أجمع دفاع طاقم مستشفى المجانين بواد العثمانية والمتابعين معهم في قضية تبديد أموال عمومية وإبرام صفقات مخالفة للتشريع والتي عالجتها محكمة شلغوم العيد بولاية ميلة نهاية الأسبوع أن موكليهم هم ضحايا رسالة مجهولة ومجنونة بتهم مجنونة وغير صحيحة وأن القضية كلها جرى تضخيمها بشكل جنوني وهي لا تتحدث سوى عن تبديد »زوج دورو« واختفاء قطعة لجهاز طبي واحد من مئات الأجهزة الموجودة في المؤسسة ولكنها انتهت بالتماسات وكيل الجمهورية بإدانة الجميع والمطالبة بمعاقبة صاحب شركة عتاد طبي بعشر سنوات حبسا نافذا والمدير السابق بست سنوات والبقية بثلاث سنوات حبسا نافذا . * القضية حسبما دار في جلسة المحاكمة التي استغرقت خمس ساعات كاملة وامتثل فيها 16 متهما منهم مديرين سابقين وطبيبة مختصة في الأمراض العقلية وممرضين ومقتصد ومقاولين وأصحاب شركات طبية تعود إلى ثلاث سنوات من قبل، حينما وصلت رسالة من مجهول إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة شلغوم العيد تتحدث عن تجاوزات وخروقات في تسيير المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في الأمراض العقلية بواد العثمانية بولاية ميلة خلال العشر سنوات الماضية، فأحالها على فرقة الدرك للتحقيق في الأمر والتي كشفت عددا من المخالفات، حيث وجدت على مستوى المخزن أن المخزون ووجهة العتاد إلى المصالح غير متطابقة مع الواقع، ولا توجد أرقام الجرد على عتاد المؤسسة، واكتشفت أن جهاز التخطيط الدماغي / EEG / الذي تم اقتناؤه سنة 1999 بمبلغ يقارب ال220 مليون سنتيم لم يتم استغلاله أبدا ووجد في حالة عطب وتمت إعارته مرتين لعرضه في أحد المعارض الطبية بقسنطينة والعاصمة، وحينما أرجع كان منقوصا من قطعة هامة جدا تساوي نصف قيمته، وهي آلة تنظيم الشرارة الكهربائية / la tetiere / واكتشفت فرقة الدرك أيضا على مستوى المصرف ثغرة مالية بحوالي 200 ألف دج تمثلت في تسديد فواتير سنة 2007 لكميات من المواد الغذائية ومواد التنظيف لم تُستلم فعليا، واكتشفت أيضا ذات لجنة التحقيق الأمنية اختلالات في تسيير الصفقات وفي متابعة الأشغال التي قامت بها المؤسسة حيث أنها لم تكن تتعامل بضمان كفالة الخدمة التي يفرضها القانون والمقدرة ب5 % من قيمة المشروع وأن إحدى الشركات التي تكفلت بعتاد التكييف بقيمة 6 مليون دج قامت مع المقتصد بتحرير محضر التركيب النهائي على أساس اكتمال جهوزيته دون أن يحدث ذلك فعلا، كما لاحظت أن تجهيز المسكن الإلزامي للمدير وتأثيثه كان مبالغا فيه، وكذا استغلال سيارة المؤسسة وتضخيم المصاريف بالمهمة. وخلال المحاكمة نفى كل المتهمين التهم المنسوبة إليهم، وأكد المقاول /ب.ح.م.ف/ المتهم بالإستفادة من امتيازات غير مبررة أن كل تعاملاته مع هذا المستشفى في إطار البناء وتركيب تجهيزات التدفئة والتكييف والمياه كانت قانونية وبالتراضي، وأوضح المقتصد المتهم بالتبديد أن كل الصفقات قانونية وتمت عن طريق الإستشارة، وكشف المدير الثاني أنه مباشرة حينما استلم مهامه سنة 2007 تلقى تلك الرسالة المجهولة فحولها للجهات المعنية . * وفيما ركز ممثل الطرف المدني على خطيئة المموّن بجهاز ال EEG وقالت أنه "غندف" مؤسسة كاملة وباعها جهازا لا تحتاجه ولا تعرفه وبقي يلاحقه والتمست تعويضا بنصف مليار سنتيم، أكد ممثل الحق العام أن التبديد ثابت مثل ما هو الحال بالنسبة لجهاز الEEG ، مذكرا بأن وزير صحة سابق خلال زيارته لأحد المستشفيات سأل أحد الأطباء العاملين هناك عن قيمة أحد الأجهزة فأجابه بلا علم له، فتم توقيفه لحظتها على المباشر والتمس العقوبات المذكورة أعلاه، ومن جهته ركز الدفاع المشكل من سبعة محامين على غياب جثة الجريمة الممثل في الصفقة واستغرب وجود تهمة إبرام صفقات مخالفة للتشريع رغم أن المستشفى لم يتعامل إطلاقا بالصفقات العمومية لأن كل العمليات بسيطة وتمت بالتراضي، كما أن الوصاية الممثلة في مديرية الصحة لم تسجل أي خلل في التسيير السابق، وأكدت ذلك في التحقيق، كما أكده المدير الحالي علاوة على تقرير الخبرة المنجز بأمر من قاضي التحقيق، واستغرب لمتابعة المدير الثاني الذي حاول البعض مسح الموس فيه بمجرد قدومه باستقباله بهذه الرسالة المجهولة، مما جعله يطلب النقل إلى أي مكان آخر مباشرة، وتساءل بأي مبرر تتابع الطبيبة المختصة بالسماح بإخراج جهاز رغم أنها لا علم لها به وليست مسؤولة مباشرة عليه ولم يستشرها أحد فيه، واندهش للحديث عن تضخيم تكاليف الأوامر بمهمة التي بلغت 11 مليونا خلال ست سنوات للتنقل من ميلة إلى العاصمة لأن هذا الرقم معقول جدا وهو يمنح في مؤسسة سيدار في يومين، وليس 6 سنوات، ورد الدفاع على وكيل الجمهورية، مؤكدا أنه يفترض اليوم أن يتابع الوزير قيدوم الذي أوقف الطبيب لأن هذا الأخير رفع دعوى قضائية بعد تلك الحادثة ضد الوزير وكسب القضية وتم تعويضه ب 100 مليون سنتيم، تم دفعها من خزينة الدولة بسبب خطأ الوزير وليس الطبيب والتبديد يتحمله الوزير، وتساءل أيضا أين هي مديرية الصحة التي يُفترض أن تحاكم هي بدورها في هذه القضية، لكونها طلبت جهازا لا يحتاجه المستشفى ولم تقم بالتحقيق فيما كان يصلها من شكاوى، وخلص الدفاع إلى أن القضية كلها تتعلق برسالة كيدية تتحدث عن تبديد »زوج دورو« وهدفها انتقام شخصي دفع ثمنه كل إطارات المؤسسة وتم تأجيل النطق بالحكم إلى نهاية الشهر الجاري .