الاستثمارات العملاقة لكل من قطر وروسيا تهدد السوق الجزائرية للغاز مشاريع بسكيكدة وأرزيو تنتظر على الورق منذ 2005 حذر خبراء دوليون تحدثت إليهم الشروق اليومي على هامش فعاليات الندوة الدولية ال16 للغاز الطبيعي المسال، من الانعكساسات الخطيرة لغياب سياسة استراتيجية جزائرية في المجال الطاقوي على المدى المتوسط والبعيد. مؤكدين أن الزج بكبار المسؤولين في السجن أو تحت الرقابة القضائية بسبب قضايا فساد، وعدم تعيين مسؤولين جدد ستكون له تبعات خطيرة سواء في مجال التسيير أو في مجال المنافسة محليا ودوليا. وأكد الخبير الدولي في مجال الغاز، رضا رباح، أن الأهم بالنسبة للحكومة الجزائرية هو مراجعة إستراتيجيتها الطاقوية بالتركيز على الاستثمار في المشاريع الطاقوية ذات القيمة المضافة العالية بغرض تعويض الخسائر المستقبلية الناجمة عن المنافسة الهائلة في السوق الأوروبية التي تعتبر السوق الرئيسية للغاز الجزائري. وأوضح رباح أن الجزائر لن تكون قادرة على منافسة الغاز القطري والروسي في السوق الأوروبية بسبب نجاح هذه البلدان في التحكم في تكاليف الإنتاج واستثمار هذه الدول في مشاريع عملاقة وتكنولوجيا جديدة تسمح بتخفيض تكاليف الإنتاج عكس تماماالجزائر التي تواصل اعتماد سياسة المركبات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي لا تسمح بتخفيض تكاليف الإنتاج. مشيرا إلى ضرورة تركيز مجموعة سوناطراك على المرونة في تنويع الأسواق لمواجهة المنافسة الروسية والقطرية وحتى اليمنية التي أبرمت عقودا طويلة مع كبريات المجموعات الطاقوية الفرنسية المساهمة في أول مشروع للغاز المسال في اليمن، ومنها شركات "غاز دوفرانس" و "سويز" و"توتال باور". وأضاف رباح، أن الغاز القطري التي سيبلغ ذروة إنتاجه مع نهاية العام الجاري 77 مليون طن متري بعد استكمال تشغيل خطوط الإنتاج التابعة لشركتي "قطر للغاز" و"راس غاز" البالغ عددها أربعة عشر خطاً، ستة منها هي الأكبر من نوعها في العالم، بطاقة إنتاجية تبلغ 7,8 مليون طن متري سنويا، وهو ضعف ثلاث مرات إنتاج الجزائر، فضلا عن دخول 54 مليون طن من الغاز المسال الاسترالي، بالإضافة إلى 40 مليون طن من الغاز المسال النيجيري، سيزيد من تخمة الأسواق الغازية، ويجعل من عملية التحكم في الأسعار شبه مستحيلة بسبب تضارب المصالح بين الدول المنتجة الكبرى ومنها روسيا وقطر وإيران التي تملك سياسات طاقوية محددة الأهداف وهي دول غير مستعدة لقبول أية املاءات من أي طرف، لأسباب جيواستراتيجية محددة منذ مدة ليست بالقصيرة، على خلاف الجزائر التي تملك سياسات ظرفية محدودة في الزمان ولا تملك أي إرادة سياسية لتطوير إستراتيجية طاقوية واضحة المعالم تمتد في الزمن على المدى المتوسط والطويل. 50بالمائة من مداخيل الجزائر مهددة بدون بعث الصناعة البتروكمياوية كشف الخبير الطاقوي ومدير الشرق الأوسط وشمال افريقيا في شركة "تارجيت" أحسن بوهروم، أن الطريقة الأنسب للجزائر للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية في المجال الطاقوي، تتمثل في العمل على وضع إستراتيجية طاقوية واضحة المعالم تقوم على أساس التحكم في تكاليف الإنتاج وتوجيه صناعة الغاز نحو قطاع الصناعات البتروكمياوية، لأن الجزائر ستكون بعد 5 سنوات عاجزة تماما عن منافسة قطر وروسيا داخل السوق الأوروبية التي تعتبر سوقا تقليدية بالنسبة للغاز الجزائري، نتيجة وصول كميات هائلة من روسيا وقطر واليمن. وأوضح بوهروم، أن الجزائر لن يكون باستطاعتها الاستمرار في العمل بطريقة فوضوية، لأن ذلك مكلف جدا وسيكون سببا في هدر مواردها الطاقوية التي تصدر بدون تثمين، وخاصة الغاز الطبيعي. وكشف المتحدث أن الجزائر وقعت سنة 2007 في أخطاء إستراتيجية لن تغفر لها من طرف المنافسين، ومن بين تلك الأخطاء محاولة شكيب خليل، العمل على مراجعة العقود الطويلة عندما وصل سعر الغاز في الأسواق الحرة إلى 18 دولار للمليون وحدة حرارية، بعدما وصلت أسعار النفط إلى 147 دولار للبرميل، أما اليوم فالجزائر تريد العمل عكس ما كانت تطالب به، مضيفا أن خليل، وقع في جملة من التناقضات الكبيرة في ظرف حساس جدا، سيما عندما نزل سعر الغاز إلى 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية الذي عادل في الواقع حوالي1 من 20 مرة سعر البترول في السوق العالمية، على أساس أن تقييم سعر الغاز في السوق الحرة يتم على أساس سعر سلة من خامات النفط يوم الشحن. وتساءل المتحدث، عن مدى جدية حديث وزارة الطاقة بخصوص تطوير مشاريع جديدة في الجزائر في الوقت الذي لا تزال كل تلك المشاريع المعلنة تراوح مكانها منذ 2005، ومنها مشروع تكسير الميثان بالتعاون مع مجموعة ""توتال" الفرنسية بالمنطقة الصناعية بأرزيو، في حين تمكنت دول عديدة وفي مقدمتها دولة قطر واستراليا التي تقيم أكبر مشروع لإنتاج الغاز المسال في العالم طاقته 15 مليون طن متري في السنة بقيمة 40 مليار دولار، من خلال إقامة مشاريع غازية عملاقة في ظرف 4 سنوات، وهي الآن قيد الإنتاج، فيما بقيت مشاريع سكيكدة وارزيو تراوح مكانها على الرغم من علم جميع الخبراء في الجزائر والعالم أن المصانع الجزائرية لإنتاج الغاز المسال هي مجرد وحدات بسيطة وقديمة على اعتبار أن أول مصنع للغاز المسال في العالم تم بناؤه في الجزائر سنة 1961 وهو مصنع "لاكاميل" الشهير أو "الشركة الجزائرية للميثان السائل" التي تأسست في31 ديسمبر1961، وهي شركة خاصة تأسست قبل استقلال الجزائر، أي سنتين بالضبط قبل تأسيس الشركة الوطنية للمحروقات "سوناطراك"، وقد يتم اللجوء إلى غلق مصنع "لاكاميل" في المستقبل القريب مما سيتسبب في خفض إنتاج الغاز المسال. سوناطراك تشرع في تشغيل "ميدغاز" في جويلية القادم كشف فتوحي أحمد، مدير عام إستراتيجيات المصب في مجموعة سوناطراك، في حوار لالشروق اليومي، أن مجموعة سوناطراك تعمل على تنفيذ مشروعين لإسالة الغاز الطبيعي بكل من ولاية سكيكدة وأرزيو، بطاقة 4.5 مليون طن متري من الغاز المسال سنويا لكل مشروع، مما سيرفع طاقة الإنتاج الجزائرية من الغاز المسال سنة 2013 إلى 29 مليون طن متري عند دخول كل خطوط الإنتاج الجديدة الخدمة. وأكد فتوحي، أن إستراتيجية المجموعة تتضمن أيضا تعزيز نشاط نقل الغاز الطبيعي بالقنوات رغم تكلفته العالية بالمقارنة مع إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال عن طريق البواخر الذي يمنح مرونة كبيرة في الوصول إلى أسواق جديدة في الصين وكوريا الجنوبية والهند التي تمثل أسواق ضخمة بالمقارنة مع نسب النمو التي تمثلها هذه الأسواق، وكذا تمكين المجموعة من تنويع أسواقها على العكس من الغاز الطبيعي الذي ينقل بالقنوات نحو جنوب أوروبا وخاصة إلى إسبانيا والبرتغال وإيطاليا، عبر الخطوط العابرة للمتوسط والأراضي التونسية والمغربية، أو من خلال الخط الجديد "ميدغاز" بطاقة 8 ملايير م3 الذي سيدخل الخدمة في جويلية القادم. مما يسمح برفع طاقة تصدير الغاز الجزائري نحو أوروبا التي تمثل حوالي 80 % من وجهات الغاز الجزائري. وتابع فتوحي، أن تصدير الغاز الطبيعي الجزائري نحو أوروبا بالقنوات سيعرف منافسة شرسة خلال السنوات القادمة بسبب دخول منتجين جدد حلبة المنافسة وخاصة قطر التي تقوم حاليا بتوجيه كميات هامة من الغاز نحو السوق الأوروبية بالإضافة إلى استثمارها في إنشاء محطات لإعادة التغويز بإيطاليا، وهو ما يفرض على الجزائر العمل بمرونة عالية جدا في مجال تصدير الغاز الذي يمثل 50 % من صادراتها من المحروقات، مع الأخذ في الاعتبار جميع المعطيات المحيطة بالسوق وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية ووجود فائض يفوق 100 مليار م3 من الغاز في السوق الفورية نتيجة توقف أغلب الصناعات القائمة الغاز الطبيعي في أغلب الدول التي مستها الأزمة. تحسن أسعار الغاز مرهون بعودة النمو العالمي استبعد مدير إدارة العمليات في شركة قطر للغاز، أحمد بن يوسف الخليفي، استعادة أسعار الغاز لأنفاسها على المدى المتوسط في الأسواق الحرة بسبب ثقل وتيرة عودة النمو الاقتصادي الضعيف لاقتصاديات أهم البلدان المستهلكة للغاز في العالم وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكيةواليابان وأوروبا. مشيرا إلى أن النمو الاقتصادي الايجابي للصين والهند لا يمكن أن يعوض النمو في الولاياتالمتحدة وأوروبا أو اليابان التي تعتبر الدول الوحيدة القادرة على التأثير في الطلب العالمي على الغاز بالإضافة إلى دخول كميات هائلة جديدة من منتجين كبار للغاز المسال من قطر واستراليا ونيجيريا وروسيا وإيران وأنغولا واليمن، مما سيبقى الأسعار في مستوياتها الحالية في الأسواق الحرة إلى غاية 2013 على الأقل، لأن فائض الإنتاج خارج العقود الطويلة سيوجه كله نحو الأسواق الحرة المتخمة حاليا بالغاز، مما تسبب في بيع الغاز في الأسواق الحرة ب4 دولارات للمليون وحدة حرارية، وهو مستوى أقل من سعر التكلفة في الكثير من مناطق الإنتاج ومنها منطقة الخليج التي تصل تكلفة الإنتاج فيها إلى حوالي 5 دولارات. وأوضح الخليفي، أن هناك مشاكلَ جدية أخرى ستواصل الضغط على أسعار الغاز في السوق، وفي مقدمتها الغاز المنتج بطرق غير تقليدية في الولاياتالمتحدة وفي مناطق أخرى من العالم، وهو ما يفرض على جميع المنتجين العمل على الحد من الكميات الموجهة إلى الأسواق الحرة والحرص الشديد على إبرام المزيد من العقود الطويلة التي تمكن من معادلة أمن الإمدادات مع أسعار محترمة للغاز، وخاصة الغاز المسال، بالإضافة إلى البحث عن أسواق أخرى وإقناعها باستعمال الغاز المسال ومساعدتها وإقناعها بالمميزات التنافسية لهذه الطاقة النظيفة بالمقارنة مع مصادر تقليدية أخرى ومنها الفحم. من جهته، كشف عصام الغرباني مدير العلاقات العامة في الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، في تصريحات لالشروق اليومي أن الشركة شرعت في المرحلة التجريبية لخط الإنتاج الثاني في الفاتح افريل الجاري، مضيفا أن الطاقة الإجمالية للخط الأول والثاني تقدر ب 6.7 مليون طن متري في السنة. وقال الغرباني، إن جميع إنتاج اليمن مباع لشركات كورية وفرنسية، بعقود تصل إلى 25 سنة القادمة، مضيفا أن الغاز اليمني سيوجه إلى شركات "كوغاز" الكورية الجنوبية وشركات "غاز دوفرانس" و "سويز" و"توتال باور" الفرنسية. وتابع الغرباني أن شركة "توتال" الفرنسية مساهمة في المشروع بنسبة 39 % مقابل 23 % للحكومة اليمنية التي تحصل على 60 % من الأرباح، فيما تتقاسم بقية الشركات الحصة الباقية من استغلال الحقل الأول الذي طورته اليمن بالشراكة مع مجموعات عالمية. ويبلغ احتياطي حقل الغاز الذي شرع في الإنتاج في نوفمبر الماضي حوالي 9100 مليار قدم مكعب )حوالي 3050 مليار م(3