خصصت صحيفة التايمز البريطانية، السبت، مقالاً افتتاحياً ومتابعة إخبارية لما تصفه بقيام تركيا باستبدال ضباط عسكريين موالين للغرب في مناصب دبلوماسية في أوروبا وحلف شمالي الأطلسي (الناتو) بآخرين متشددين ومؤيدين للنهج الروسي. وتنسب الصحيفة خبرها إلى مصادر أبلغتها بذلك، وقد دعم زعمها رسالة بريد إلكتروني مسربة تقول الصحيفة إنها اطلعت عليها. وتقول الصحيفة، إن ذلك جاء في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد حكم الرئيس رجب طيب أردوغان التي شهدتها تركيا الصيف الماضي، والتي أثارت مخاوف لدى الأتراك من أن قدرة حلف الناتو على الفعل بدت ضعيفة، الأمر الذي يصب في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب التايمز. وتقول الصحيفة، إن ضباطاً أتراك أعفوا مؤخراً من مناصب مهمة في الناتو قد كتبوا إلى كيرتس سكاباروتي، القائد الأعلى لقوات الحلف، محذرين من صعود "وطنيين متطرفين" في الجيش التركي، بحسب الرسالة المسربة إلى الصحيفة. وتقول الصحيفة، إن ضابطاً تركياً رفيعاً وقائداً في حلف الناتو كتب الأسبوع الماضي قائلاً: "أنا وزملائي الأتراك نلاحظ صعوداً كبيراً للمشاعر الوطنية المتشددة والمعادية للغرب في جيشنا وفي مؤسسات دولتنا". وأضاف "أن من المقلق جداً أن نرى بعض القادمين الجدد من تركيا إلى الناتو لديهم عقلية راديكالية وبعضهم يشكك بقيم الناتو بل وحتى يكره المنظمات الغربية، ويحمل مشاعر مؤيدة لروسيا والصين وإيران". وتقول الصحيفة، إن تحول أردوغان بعيداً عن الغرب باتجاه روسيا والصين يضر بفاعلية حلف الناتو الذي يعتمد على إجماع أعضائه ال28 في اتخاذ قراراته. "تطهير" وتضيف الصحيفة في مقال تحليلي أُرفق بمتابعتها الإخبارية، أن عملية التطهير تلك لم تقتصر على الناتو، بل أن أكثر من 100 من الملحقين العسكريين في السفارات التركية في العالم اخضعوا للتحقيق هذا الخريف، كما أمر دبلوماسيون بتفتيش منازل الملحقين في العواصم الأوروبية. وتشير الصحيفة إلى أن أنقرة استدعت 13 ملحقاً عسكرياً وأبلغتهم أنهم سينقلون إلى مناصب جديدة كجزء من التغييرات التي تجريها السلطات التركية بعد المحاولة الانقلابية. وتقول الصحيفة، إن الملحقين في روما والقاهرة وباريس استدعوا إلى اجتماع في وزارة الخارجية، لكنهم وجدوا الشرطة في انتظارهم عند وصولهم لاعتقالهم. وتضيف الصحيفة، أن تقارير تفيد بأن بعض الملحقين العشرة الباقين طلب اللجوء السياسي. وتنطلق الصحيفة في افتتاحيتها من هذا التقرير للتحدث عن أهمية تركيا للأمن في الغرب، إذ خدمت طوال فترة الحرب الباردة بوصفها حصن الناتو في مواجهة القوة السوفييتية في القوقاز وتأثيرها في الشرق الأوسط. وبعد انهيار الإتحاد السوفييتي، شكلت جبهة الحلف الشرقية في الحرب المطردة ضد "التطرف الإسلامي". ويعد الجيش التركي ثاني أكبر جيش في الحلف، وتبعد قاعدتها الرئيسية في إنجرليك 150 ميلاً فقط عن حلب وتضم 50 من الأسلحة النووية الأمريكية. وتقول الصحيفة، إنه خلال الأشهر الستة الماضية حقق الرئيس أردوغان والرئيس بوتين تراضياً سريعاً في أعقاب توتر العلاقة بين البلدين إثر حادثة إسقاط تركيا لمقاتلة روسية على الحدود التركية السورية في نوفمبر 2015. وترى الصحيفة، أن على الحلف تذكير تركيا بفوائد بقائها في الحلف الأمني الأغنى والأكثر قوة في العالم، ومن بين هذه الفوائد المشاركة في المعلومات الاستخبارية عن خطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والحصول على الأجهزة العسكرية الغربية المتقدمة والمساعدات ومقعد إلى جانب القوة العسكرية الكبرى في العالم. وتضيف افتتاحية الصحيفة، أن العلاقات التركية الأمريكية كانت ستصبح متوترة لو أن هيلاري كلينتون وصلت إلى سدة الرئاسة الأمريكية بسبب تعاطفها مع القضية الكردية، لكن مع وصول ترامب يبدو الوضع مختلفاً، إذ يعد مستشاره للأمن القومي، الجنرال المتقاعد مايكل ت. فلين، داعماً للرئيس أردوغان وكان من الناشطين في حملات الضغط لدعم حكومته.