فقدت الجزائر خلال سنة 2016 العديد من الأسماء التي نقشت بصمتها في المشهد الثقافي، حيث فُجعت الساحة برحيلهم تباعا، ومن الأديب والإعلامي الراحل الطاهر بن عيشة، والدبلوماسي والكاتب، محمد الميلي الذي وافته المنية الخميس الماضي، غادر العديد من أهل الثقافة والفن والإعلام. وكانت البداية يوم 2 جانفي 2016، برحيل الأديب والإعلامي والمفكّر، الطاهر بن عيشة، عن عمر ناهز 91 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، تاركا ورائه رصيدا إبداعيا ضخما على أكثر من صعيد. وولد الطاهر بن عيشة في مدينة "قمار" التابعة لولاية وادي سوف عام 1925، وبعد التعليم الابتدائي انتقل عام 1942 إلى جامع "الزيتونة" بتونس ليتعلم علوم الدين وعاد إلى الجزائر العاصمة بداية العام 1949. وبدأ الطاهر بن عيشة عمله الصحفي سنة 1940 ما جعل سجل الراحل يحفل بالآلاف من المقالات قبل أن يلتحق بعد الاستقلال بالإذاعة والتلفزيون. وكانت له منذ شبابه الأول عدة مؤلفات غزيرة عن الحضارة الإسلامية في الجزائر والإسلام في آسيا الوسطى وإفريقيا لا سيما غرب القارة السمراء، كما حرص من اعتبر نفسه "شيوعيا" على التوثيق بالصوت والصورة من خلال أسفاره الكثيرة التي جاب فيها العالم واستحق عنها لقب "الرحّالة" الذي كان مسكونا بهاجسي الكتابة والتوثيق. وزار الكاتب العديد من البلدان وتكونت لديه ثقافة كبيرة حتى وصف ب"الموسوعة المتنقلة"، كما التقى بكبار الكتاب العرب والأجانب ومختلف الشخصيات السياسية والتاريخية طيلة مسيرته التي لم يكتب لها أن ترى النور في مذكرات ظل يحلم بصدورها. وفي 3 نوفمبر الماضي، توفي مطرب الأغنية الأمازيغية، لوناس خلوي، عن عمر يناهز 66 سنة بالمركز الاستشفائي الجامعي نذير محمد بتيزي وزو. وتناول الفنان الراحل الوناس خلوي مواضيع عدة تنوعت بين القضايا الاجتماعية، الحب والوطن، استطاع من خلال كلماته الأصيلة والنظيفة من أن يكسب حب الجمهور، وهو الذي بدأت يداه في مداعبة والعزف على آلة المندول في سن ال16 من عمره. فلم تكن 39 سنة من العطاء الفني للفقيد كافية بالنسبة إليه لإمتاع جمهوره، وهو الذي كان يؤمن بالمزيد من العطاء بدليل وفاته وهو بصدد التحضير لإطلاق البوم جديد. وتوفي يوم 5 ماي 2016 الباحث في علم النفس الاجتماعي، الأستاذ الجامعي الدكتور سليمان مظهر عن عمر يناهز 72 عاما. واشتغل البروفيسور الراحل على الظواهر النفسية الاجتماعية في المجتمع الجزائري خصوصا وما يسميه "النظام الاجتماعي التقليدي" عموما، ويعرف عنه غزارة العلم وعمق التحليل، كما يشهد به طلبته في جامعة الجزائر 2 التي حاضر بها عشرات السنين إلى أن وافته المنية. وخلف الفقيد إرثا فكريا وثقافيا ثمينا، من خلال عدد من المقالات والدراسات والكتب، مثل: العنف الاجتماعي في الجزائر، أساطير من الشرق، نظرية المواجهة النفسية الاجتماعية وغيرها. وتوفي الدكتور بوعلام بسايح، يوم 28 جويلية الماضي، عن عمر ناهز 86 سنة. وولد بوعلام بسايح عام 1930 في ولاية البيض، وهو سياسي وكاتب، وكان عضواً بالأمانة العامة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية من 1959 إلى 1962. وشغل بسايح منصب سفير بعدة عواصم، وهي برن والفاتيكان والقاهرة والكويت والرباط، قبل أن يصبح الأمين العام لوزارة الخارجية في 1971. وفي 1979 دخل الحكومة حيث أشرف على عدة حقائب وزارية بحيث عين على التوالي وزيراً للإعلام، ووزيراً للبريد والاتصالات، ووزيراً للثقافة، قبل تعيينه على رأس وزارة الخارجية عام 1988. كما شارك في هذا الصدد ضمن اللجنة الثلاثية "الجزائر-المغرب-السعودية" التي أقرتها القمة العربية بالدار البيضاء في الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية في لبنان. في 1997 عُين بسايح عضواً بمجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي، قبل انتخابه رئيساً للجنة الشؤون الخارجية بالغرفة الثانية للبرلمان الجزائري. كما شغل بسايح في سبتمبر 2005 منصب رئيس المجلس الدستوري.
بلجرب ونبيل فارس.. فنان وعالم يغادران في يوم واحد وغيب الموت يوم 30 أوت الماضي، الفنان والموسيقار، إبراهيم بلجرب عن عمر ناهز 69، إثر سكتة قلبية. وولد إبراهيم بلجرب في 18 أفريل 1947 بالجزائر العاصمة وكان لديه مسار فني حافل اشتغل خلاله على ترقية الفن الأندلسي في الجمعيات والمؤسسات التي مر عليها. وتتلمذ الراحل لدى عبد الكريم الحبيب العازف والمؤلف الموسيقي الذي تلقى لديه دروس العزف على آلة العود من 1964 إلى غاية 1968، ليلتحق بالموصلية، حيث تتلمذ على عدد من مشايخ الأندلسي من بينهم الموسيقار سيد أحمد سري "1926-2015". وفي سنة 1973 بدأ مرحلة جديدة في عالم الفن بالتحاقه بالغرناطية بالقليعة أين أصبح مدرسا وقائد جوق في هذه الجمعية التي ترأسها إلى غاية 1993، وكان الفقيد مؤسس جمعية الفن الأصيل لمدينة القليعة سنة 1998 التي فتحت مدرسة لتعليم مبادئ الفن الأندلسي، وضمت في عضويتها عددا من الفنانين المحترفين. وفي نفس اليوم انتقل إلى ذمة الله الكاتب والعالم النفساني الجزائري نبيل فارس، بباريس عن عمر يناهز 76 سنة. والكاتب نبيل فارس من مواليد سنة 1940 بولاية سكيكدة وهو ابن عبد الرحمان فارس رئيس سابق للحكومة المؤقتة الجزائرية سنة 1962 غداة الاستقلال. وبعد إنهاء دراسته الثانوية ببن عكنون (الجزائر العاصمة)، درس نبيل فارس الفلسفة وعلم الديانات والأدب بجامعة الجزائر. وخلال حرب التحرير شارك الفقيد في إضرابات طلبة الثانويات سنة 1956 قبل أن يلتحق بصفوف جبهة التحرير الوطني. ودرس نبيل فارس المتحصل على شهادة دكتوراه دولة في الأدب, بكل من الجزائر و فرنسا حيث عمل أستاذا محاضرا بجامعة غرونوبل (فرنسا). ونشرت مقالاته في مجال علم النفس في مجلة "شيمار" ومجلة جمعية علماء النفس. كما نشر الكاتب والشاعر والمفكر والدرامي البارع نبيل فارس العديد من الأعمال ترجمت ثلاثة منها إلى اللغة الانجليزية. وتوفي الكاتب والشاعر والجامعي حميد ناصر خوجة، يوم 16 سبتمبر الماضي، عن عمر يناهز 63 سنة بعد مرض عضال. وولد حميد ناصر خوجة في 25 جانفي 1953 بمدينة الأخضرية وزوال تعليمه في الابتدائي والثانوي بالجزائر العاصمة، ثم التحق بالمدرسة الوطنية للإدارة وبعد التحرج عمل في الإدارة المحلية قبل أن يختار الجامعة، حيث عيّن على رأس معهد الأدب واللغات بالمركز الجامعي للجلفة. واهتم الفقيد الذي كان أيضا شاعرا بأعمال الشاعر الجزائري جان سيناك، حيث خصص له الكثير من إصداراته التي من بينها "موسوعة الشعر الجزائري الجديد" التي ساهم في انجازها إلى جانب كل من الراحلين يوسف سبتي وحميد سكيف وآخرين. وقام حميد ناصر خوجة في 1999 بجمع كل دواوين سيناك في مجلد واحد، كما قام قدم أعمالا أخرى كثيرة من بينها مؤلف بعنوان "البير كامو -جان سيناك أو الإبن المتمرد" إلى جانب إسهاماته النقدية في الصحافة وخلال الملتقيات الجامعية. وتوفي يوم 22 نوفمبر الماضي، الملحن السوري الكبير، تيسير عقلة، بالعاصمة البلجيكية بروكسل، أين كان يخضع للعلاج، عن عمر ناهز ال77 سنة. ويعتبر الراحل صديق للجزائر وللثورة الجزائرية، حيث عاش أزيد من ثلاثين عاما في الجزائر، ويعتبر واحدا من رواد الموسيقى العربية، وقائد أوركسترا، ولحن عدة أغاني وطنية خالدة،خصوصا للجزائر، على غرار أغنية "يا ثورة الأحرار" التي أدتها صليحة الصغيرة. وقد استقر تيسير عقلة في الجزائر منذ سبعينيات القرن الماضى، عندما جاء بكثير من الحب والتعلق بالثورة الجزائرية، وتزوج في الجزائر من الفنانة الراحلة نادية كارباش التي توفيت السنة الماضية. وفي 30 نوفمبر الماضي، توفي عميد أغنية الشعبي اعمر الزاهي، عن عمر ناهز 75 عاما، بمنزله بالجزائر العاصمة. وبدأ اعمر الزاهي - وهو أحد أعمدة الأغنية الشعبية العاصمية واسمه الحقيقي اعمر آيت زاي- مسيرته الفنية مع نهاية الستينات بتبني طريقة فنان كبير آخر هو بوجمعة العنقيس (1927-2015). وعرف الفنان ببساطته وتواضعه وبإحيائه لحفلات عائلية على مر أكثر من خمسين عاما من مساره الفني. وكان آخر ظهور له على الساحة الفنية في 1987 حين أحيا حفلا بقاعة ابن خلدون بالجزائر العاصمة .
وللأسرة الإعلامية نصيب من العزاء فقدت الساحة الإعلامية، في 23 نوفمبر الماضي، الإعلامي المخضرم، بشير حمادي، الذي وافاه الأجل، بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة، عن عمر ناهز ال65 سنة، إثر أزمة قلبية أصابته. وقد عمل المرحوم طوال مشواره المهني في عدد من الجرائد منها يوميتا الشعب والمساء، قبل أن يشارك في تأسيس العديد من الصحف آخرها يومية الحقائق التي كان مديرا لها. وتمكّن بشير حمادي على مدار مساره الإعلامي الطويل، من زمن الشعب والمساء، في أحادية الإعلام، ومرورا بجزائر اليوم والشروق اليومي، وانتهاء بصحيفته اليومية الحقائق، أن يخطف مكانا هاما ومتميزا، بسبب ثقافته الواسعة وإتقانه للغتين العربية والفرنسية، كما تكوّن على يديه المئات من الإعلاميين والإعلاميات، منهم من يصنع الآن ربيع الصحف والقنوات الجزائرية والعربية. وفقدت الساحة الإعلامية، في 27 سبتمبر الماضي، المدير الأسبق لوكالة الأنباء الجزائرية العيد بسي، الذي وفاته المنية عن عمر ناهز 72 سنة بعد مرض عضال ألزمه الفراش عدة أشهر. وولد الفقيد في 1944 بولاية الوادي وهو متزوج وأب لستة أطفال، وكانت له مسيرة صحفية ثرية حيث التحق بوكالة الأنباء الجزائرية وعمره لم يتجاوز 17 سنة، حيث كان يعمل ويواصل دراسته الجامعية في آن واحد. تدرج الفقيد في سلم المسؤوليات بالوكالة حتى عين مديرا عاما لها لمرتين في بداية التسعينات بعد أن شغل منصب مدير إعلام وقبلها رئيس تحرير عدة أقسام في الوكالة بالإضافة إلى مدير مكتب الوكالة بالكويت ومدير مصلحة الإعلام بالمجلس الشعبي الوطني. وعرف الفقيد بتواضعه وأخلاقه السمحة وتفانيه في العمل وتعامله مع الصحافيين خاصة خلال الأوضاع الصعبة التي مرت بها الصحافة الوطنية إبان العشرية السوداء. بعد التقاعد لم يتوقف الفقيد عن الممارسة الصحفية وشغل منصب مدير عام ومسؤول النشر يومية الأحداث التي كان له عمود يومي بها. وفي 28 أكتوبر الماضي، انتقل إلى رحمة الله، مدير ومؤسس وكالة "نيو برس"، وهاب هابت، عن عمر يناهز 55 عاما، بعد تعرضه لأزمة قلبية بقر سكناه بفندق المنار سيدي فرج، قبل أن يتم نقله إلى مستشفى زرالدة. واشتغل المرحوم مديرا للتصوير بجريدة لوماتان التي كانت تصدر باللغة الفرنسية بين 1990 و2004، ثم مراسلا لوكالات أجنبية. ويعد وهاب هباط، من بين أبرز وأفضل المصورين الصحافيين في الجزائر، حيث عمل في يومية لوماتان الناطقة بالفرنسية ومراسلا لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية من الجزائر، قبل أن يؤسس رفقة رفيق دربه المرحوم نبيل بلغول "نيو براس"، وهي الوكالة، التي أعطت بعدا احترافيا للعمل الصحافي في الجزائر. وأسس وهاب في 2013، "ميديا كلوب"، وهو فضاء أراد له ان يكون ملتقى الصحافيين والمصورين بديكور عصري ولمسة فنية لا يعرف سرها إلا وهاب وحده. ونُظم بالنادي، معارض لصور فوتوغرافية وأخرى لرسامين كاريكاتوريين، وكان بصدد الإعداد لمقهى أدبي من أجل إعادة الروح لدار الصحافة طاهر جاووت.
خشبة المسرح تبكي رماس و"عطا الله" وفي 25 نوفمبر الماضي، توفي الممثل والمخرج المسرحي، حميد رماس، بعد صراع طويل مع مرض عضال. حميد رماس واسمه الحقيقي محمد رماس، من مواليد 11 مارس 1949 بوهران، قدم العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية و المسرحية الهامة، وذلك بعد أن وقع في عشق الفن، والتحق بمعهد برج الكيفان عام 1967. ويعتبر حميد رماس أحد مؤسسي المسرح الشبابي عام 1973، وذلك رفقة نخبة من الممثلين الجزائريين البارزين على غرار سنية وفلاق وعميمر. وقد التحق الراحل بالمسرح الجهوي بعنابة وقسنطينة ليعمل ممثلا تحت إدارة مدير مسرح قسنطينة في ذلك الوقت الممثل القدير سيد أحمد أقومي. كما شارك حميد رماس في عدة أعمال سينمائية جزائرية، منها "حسان طاكسي" مع سليم رياض، وفيلم "رحلة إلى الجزائر" مع المخرج عبد الكريم بهلول و"عطور الجزائر" مع رشيد بلحاج". وتوفي الممثل والفكاهي، أحمد بن بوزيد المعروف باسم "الشيخ عطا الله"، يوم 2 نوفمبر الماضي، في حادث مرور بين بلديتي القرارة وزلفانة بولاية غرداية. ويمثل الشيخ عطا الله -وهو من مواليد الإدريسية بالجلفة في 1970- إحدى الأسماء الفنية الجزائرية البارزة في عالم الفكاهة وقد اشتغل سابقا كمنشط ثقافي بالقناة الثالثة للإذاعة الجزائرية قبل أن ينتقل إلى الفكاهة. قام الفقيد بأدوار في مسلسل وفيلم تلفزيونيين كما شغل منصب نائب بالمجلس الشعبي الوطني. رحل الإعلامي والناشط المسرحي فتح النور بن براهيم، في 7 ديسمبر الماضي، بعد صراع طويل مع المرض، بمستشفى خروبة بمدينة مستغانم، تاركا صدمة وفراغا رهيبين في الوسط الفني والمسرحي على وجه الخصوص. ويعد الفقيد من أبرز الوجوه المسرحية الجزائرية، حيث بدأ مشواره الفني بمدينة مستغانم والتي تخرج من مسرحها الهاوي ثم انتقل إلى المسرح الوطني بالعاصمة أين اشتغل إلى جانب الراحل، امحمد بن قطاف. واشتغل المرحوم بعد تخرجه، كأستاذ في اللغة الإنجليزية بمدينة مستغانم، ليتحول بعدها إلى وسيط بين المسرحيين والإعلام، فكان عضوا فعالا في العملية الإبداعية بمبنى بشطارزي.
العظماء يرحلون في صمت وتوفي عميد أغنية المالوف محمد الطاهر الفرقاني، يوم 7 ديسمبر الماضي، عن عمر ناهز 88 عاما بأحد مستشفيات باريس، بعد صراع طويل مع المرض. ومحمد الطاهر فرقاني من مواليد ماي 1928 بقسنطينة ينحدر من أسرة فنانين، حيث كان والده الشيخ حمو مطربا معروفا وملحنا وعازفا في طبع الحوزي، وبدأ محمد الطاهر بامتهان الطرز الذي كان فنا شائعا في مسقط رأسه قسنطينة، قبل أن يقتفى خطوات أبيه بداية من سن الثامنة عشر ليهب حياته للموسيقى. واستهل الفنان مشواره بالعزف على الناي قبل أن ينضم إلى جمعية "طلوع الفجر"، ليتعلم فيها مبادئ الطرب الشرقي فكان يؤدي بفضل صوته الدافئ والقوي قصائد أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ببراعة فائقة. وفي 1951 بعنابة حاز على الجائزة الأولى في مسابقة موسيقية، ليسجل بعدها ألبومه الأول فارضا نفسه به كمطرب شعبي وأستاذ في طبع المالوف. وفي 12 نوفمبر الماضي، توفيّ بالعاصمة الفرنسية باريس، الدكتور وعالم النفس والكاتب والفيلسوف الجزائري المغترب "مالك شبل"، عن عمر يناهز ال63 عاما، إثر مرض عضال. ويعتبر الراحل واحد من كبار المفكرين المختصين في علم الأديان والأنتروبولوجيا في العالم. وقد ولد مالك شبل بمدينة سكيكدة، عام 1953، زاول فيها دراسته الابتدائية وأكمل فيها تعليمه المتوسط، قبل أن ينتقل إلى مدينة قسنطينة، أين زاول تعليمه الثانوي، ثم الجامعي، قبل أن يعيّن أستاذا بذات الجامعة، ومن ثمّ تحول إلى العاصمة الفرنسية باريس، أين أكمل الدراسات العليا، وتمكّن عام 1980 من الحصول على شهادة الدكتوراه الأولى في علم النفس، من جامعة باريس 7. ولم يتوقف عند هذا الحدّ، بل واصل دراساته حتى تحصّل على دكتوراه ثانية في الأنتروبولوجيا والاثنولوجيا وعلم الأديان سنة 1982، ثم ثالثة في العلوم السياسية عام 1984، واشتغل في عدد من الجامعات الفرنسية، كأستاذ باحث ومحاضر في الدراسات العربية والإسلامية، قبل أن يعين في لجنة البحث العلمي في جامعة السوربون. اهتمّ الراحل مالك شبل، بالدراسات الإسلامية، وبلغت كتبه عن الإسلام 20 مؤلفا من بينها "العاشق للإسلام"، "الفكر العربي الإسلامي"، "تغيير الإسلام"، "الفكر العربي الإسلامي"، وكذلك "الإسلام والعقل معركة الأفكار". واختار الدبلوماسي والكاتب، محمد الميلي براهيمي، يوم الخميس 8 ديسمبر، للقاء ربه، عن عمر ناهز 87 بعد صراع طويل مع المرض. وفي مشوار المجاهد المرحوم العديد من الإسهامات في المجال الفكري والتربوي والإعلامي والعمل الدبلوماسي، حيث انخرط بعد تخرجه مباشرة في الخمسينات بشهادة اللسانس في التاريخ والجغرافيا في جمعية "شباب العلماء المسلمين" ودرس اللغة العربية في معهد ابن باديس بقسنطينة. وتولى المرحوم منذ سنة 1957 محمد الميلي مهام التحرير الصحفي بجريدة المجاهد اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني، ثم عيّن مديرا لنفس الجريدة، كما تولى المرحوم أيضا منذ سنة 1962 عدة مناصب مسؤولية في الإعلام منها مديرا ليومية جريدة "الشعب" الناطقة باللغة العربية ثم اسند له منصب مديرا في الشؤون السياسية لجريدة "المجاهد". وفي سنة 1967 تم تعيينه على رأس المدرسة العليا للصحافة ثم تولى منصب مدير إعلام بوزارة الإعلام آنذاك وكلف في الفترة مابين 1974 و1977 بمهام مدير عام لوكالة الأنباء الجزائرية. وفيما بعد أصبح المرحوم نائبا بالمجلس الشعبي الوطني ومسؤولا عن ملف التربية والإعلام والثقافة ثم عين عضوا في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني وذلك في الفترة مابين 1977 و1979. أما عمله في المجال الدبلوماسي منذ سنة 1979 تولى مهام سفير للجزائر باليونان ثم مندوبا دائما للجزائر في منظمة اليونسكو ليعين بعد ذلك سفيرا للجزائر بالقاهرة ثم وزيرا للتربية الوطنية. وللفقيد العديد من المؤلفات السياسية والأدبية منها "الفاشية العالمية الجديدة وكتاب تحت عنوان "تاريخ الجزائر مابين 1963 - 1964"، وكذا كتاب "الجزائر في مرآة التاريخ" وكتاب أخر بعنوان "ابن باديس" و"المواقف الجزائرية"...الخ. كما منحت للفقيد المجاهد ميدالية مقاوم أثناء الثورة التحريرية ووسام الاستحقاق الوطني سنة 1984.