أسدل الستار على القمة ال28 للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، الثلاثاء، بعد يومين من الأشغال شارك فيها الوزير الأول عبد المالك سلال بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي تمت الإشادة بالتزامه الثابت لصالح القضايا الإفريقية، كما حققت الجزائر انتصارا آخر ببقاء منصب مفوض السلم والأمن الإفريقي في يدي السفير إسماعيل شرقي، وكان المنتصر الآخر الجمهورية الصحراوية، التي بقيت عضوا في الاتحاد عكس ما كان يصبو إليه المغرب، الذي تخلى عن هذا الشرط، بل قبِل بكل شروط الانضمام دون قيد أو تحفظ، ومن ذلك الاعتراف بسيدة الدول والحدود الموروثة عن الاستعمار. وشكلت القمة الإفريقية، الأخيرة، حدثا محوريا بامتياز في تاريخ القارة السمراء، خاصة أن الأنظار كانت موجهة تحديدا إلى مصير الجمهورية الصحراوية، في ظل المزاعم التي سوَّقها الغرب بإمكانية إقصائها من الاتحاد، الأمر الذي لم يحصل، بل حصل العكس بقبول المغرب شروط الانضمام دون قيد ولا تحفظ. كما ظهر من خلال التوصيات المرفوعة من قبل الأفارقة، تأكيدهم أن المغرب دولة محتلة لإقليم الصحراء الغربية، ودعا الاتحاد الإفريقي مجلس الأمن الأممي إلى تحمُّل مسؤولياته من خلال تمكين بعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) من "ممارسة مهامها كاملة"، وفي قرارها المتعلق بالوضع في الصحراء الغربية حث رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي مجلس الأمن على "تحمل مسؤولياته كاملة من خلال إعادة تمكين بعثة المينورسو من ممارسة مهامها كاملة وهي ضرورية لمراقبة مدى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء حول تقرير المصير". كما دعا القادة الأفارقة مجلس الأمن إلى "إيجاد حل لمسألتي حقوق الإنسان والاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية للصحراء الغربية، لاسيما عقب القرار الهام الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبية في 21 ديسمبر 2016 المتعلق بالاتفاقات المبرمة في 2012 بين الاتحاد الأوروبي والمغرب حول التحرير المتبادل لتجارة المواد الفلاحية والصيد البحري". وأعرب المشاركون في الندوة عن "انشغالهم العميق" إزاء حالة الانسداد "المتواصلة" التي تطبع الجهود الرامية إلى التوصُّل إلى حل لنزاع الصحراء الغربية، مؤكدين على "الضرورة العاجلة" لبذل المزيد من الجهود الدولية لتسهيل التسوية "السريعة" للنزاع. في ذات السياق، دعا المشاركون مجددا الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى "تحديد تاريخ انعقاد استفتاء حول تقرير مصير الشعب الصحراوي وضمان الحفاظ على الوحدة الترابية للصحراء الغربية باعتبارها إقليما غير مستقلّ من أيِّ محاولة للمساس بها". النجاح الآخر للصحراويين، رفض القادة الأفارقة التصويت لمرشح السنغال وزير الخارجية السابق عبد الله باتيلي، وخاض النظام المغربي حملة قوية للدفع بوزير خارجية السنغال الأسبق إلى الفوز برئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي لكن جهوده مُنيت بالفشل حيث تم انتخاب الدبلوماسي المحنك وزير خارجية التشاد موسى فكي في منصب رئيس المفوضية، وفي نوفمبر الماضي تصدى فكي لمحاولات مغربية كانت تستهدف وحدة القارة الإفريقية عبر إفشال القمة الإفريقية العربية في ملابو. ورفض وزير خارجية التشاد، الذي كان يترأس الاجتماعات التحضيرية للقمة، الضغوط التي مارسها المغرب ورفض دول الخليج لمنع الجمهورية الصحراوية من ممارسة حقها الطبيعي في المشاركة في قمم الاتحاد الإفريقي. من جانبها، سجلت الجزائر نجاحات دبلوماسية كبيرة بأديس أبابا، من خلال انتخاب الرئيس بوتفليقة نائبا لرئيس الاتحاد الإفريقي لسنة 2017، ويتمثل النجاح الثاني للدبلوماسية الجزائرية في إعادة انتخاب إسماعيل شرقي بالأغلبية الساحقة لعهدة ثانية كمفوض الاتحاد الإفريقي للسلم والأمن، أحد المناصب الاستراتيجية لمفوضية الاتحاد عرفانا لجهوده خلال عهدته الأولى.