يفضل الكثير من الأشخاص خلال حياتهم أو في أيامهم الأخيرة كتابة الوصية، لتقسيم ممتلكاتهم على عدد من أفراد العائلة أو حتى أشخاص مقربين منهم، أو مؤسسات خيرية، وهو ما يثير الكثير من المشاكل والنزاعات بين الورثة والأشخاص الموصى لهم، حيث بلغت نسبة القضايا التي تعالجها المحاكم في هذا الإطار 50 بالمائة من القضايا سواء في المدني أو الجزائي. تعتبر قضايا الميراث والوصية من أكثر القضايا انتشارا على مستوى المحاكم، وحسب المختصين فإنها تمثل نصف عدد القضايا التي تتداولها أروقة العدالة، لما تحمله من مشاكل وخلافات بين الورثة والأشخاص الموصى لهم، فحسب المختصين لا يقبل الوريث أن يقاسمه شخص غريب ممتلكات العائلة، لذا يلجأ الكثير من الواهبين إلى التحايل على القانون عن طريق عقود بيع دون تقاضي المبلغ أو عقود هبة.
أشقاء يرفعون دعوى إبطال ضد شقيقتهم التي منحها والدها ملكية البيت العائلي عالجت محكمة سيدي امحمد قضية إبطال عقد هبة، رفعها أشقاء ضد شقيقتهم التي استولت حسبهم على البيت العائلي من خلال تلاعبها بمشاعر والدها، هذا الأخير الذي كان على فراش الموت وكانت ابنته تزوره وتقوم على شؤونه فاستطاعت أن تلعب على الوتر الحساس وتطلب منه تسجيل البيت العائلي باسمها، فلم يكن من الوالد سوى الرضوخ لمطلب ابنته ليمنحها عقد هبة البيت بالكامل، ما أثار غضب أشقائها بعد وفاة والدهم وقاموا برفع دعوى إبطال عقد هبة ضدها.
فتاة تزور عقد هبة جزء من العقار الذي منحته عمتها لتستولي عليه بالكامل وتشهد المحاكم قضايا تحايل خطيرة للاستيلاء على ممتلكات الواهب تصل حد التزوير، على غرار قضية عالجتها محكمة سيدي امحمد بطلتها فتاة زورت عقد هبة منحته لها عمتها التي كانت تعيش معها، إلا أنها لم تهبها العقار بالكامل، بل جزء بسيط منه، فلم تكتف الفتاة بهذا الجزء وأخذت عمتها لتمضي على أوراق التنازل عن بقية العقار لها، وزورت شهادة سلامتها العقلية، بالرغم من أنها لم تكن واعية، فرفع الورثة دعوى إبطال هذا العقد ضد ابنة خالتهم المحتالة.
وهبت بيتها لابن ربته فطردتها زوجته عالجت محكمة القليعة قضية إبطال عقد هبة، رفعتها عجوز ضد ابنها الذي ربته وزوجته، اللذين قاما بطردها من البيت بعد أن تحصلا على عقد هبة البيت الذي منحته العجوز للابن، هذا الأخير تكفلت بتربيته منذ نعومة أظافره قبل زواجه، إلا أنه بعد أن تزوج قامت زوجته بطردها من البيت.
ابراهيم بهلولي: هذه شروط الوصية وهكذا يتم الاحتيال على الورثة قال المحامي إبراهيم بهلولي إن المحاكم تشهد حوالي 50 بالمائة من قضايا الميراث والوصية، هذه الأخيرة لا يعمل بها الجزائريون إلا في حالات نادرة وتكون في حق الأشخاص المقربين من المالك على غرار ابن يكفله أو طفل قام بتربيته منذ الصغر أو مؤسسات خيرية، ويحاول بعض الأشخاص التحايل على القانون من خلال القيام بها في إطار عقد البيع، أي بيع صوري ولا يتقاضى المقابل أو عقود هبة، وهي طرق يلجأ إليها الكثيرون لتنفيذ الوصية. وأوضح بهلولي أن القانون الجزائري لا يعترف بالوصية اللفظية، بل المكتوبة عن طريق وثيقة مبرمة بعقد رسمي، شرط أن لا تتجاوز الثلث ولا يكون فيها إضرار بالورثة، مؤكدا أن المحاكم الجزائرية تستقبل العديد من قضايا الوصية التي تثير الكثير من المشاكل بين الورثة والموصى لهم، والتي تتم على شاكلة إبطال عقود البيع أو هبة.
الإمام البشير ابراهيمي: الوصية لا تجوز في حق الورثة وحول الموضوع، كشف الإمام بشير ابراهيمي إمام مسجد النور ببرج الكيفان أن الوصية تجوز في الشريعة الإسلامية شرط أن لا تتجاوز الثلث، فإن تجاوزته أصبحت باطلة، مؤكدا أنها تكون في حق الأشخاص الذين لا يعدون من الورثة، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "لا وصية لوارث"، باعتبار أن هذا الأخير قد حددت له الآيات القرآنية نصيبه، والذي تعمل وفقه المواد الخاصة بالميراث في قانون الأسرة. وأوضح المتحدث ذاته أنه لا يجوز أن يكون الغرض من الوصية الإضرار بالورثة، لأنه في حال كانت كذلك تصبح باطلة، لذلك تناولها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث حتى يبين للمسلمين حقيقة الوصية والغرض الحقيقي منها، والذي ينبغي أن لا يمس بأي فرد من الورثة بضرر، لذا حدد أيضا أن لا تتجاوز الثلث وهذا حماية لحقوق الورثة التي تحفظها الشريعة الإسلامية، ومن أجل درء المفاسد وتجنب الخلافات العائلية.