عملية ترحيل سكان ديار الشمس / تصوير: علاء بويموت تجسّد أمس حلم 205 عائة كانت تقيم بالحي الفوضوي بديار الشمس بالعاصمة، حيث تم ترحيلهم من أكواخهم إلى شقق بحي الطاهر بوشات بتقصراين ببلدية بئر خادم على وقع زغاريد وهتافات ثناء على الرئيس.. لم يكن يتصور مواطنو حي ديار الشمس أن السّلطات المحلية ستفي بوعدها وترحلهم من أكواخ تنعدم فيها أدنى ضروريات العيش الكريم.. ثم تحوّلوا بين ليلة وضحاها إلى شقة من ثلاث وأربع غرف مزوّدة بمختلف الخدمات بحي الطاهر بوشات بتقصراين ببئر خادم، في انتظار استكمال الشطر الثاني من العملية يوم غد وتخص 307 عائلة تقيم ب5عمارات بحي ديار الشمس، سيتم ترحيلها إلى شقق من غرفتين وأربعة غرف بحي جنان سفاري ببئر خادم. وأكّد الوالي المنتدب لدائرة سيدي أمحمد الذي أشرف على عملية الترحيل أمس، خلفي محمد العيد، أنه بعد الإنتهاء من هذه المرحلة وبعد تطهير الحي من ردوم البنيات الفوضوية ستنطلق أشغال إعادة تأهيل الحي من قبل ديوان الترقية والتسيير العقاري لحسين داي، وأن العدد الكبير من مجموع 40بالمائة من ملّاك العمارات تنازلوا على سكناتهم مقابل شقق بأحياء أخرى. وقد خصّصت لعملية الأمس ما يفوق 100شاحنة تكفّلت بنقل أغراض السكان المرحّلين وحوالي 400 عون من البلدية والدائرة الإدارية وديوان الترقية، إلى جانب عشرات الشاحنات المدججة بأعوان الشرطة والراجفات المخصصة لهدم البنايات القصديرية، انطلقت ليلة أول أمس ولم تتمكّن من استكمال المهمة إلى غاية ساعة متأخرة من يوم أمس. وقد استحسن معظم العائلات الشقق التي استفادوا منها واستقبلونا بالحلويات عوض الشكاوي والطعون التي ألفناها في مناسبات كهذه. استقبال لأعوان الأمن بالقهوة والشاي عوض الحجارة والزجاج على غير العادة وفي عملية ترحيل هي الأولى من نوعها بالعاصمة اختار أصحاب البنايات الفوضوية بديار الشمس الذين كانوا وراء أحداث الشغب التي عاشتها المنطقة منذ حوالي ثلاثة أشهر استقبال أعوان الشرطة وقوات مكافحة الشغب بالقهوة والشاي وما لذّ وطاب من الحلويات عوض الحجارة وقارورات المولوطوف التي خلّفت الجرحى من كلا الطرفين. فرحة الترحيل ترجمتها زغاريد النساء والتّلويح بالأعلام الوطنية من قبل عشرات من الشباب والأطفال، والبعض راح يسترجع معنا مآسي تلك الأكواخ الشبيهة بإسطبلات الحيوانات بالدّموع والحسرة، بعضهم فقَد هناك أعزّ قريب لهم وبعضهم عاث في جسد أبنائهم المرض والأوبئة الخبيثة، لكنهم لم يختلفوا في شيء واحد وهو الثناء والشكر لرئيس الجمهورية الذي كان عند وعده ومنحهم الأمن الآمان. تنقّلنا إلى حي ديار الشمس في الساعات الأولى من صبيحة أمس أين لاحظنا اختناقا في حركة المرور على بعد أمتار من موقع ديار الشمس، رغم أن عملية ترحيل الأمتعة من طرف عشرات من الشاحنات كانت ليلة أول أمس، وما إن اقتربنا حتى أُذهلنا بصورة التضامن التي ميّزتها والتي لم تعكّر صفوها الأمطار التي تهاطلت في تلك الفترة، فالمعنيون بالترحيل كانوا يجمعون أغراضهم الثانوية بمساعدة شباب العمارات المحاذية للبنايات القصديرية الثانوية، فيما انهمك أعوان البلدية في هدم الأكواخ. أكواخ ديار الشمس هي قصة الجرذان والأمراض والفضلات الحيوانية لم نكن نتصوّر الجحيم الذي ظل يراود تلك أصحاب تلك الأكواخ والسبّب الرئيسي الذي دفعها إلى غلق الطريق الوطني وشن أعمال تخريبية كانت حديث العام والخاص على مدار أسابيع وشهور، لكنّنا تحققنا من ذلك لأن القذارة المحيطة بالأكواخ أزاحت شكوكنا، النفايات بكل أنواعها ملقاة هنا وهنا والمياه القذرة المختلطة بالماء الصالح للشرب شكّلت مستنقعات من البرك زادتها قذارة الفضلات البيولوجية في غياب المراحيض ودورات المياه، الأمر الذي جعلها قبلة للكلاب الضالة والجرذان والحشرات بمختلف أنواعها. قصة مؤثّرة جدا تلك التي سردتها علينا واحدة من أقدم العائلات بحي ديار الشمس دفعت بها أزمة السكن إلى إنجاز كوخ محاذي للعمارة التي يقيم بها أحد أفراد العائلة تزوج في الكوخ، لكن القدر فرّقه مع زوجته التي توفيت بمرض السرطان بسبب مادة الأميونت، وراح يسترجع ذكرياته معها بالدموع، لكن مع ذلك يقف صامدا ويصرّح "هذه سنة الحياة.. نحن كنّا نخمد نار الفتنة بحي ديار الشمس، ونحن من أعاد المياه إلى مجاريها، الحمد لله والشكر والتقدير لرئيس أمن الدائرة و كل المسؤولين الذي كانوا وراء هذا المشروع" وقصة هذه العائلة شبيهة بعشرات المواطنيين الذين أصيب أبناؤهم بأمراض الربو والحساسية بفعل الأوساخ والرطوبة وتسرّب الأمطار. بالمقابل، كانت الصورة مخالفة تماما بحي الطاهر بوشات، الكل كان فرحا والكل كان ينادينا لنتذوّق بركة السكن الجديد، وفي لحظة قصيرة تناسوا كل المآسي والمعاناة، قمنا بزيارة بعض الشقق ذات 3 غرف، لكن للأسف لم يسعفنا الحظ مشاركة المستفيدين فرحتهم لأن الوقت داهمنا.