التنقل لمسافات بعيدة للسباحة فيها. واستغرب العديد من المواطنين ما تقوم به المجالس المنتخبة في كثير من بلديات الجنوب، والتي تعمل بطريقة أو بأخرى على حرمان الأطفال من حقهم، في اللعب من خلال مخططات شغل الأراضي، ففي حي 5 جويلية بعين صالح مثلا، تم بيع ساحة اللعب الخاصة بالأطفال لأحد التجار، حسب سكان الحي، وهو ما أجبر أبنائهم على اللعب على قارعتي الطريق الوطني، رغم خطر مرور شاحنات الوزن الثقيل، حيث تعرض العديدين منهم إلا حوادث مرورية أودت بحياة البعض منهم. هذا الوضع أجبر الأولياء على منع أبنائهم من الخروج من المنازل، حيث بات الأطفال مجبرين على مشاهدة أفلام العنف بكل ما تحمله هذه الأخيرة من تأثيرات سلبية على سلوكيات الأطفال. ويشتكي عديد الأولياء في ولايات الجنوب من ضعف الحصص الموجهة لهذه الولايات في إطار برامج التخييم الشباني، إذ لا يستفيد منها سوى الواحد بالمائة فقط تذهب كلها لأطفال بعينهم، فيما يحرم منها أبناء أسر معوزة لا مصدر رزق ثابت لها، وهو رقم هزيل، لا يستجيب لتطلعاتهم وغالبا ما يجدون مشكلة في إقناع أبنائهم بأنهم غير قادرين على التخييم في ولايات الشمال.