انفجرت مسرحية "أنا والماريشال"، مساء الثلاثاء، بأسئلة المواطنة والخيانة والتململ، وراحت تعاونية "ورشة الباهية للمسرح والفنون" لمدينة وهران، تشتغل على مطرقة "الوطن المريض" وسندان "الشعب المضغوط". عن نص الدراماتورج المغربي المخضرم "أحمد كارس" وتنقيح وإخراج "سعيد بوعبد الله"، ووسط فضاء هائم انبنى العرض على شخصيتي "الماريشال" "بوحجر بوتشيش" وألفونسو" "فؤاد بن دوبابة" تواليا، في بنية درامية تناولت حكاية إدارة عسكرية تفطنت إلى اختلاسات تورّط فيها "الماريشال" فسعت لمحاكمته سرًا، إلا أنّ الماريشال تفطن لذلك ولاذ بالفرار باتجاه غابة بعيدة وأخذ معه الجندي "ألفونسو" موهما إياه بأنهما في مهمة سرية خارج المدينة بعيدا عن الأنظار مستغلا سذاجته وحبه للوطن لأجل خدمة مآربه. وبطريقة مزجت بين الاهانة والتهكم والسخرية، وعزفت على وتر جنون العظمة، يحصل الانقلاب الدرامي إثر علم الجندي رقم 7777 بخيانة الماريشال، فتنشب المواجهة التي تنتهي بمصرع الماريشال الذي ظلّ يطلق مزاعم من قبيل كونه "الماضي والحاضر والمستقبل، وبدوني ستعيشون جرذان" (..)، وزفر "الماريشال" أيضا: "كنت دائما ضد القلم الحر حتى المصورين لم يسلموا مني، لكن لا تغضبوا إننا نحمي الوطن". العمل الذي صمّمه موسيقاه "عبد الرحيم زياني" وهندسه سينوغرافيا "خالد هوناني"، خاض في جدلية المواطنة والخيانة، واختار طاقمه الخوض في إفرازات "الوطن المريض" و"الشعب المضغوط"، وجرى التأكيد على "حتمية نكران الذات"، والتشديد على أنّه "عندما يكون الوطن بخير، يكون أولاده بخير أيضا". وبرسم رابع عروض مسابقة الأيام الوطنية الثانية للمسرح التجريبي (دورة عربية) بحاضرة العلمة، أبرز العمل شعاراتية مساءلة الخونة والخيانة، وفقاقيع "الخونة والعملاء" وخطاب "أنا من حصّن الحدود وروّض الأسود وحافظ على وصايا الجدود"، كما تضمّن العرض صراعا فلسفيا بتوابل "نيتشه" و"ميكيافيلي"، عن التقدمية وماهية الديمقراطية، وثنائيات: ديمقراطية الأغنياء والفقراء، ديمقراطية الخونة والأوفياء، ديمقراطية الأذكياء والأغبياء، وسط إحالات على كون "الأوضاع السياسية والاقتصادية ليست بخير، البلد مشوش وفي تدهور مستمر، والأحزاب تتوالد، بينما نحن نلعب".