يخفي تكليف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، وزير المالية الأسبق، محمد جلاب، حرصا على استرجاع آلاف مقرات المحافظات والقسمات، التي خسرها الحزب خلال السنوات الأخيرة وخاصة إبان العشرية الحمراء. ويعكف جلاب على جرد شامل لأملاك الأفلان الموزعة عبر كافة التراب الوطني، التي تم تحويلها عن مهامها، ويتعلق الأمر بالهياكل التي حولت إلى مقرات للمقاومين خلال الأزمة الأمنية، أو تلك التي استولى عليها إطارات في الحزب ومن خارجه، فضلا عن الأملاك التي تم تأجيرها بأسعار رمزية لأغراض السكن أو لأهداف تجارية. وحسب مصادر في قيادة الحزب العتيد، تحفظت على الكشف عن هويتها، فإن العديد من المقرات التي كان يستخدمها سلك الحرس البلدي، توجد في حالة شغور منذ حل هذا السلك، غير أن عملية استعادتها وإلحاقها بممتلكات الحزب لم تتم بعد. وفي السياق ذاته، يتحدث المصدر عن استيلاء إطارات معروفة في الحزب على عقارات كانت عبارة عن محافظات وقسمات و"فيلات" في بعض الولايات مثل تلمسان وتيسمسيلت، حيث سيخير هؤلاء بين تسليمها للحزب أو اللجوء للعدالة. ومن بين ممتلكات الحزب التي يجري التركيز عليها أيضا، شقق وفضاءات عقارية ببلدين ابن عكنون، تم الاستيلاء عليها من قبل قيادات في الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، حولنها لسكنات خاصة، حيث سيتم الحسم فيها قريبا بالطرق القانونية. عملية الجرد ستمس أيضا بعض الممتلكات التي تحولت إلى متاجر بناء على عقود تأجير، لكن بأسعار رمزية، حيث يعتزم الحزب، كما يقول المصدر، تحويلها إلى مقرات لقسمات، على اعتبار أن الكثير من القسمات لا تحتوي على مقرات، لاسيما وأن الحزب يوجد في راحة مالية من أمره، ومن ثم فهو ليس بحاجة لأموال. العملية التي جرى إطلاقها ستمس أيضا المقرات التي تم إتلافها خلال الأزمة الأمنية، حيث سيتم ترميمها وتأهيلها كي تعود للمهام التي كانت تؤديها، أما العقارات التي لاتزال محل نزاع بين الحزب وممتلكات الدولة، فتعتزم قيادة الحزب تسويتها بدفع المستحقات مقابل الحصول على عقود الملكية. ومعلوم أن من بين الأسباب التي كانت وراء استمالة أعضاء اللجنة المركزية في الأفلان، لسحب الثقة من الأمين العام الأسبق للحزب، عبد الحميد مهري، حسب مطلعين على هذا الملف، هو "تأميم" الكثير من مقراته، احتجاجا على مواقف مهري من السلطة أنذاك. وتتهم إطارات في الحزب كانت تشغل مناصب سامية في الدولة (ولاة) خلال عشرية التسعينيات، بالتفريط في ممتلكات الحزب، حيث لم تتصد لعمليات التأميم، بل انخرطت في المسعى، وهي اليوم تترد باستمرار على المقر الوطني بحيدرة وتسعى للتموقع تحسبا للانتخابات التشريعية المقبلة.