أقدم التليفزيون العمومي، الثلاثاء، على استضافة الكاتبة الفرنسية "فريال فوران" حفيدة "سي بوعزيز بن قانة" وهو من أخطر الباشاغات المساندين لفرنسا إبان فترة احتلالها الجزائر، ووسط صمت رسمي وحزبي، أبدى نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، سخطهم، وطالبوا بمعاقبة المسؤولين، كما طالبوا وزير الاتصال "حميد قرين" بتوضيحات إزاء تمكين حفيدة "بن قانة" من الترويج لكتابها المسموم في قصر "أحمد باي" بقسنطينة زوال الخميس، ومكتبة الفنون الجميلة بالعاصمة ظهيرة السبت القادم. برسم برنامج "مرحبا الجزائر" الذي بثته قناة "كنال ألجيري" الناطقة بالفرنسية، صباح الثلاثاء، لم تتحرج إدارة القناة العمومية من إجراء حوار مطوّل مع "فوران" صاحبة كتاب "سي بوعزيز بن قانة آخر ملوك الزيبان" (صدر في الرابع عشر جانفي الأخير)، وعلى نحو غريب، استفادت "فوران" من دعاية مجانية للكتاب إياه، وعلى نحو مغالط جنح إلى تزييف الذاكرة والعبث بالتاريخ وتمجيد الحركى!
14 تكريما فرنسيا زعمت "فوران" (جدها بن قانة من جهة الأم وبن شيكو من جهة الأب) أنّ جدّها اغتالته فرنسابسطيف في السابع عشر جوان 1945 !!، رغم أنّ "بن قانة" التحق بصفوف فرنسا كقائد عسكري سنة 1839، أين باشر خيانته بنكث معاهدة "التافنة"، كما لعب دورا كبيرا في إنهاء ثورة "الزعاطشة" (نوفمبر 1849) وبسط هيمنة المحتل القديم بقسنطينة وعموم الشرق الجزائري. وفي 21 شارع الشهداء، لم تجد "فوران" الدكتورة في الصيدلة، أي عقبة في سبيل "التنويه" ببشاعات جدها الباش آغا "بن قانة" المشتهر بقصّه "آذان الثوار" الذين كانوا يقعون في كمائنه، حيث ظلّ يقتلع آذانهم ويضعها في القفف ويسلمها لقادة الإستعمار البغيض، ما جعله يحظى ب 14 تكريما فرنسيا.
جريمة قطع 900 أذن أوضح المؤرخ "علي فريد بلقاضي" أنّ "بن قانة" قدّم للجنرال "نيغريي" خاتم الشهيد "فرحات بن سعيد" إضافة إلى أذنيه ولحيته، بعد أن سقط البطل في كمين بمنطقة "أولاد جلال"، فكان الأمر صدمة بالنسبة لابنه "علي باي"، الذي نجا من كيد "البوازيد" الموالين لبن قانة والحكومة الفرنسية، وانتقل إلى سطيف. واستنادا إلى إفادات "بلقاضي" المتخصص في التاريخ والأنثروبولوجيا، فإنّ "خالد" أحد أفراد عائلة "بن قانة"، قام إثر معركة دامية دارت بينه وبين الثوار الجزائريين، بتقديم رايتين كان فرسانه مزقوا ثالثتها، إضافة إلى كيسين بهما 900 أذن مقطوعة من جثث الثوار الذين سقطوا في المعركة، فقام قائد قسنطينة بإرسال تقرير إيجابي لحكومته بفرنسا يشيد فيه ب "إنجازات" بن قانة الذي كرّمته الحكومة الفرنسية على خدمته ووفائه لها ب "جوقة الشرف" و"الصليب الأكبر" و"الميدالية الكولونيالية". "بلقاضي" مؤلف كتب "بوبغلة"، "السلطان صاحب الأتان الرمادية"، و"ثورة الأشراف"، أورد أنّه في حفل الملك الذي ظلت تحتفل به فرنسا في الفاتح ماي من كل عام، استقبلت عائلة "بن قانة" الجنرال السفّاح "غالبوا" بطلقات من المدافع المسترجعة من ميدان المعركة، واستلم بن قانة صليب ضابط ومكافأة قيمتها 45 ألف فرنك فرنسي قديم. وتولّت عائلة "بن قانة" وفرسانهم حكم الزعاطشة بمساعدة جيش الجنرال "هربيون"، حيث قطع "سي بوعزيز" رأس القائد "بوزيان" وملازمه الأول "سي موسى الدرقاوي" كغنيمتي حرب واتخذهما كقربانين تودّد بهما لفرنسا. ولا يزال المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس، يحوز أشلاء آذان اسودّت بفعل الزمن، والمسّجلة بين الجماجم والرؤوس المحنطة في سجل رسمي بفرنسا، "دولة حقوق الإنسان"! ولا يزال المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس، يحوز أشلاء آذان اسودّت بفعل الزمن، والمسجّلة بين الجماجم والرؤوس المحنطة في سجل رسمي بفرنسا، "دولة حقوق الإنسان"! المثير أنّ "فوران" ستستفيد من فرصتين إضافيتين للعبث بالذاكرة وممارسة التمجيد لأخطر باشاغات فرنسا، في غضون ال 72 ساعة القادمة بقسنطينةوالجزائر العاصمة، ما جعل رواد شبكة (فيسبوك) يطالبون الوزير "قرين" بتوضيحات، فضلا عن دعوتهم لإقالة المدير العام للتليفزيون العمومي ومتابعة قضائية للمتسببين في فضيحة "فوران" على خلفية المساس بذاكرة الشهداء (ما ينص عليه قانون المجاهد والشهيد)، وسط أنباء غير مؤكدة عن معاقبة مقدّمة البرنامج ومسؤولها المباشر. أخيرا، أين هي العائلة الثورية والأحزاب وتشكيلات المجتمع المدني من كل ما يجري؟