«معركة حلب الكبرى» تقودها «جبهة فتح الشام» والأمريكان غضوا الطرف عن مشاركة «الجبهة» تركزت اهتمامت الصحف الغربي يوم أمس على الشأن السوري وخاصة المعارك الجارية في مدينتي حلب ومنبج، وتناولات الصحف بالتحليل ايضاً زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى روسيا ولقاءه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن في سان بطرسبرغ. تحت عنوان «معركة حلب الكبرى» كتبت كاثرين فيليب مقالاً تحليلياً مطولاً في صحيفة «التايمز» البريطانية، تحدثت فيه عن المعارك التي دارت في مدينة حلب والجماعات والاطراف التي شاركت في هذه المعركة. وجاء في المقال على لسان الكاتبة انه «بغض النظر عن المنتصر في هذه المعركة فان هناك فريقاً واحداً فقط لديه اسبابه الخاصة للاحتفال». وقالت الكاتبة انه بعد أيام قليلة من انشقاق «جبهة النصرة» عن تنظيم «القاعدة» رسمياً، فإنها استطاعت قيادة المعركة مع باقي الفصائل السورية المعارضة ونجحت في كسر الحصار المفروض على شرق مدينة حلب لمدة شهر من قبل القوات الموالية للنظام السوري. وأكملت ان توقيت شن عملية تحرير مدينة حلب وكسر حصارها من المعارضة لم يكن عبثياً، إذ ان هذا الانتصار يوفر لها – أي «جبهة النصرة» – حملة دعائية هامة في اعقاب تخليها عن تنظيم «القاعدة» وتغيير اسمها الى «جبهة فتح الشام». وأوضحت كاثرين ان «جبهة فتح الشام» كانت سعيدة وفخورة بالدور الذي لعبته في كسر الحصار عن حلب، بعد منع الامدادات الانسانية عن حوالي ثلاثمائة الف مواطن سوري يسكنون في تلك المنطقة. وتابعت بالقول ان «جبهة فتح الشام» نشرت مباشرة صوراً درامية توثق لحظة اختراق الشاحنتين المفخختين لمواقع القوات الموالية للنظام السوري اضافة الى نشرها صور الاحتفالات بكسر الحصار عن ذلك الجزء من المدينة. واختتمت الكاتبة قولها «ان المؤيدين للمعارضة السورية يرون ان جبهة فتح الشام نجحت، فيما فشلت القوات الموالية للنظام في تحرير المدنيين في اعقاب الحصار» . المسؤولون الأمريكيون أغمضوا أعينهم عمداً عن مشاركة «جبهة فتح الشام» وفي تقرير ل«الفايننشال تايمز» تقول الصحيفة ان الهجوم الذي نفذته قوات المعارضة السورية ضد قوات النظام السوري في حلب، قد يكون تم بمساعدة خارجية لكن دبلوماسياً غربياً اكد ان نجاح المعارضين في الانتصار يعود الى انضباطهم وقدراتهم الذاتية. وتقول الصحيفة على لسان نشطاء ومقاتلين ان قوات المعارضة سُلحت بأسلحة جديدة قبل واثناء القتال، غير ان هؤلاء النشطاء طلبوا عدم ذكر اسمائهم او هوياتهم نظرًا لحساسية الموضوع. وقال احد النشطاء الذي ينشط بين الحدود التركية السورية انهم احصوا على الحدود على عشرات الشاحنات التي تحمل الأسلحة الثقيلة يومياً ولوقت طويل. ووصف اثنان من المعارضة السورية للصحيفة عملية نقل الأموال واللوازم بأنها كانت مستمرة لاسابيع وبشكل يومي عابرة للحدود التركية السورية للتحضير للمعركة. ويقول بعض المعارضين ان المسؤولين الامريكيين الذين يدعمون قوات المعارضة المعتدلة، انهم اغمضوا اعينهم عمداً عن مشاركة «جبهة فتح الشام» لضمان ابقاء موطئ قدم للمعارضة هناك. وتقول الصحيفة إن دبلوماسياً غربياً على اتصال بالمعارضة قال «الامريكيون كانوا بالطبع يعلمون ما يجري، وتجاهلوه لممارسة بعض الضغط على روسياوايران، مضيفاً ان مشكلة المعارضة السورية لم تكن ابداً في الاسلحة، وان مقاتلي المعارضة انتصروا لان «جبهة فتح الشام» والجماعات الجهادية الأخرى منضبطة بشكل لا يصدق والكثير من المنتمين لها على استعداد لتفجير انفسهم على جبهات القتال». وتقول ان مقاتلي المعارضة السورية المسلحة يقولون إن هناك اسباباً استراتيجية قوية لبعض القوى الخارجية لمساعدة المعارضة سراً في حلب، لأن المدينة هي الاكبر وآخر معقل حضري متبقٍ لهم، وبدون حلب يمكن ان يصبح الامر مجرد عصيان ريفي لا يشكل اي ضغط في المفاوضات السياسية التي تأمل القوى الكبرى ان ينتهي من خلالها الصراع وإراقة الدماء، حسب الصحيفة. لقاء الزعيمين بوتن وأردوغان وليس بعيداً عن الشأن السوري فقد أفردت صحيفة «نيويورك تايمز» الامريكية تقريراً مطولاً حول اللقاء الذي سيجمع كلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ونظيره التركي رجب طيب أردوغان. وتقول الصحيفة ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ونظيره التركي أردوغان، ينويان مناقشة نزاعهما في سوريا عندما يلتقيان في سان بطرسبرغ وان يظهرا للعالم وبالتحديد للغرب بان العلاقات بين البلدين لم تعد معزولة. وفيما يخص الملف السوري فقد أصر أردوغان على تنحي الرئيس السوري بشار الاسد قبل أي نقاش او مفاوضات سلام، لكن النجاحات الروسية في ساحة المعركة والتي تشارك فيها ايران غيرت الحسابات، حسبما ترى الصحيفة. وتقول الصحيفة ان زيارة الرئيس التركي هذه تعبر الأولى له خارج بلاده بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في بلاده الشهر الماضي، ورأت فيها رمزية كبيرة في ظل تآكل العلاقات بين تركيا والغرب بشكل كبير في الآونة الاخيرة. وتستطرد الصحيفة ان هناك شعوراً متفاقماً في تركيا بأن حلفاءها الغربيين فشلوا في اختبار التضامن – والمقصود هنا محاولة الانقلاب الفاشلة – ان الغربيين ركزوا على تطهير أردوغان لعشرات الالاف من العاملين في الجيش والخدمة المدنية باعتباره علامة تبعث على القلق من تحول أردوغان الى ديكتاتور. بعد ذلك اندلعت حملة كبيرة مناهضة للولايات المتحدةالامريكية بعد ان أظهرت واشنطن ما يدل على انها تعتزم تسليم زعيم المعارضة التركية فتح الله غولن، والذي اتهمه أردوغان بالتخطيط للانقلاب. وتقول الصحيفة ان الاجتماع يعتبر تطوراً مذهلاً في العلاقات بين البلدين، لأنه وحتى نهاية شهر أيار/مايو من هذا العام كانت موسكو وانقرة يتبادلون الشتائم الحادة، حيث ان شبكة التلفزيون التي تديرها الحكومة الروسية قالت عن أردوغان بأنه «مخادع» بينما اتهم الرئيس التركي روسيا بالانخراط في حملة تشهير رخيصة.لكن الكرملين وبذكاء بوتن لن يفوت أي فرصة تصدع تحدث داخل حلف شمال الاطلسي، وانه استغل هذه الاحداث في اعرابه مراراً وتكراراً عن دعمه لأردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. الملف السوري ومصير الأسد وتذكر الصحيفة ايضاً أن علاقة روسيا والغرب توترت بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في العام 2014، ثم التدخل العسكري شرق اوكرانيا وان هذه العلاقات لم تتحسن، لذلك يأخذ كل من الزعيمين أي فرصة ولا يوفران اي جهد لاثبات ان لديهما اصدقاء في العالم.وفي التقرير نقلت الصحيفة عن فلاديمير فرولوف وهو كاتب الشؤون الخارجية في موقع «سلون» الروسي قوله «كلا الزعيمين يريدان ان يظهرا انهما غير معزولين، وان لديهما خيارات اخرى وشركاء آخرين يمكن ان يعتمدا عليهم».واضاف الكاتب «سنشاهد الكثير من العلامات والرقصات والايماءات بين الزعيمين ولكن المحصلة النهائية لن تكون كبيرة خصوصاً في الملف السوري». وتضيف الصحيفة ان أردوغان وبوتن غالباً ما ينظر اليهما بالطريقة نفسها حيث انهما صلبان، يمجدان القومية ويتركان هامشاً بسيطاً من الحرية، كلاهما سريع الغضب، ولكن يمكنهما السيطرة على كل ذلك بسرعة كبيرة اذا ما تعلق الموضوع بالمصالح الاستراتيجية ووجودها على المحك.وتقول «نيويورك تايمز» انه حتى قبل محاولة الانقلاب الفاشلة بدأ اوردوغان يشعر بالعزلة، وتقدم لانهاء الملف العالق مع اسرائيل وبعث برسالة بريد الكتروني الى بوتن يعتذر فيها عن اسقاط الطائرة، ووعده بتقديم المسؤولين للعدالة.وتقول الصحيفة ان محاولة الانقلاب الفاشلة سرعت من زيارة أردوغان الى موسكو، حين قام الزعيم الروسي على الفور بالتضامن مع أردوغان، وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاويش اوغلو في مقابلة اذاعية اجريت معه مؤخراً «لقد تلقينا كل الدعم غير المشروط من روسيا على عكس دول أخرى».وبصرف النظر عن الرمزية والمجاملات الدبلوماسية بين الزعيمين فإن لهما مصلحة مشتركة في تهدئة التوترات في سوريا وان هناك خطوات يمكن اتخاذها للمساعدة في الاستقرار في سوريا.وتقول الصحيفة ان اشارات ايجابية جاءت من تركيا، حيث صرح ابراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان «نود ان ننظر الى المستقبل بمزيد من الامل، ونود التعاون مع روسيا في تسهيل عملية الانتقال السياسي في سوريا في اقرب وقت ممكن».واضافت الصحيفة ان الكثير من المشكلات التي تحدث في تركيا كانت نتيجة السياسات التركية الخاطئة في سوريا، فقد دعمت لسنوات الجماعات السنية التي كانت تقاتل ضد حكومة الاسد، ولكن هذه السياسات اتت بنتائج عكسية، حيث تدفق ملايين اللاجئين، وهوجمت تركيا من تنظيم «الدولة»، وتنامت قوة المسلحين الاكراد في الشمال من سوريا الذين دعموا الاكراد في تركيا والذين قاموا بدورهم بمحاربة الجيش التركي، وان هذه العوامل جعلت الحكومة التركية تعيد النظر في موقفها السابق في ان يتخلى الرئيس السوري بشار الاسد عن منصبه.واختتمت الصحيفة تقريرها نقلاً عن البروفيسور سولي اوزيل من جامعة اسطنبول قوله «اذا ارادت تركيا ان تختفي مشاكل كبيرة في داخلها فيجب عليها التحول من موقفها السابق في سوريا، باستحالة تحقيق السلام في سوريا بوجود الأسد على رأس السلطة».