استعرض مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية، الدكتور بومدين بوزيد، في محاضرة ألقاها بجامعة عبد الحميد بن باديس في مستغانم، الإثنين، أهم التحديات الراهنة التي تفرضها النظم الحديثة "للمجتمع الشبكي" على الأفراد و المجتمعات. وقدم الدكتور محاضرة بالمكتبة الرئيسية للجامعة تحمل عنوان:"المجتمع الشبكي، والهويات الدينية والثقافية"، حيث استقطبت محاضرة الدكتور بومدين بوزيد، اهتمام عدد كبير من الأساتذة والطلبة والأئمة، فضلا عن الناشطين في الحركة الجمعوية والمجتمع المدني، إذ حذر المحاضر من خطر تداعيات التدفق الهائل للمعلومات على المنظمومة القيمية للمجتمع العربي عبر استغلال وسائط الاتصال الجماهيري في مجال تعبئة وتجنيد فئات واسعة في قضايا لا تخدم الصالح العام، على غرار قضايا التجنيد في صفوف الجماعات الإرهابية والمتطرفة، حيث عرّج المتحدث إلى مسألة انفجار المجتمعات العربية، في أعقاب ثورات الربيع العربي وما أفرزته هذه الثورات من تحولات عميقة أدت إلى تفكيك المجتمعات إلى طائفية ومذهبية دينية، وفرت البيئة الخصبة للتدخل الأجنبي. وأكد المحاضر على خطورة الفاعلين الاجتماعيين الجدد، بما أسماهم "الفاعلين الزرق" نسبة إلى العالم الافتراضي ومدى تأثيرهم وسطوتهم على العقول والذهنيات، انطلاقا من نشاطهم المركز على المجتمع الشبكي، من حيث إعادتهم صياغة الأسئلة التقليدية في مجال علوم الاتصال والعلوم الاجتماعية المتعلقة بقضايا السلطة والشرعية والعلاقات الدولية، فضلا عن مسألة الدين والسياسة وعلاقتهما بالدولة، وفي خضم هذه العلاقة المعقدة التي بات يفرضها النظام الدولي الجديد، طرح المحاضر عدة تساؤلات تتعلق بكيفية مواجهة السلطة في العالم العربي لحالة التفكك في الهوية في ظل ازدياد جغرافيا المذهبية الدينية، حيث أعطى المتحدث أمثلة عن الواقع الجزائري من خلال التطرق إلى تمدد الطائفة الأحمدية في الجزائر وبعض المذاهب الدينية الأخرى، ناهيك عن مسألة التجنيد بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، حيث تساءل الدكتور بومدين بوزيد في هذا المقام عن دور النخب في توجيه الرأي العام في المجال العمومي بعبارة أدق، تساءل المحاضر عن كيفية تشكيل مؤسسة جديدة لمؤسسات نخبوية افتراضية يمكنها تطوير عمل المؤسسات الدينية والتعليمية والتربوية والثقافية من نمطية التلقين التقليدي إلى ما هو أوسع، خاصة في مجال الإعلام والاتصال، من خلال محاربة الخرافات، ومواضيع ذات صلة بالخوف. وأعطى بومدين بوزيد مثالين حول هذا المنحى الخطير للمجتمع من خلال حادثة استحضار الأرواح التي شهدتها بعض المؤسسات التربوية مؤخرا في الجزائر بواسطة استخدام تطبيقات وبرامج معلوماتية، وفي الأخير، دعا الدكتور بوزيد السلطات العمومية إلى ضرورة وضع ترسانة من القوانين، والآليات للرقابة تضمن الأمن الالكتروني، كما نوّه بالدور الذي يجب أن تلعبه الجامعة والمؤسسة الدينية في مجال إنتاج المعرفة والوعي.