أشهرت وزارة المالية بطاقة صفراء في وجه الدوائر الوزارية المختلفة ومنعتها منعا صريحا من تجديد حظيرة سياراتها، واقتناء الأثاث، كما حظرت عليها تنظيم الملتقيات والندوات وبرامج المنح إلى الخارج ومنح التكوين في سياق تقديم مقترحاتها المتعلقة بمشروع قانون المالية وميزانية السنة القادمة، تفاديا لأية مصاريف إضافية تخل بمبدأ "التقشف" وتسقيف الميزانية الملزمة لكل قطاع وزاري. وكشفت مذكرة توجيهية، أرسلها وزير المالية حاجي بابا عمي إلى الآمرين بالصرف لميزانية الدولة، والتي تعتبر أرضية لتحضير المشروع التمهيدي لقانون المالية وميزانية الدولة للسنة القادمة، تمسك الحكومة بخيار "التقشف" وعقلنة المصاريف، خاصة ما تعلق بمصاريف القطاعات الوزارية، والتي كشفت تقارير رسمية أن غالبية الوزارات تستهلك الملايير في تجديد حظائر السيارات وتجهيزات المكاتب، وتنظيم الملتقيات وأيام دراسية وأحيانا تنظيم منح للتكوين في الخارج والداخل. وعلى اعتبار استمرار الضائقة المالية التي تعيشها الجزائر، ألزم وزير المالية الآمرين بالصرف خلال تحضير مشروع ميزانيتهم المتعددة السنوات للفترة الممتدة ما بين 2018 و2020، في الشق المتعلق بتسيير المصالح، بخمسة محاور أساسية إيمانا منه أنها أسباب نزيف الميزانيات القطاعية، وكانت مصالح وزارة المالية واضحة إلى أبعد الحدود، عندما أمرت بتأجيل اقتناء العتاد وأثاث المكاتب بدون ضرورة ملحة للتجديد، والأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الاضطرارية، الناجمة عن إنشاء هياكل ومصالح جديدة، وطالبت وزارة المالية مختلف القطاعات المحافظة على الأثاث الموجود وصيانته. أما المحور الثاني في ورقة عمل الآمرين بالصرف، فتخص حظيرة السيارات، حيث يتعين على الوزارات الحرص على التطبيق الصارم لأحكام النصوص التشريعية وتحديدا ما تعلق بالمرسوم التنفيذي رقم 10-115 والقرار الوزاري المشترك المؤرخ في 6 ماي 2012، والمتعلق بمنع اقتناء سيارات، خاصة ما تعلق بالسيارات الفاخرة، وألزمتهم بالقيام بالتعديلات المترتبة عن تجديد المركبات غير المؤهلة للخدمة أو عن حاجة المصلحة نظرا لإنشاء هياكل جديدة بإجراءات خاصة جدا، ويتعلق الأمر بجعل كل طلب اقتناء أو تجديد مركبة مصاغا بوضوح ومقررا أثناء أشغال التحكيم لمجموع المؤسسات والإدارات العمومية، مما يعني أن تجديد حظيرة السيارات يجب أن تخضع لعملية تحكيم واستشارة لعدة أطراف. المحاضرات والملتقيات، التي عادة ما شكلت مصدر نزيف للأموال، و"نهب" للميزانيات بطريقة قانونية، ستخضع الاعتمادات المتعلقة بها والتي ستكون قليلة جدا حسب وثيقة المذكرة التوجيهية إلى قواعد جدوى صارمة، وذلك خلال إعداد برنامج على امتداد الفترة 2018-2020، يتم التعريف بدقة وتحديد المبالغ بوضوح إلى جانب تقديم ورقة مفصلة عن الموضوع، الفترة، المكان، المدة، المشاركين وباقي التفاصيل ويجب أن تخضع هذه الورقة إلى موافقة السلطات العمومية عندما يتعلق الأمر بملتقى يحمل البعد الدولي. وزارة المالية في رابع نقطة أمرت الآمرين بالصرف وضع نصب أعينهم لدى تحضير مشاريع ميزانيتهم ضرورة تقليص التكفل بالمدعوين والمساهمين والوفود الأجنبية التي تزور البلاد في إطار التبادلات الثنائية أو بمناسبة التظاهرات المختلفة، وجعل التكفل بهؤلاء من مهام سفاراتهم وتمثيلياتهم الدبلوماسية، وسبق للحكومة أن درست مقترح تحويل مصاريف ضيوف الجزائر من مختلف المستويات على عاتق الدولة الضيفة، وذلك عملا بالمبدأ الدبلوماسي الذي ينص على التعامل بالمثل، وغالبية دول العالم لا تتكفل بمصاريف إقامة وفود الدول التي تزورها، إلا قليلا جدا. كما أشارت المذكرة إلى منح الأولوية للبنى التحتية القطاعية والبنى المخصصة لتنظيم الندوات والأيام الدراسية والاجتماعات الموسعة لدى تنظيم ملتقيات أو ندوات، كما طالبت مصالح حاجي بابا عمي بالتخلي عن منح التكوين بالخارج والداخل إلا عند كمية محددة والتي تفرضها الاحتياجات الضرورية لترقية الموارد البشرية.