الحكومة تقرر إلغاء الملتقيات والأيام الدراسية حفظا للمال العام أغلب مؤتمراتنا تعقد آخر السنة لتبرير الميزانيات المتبقية هكذا تعقد المؤتمرات الناجحة في العالم وهكذا تعقد في بلادنا قررت الحكومة بداية من السنة القادمة إلزام كل المؤسسات، والإدارات العمومية على اختلاف تسمياتها التخلي على تنظيم الملتقيات والمؤتمرات، موازاة مع تقليص كل النفقات المتعلقة باقتناء العتاد والأثاث والسيارات وغيرها. * * وذلك بعد الوقوف على الأغلفة المالية الضخمة التي تنفقها عدة إدارات بما فيها الدوائر الوزارية والمؤسسات العمومية في تنظيم الملتقيات والأيام الدراسة والمؤتمرات من دون جدوى عملية، عدا الترويج الإعلامي أحيانا. وتدرج وزارة المالية ممثلة للحكومة قرارها القاضي بإلغاء تنظيم الملتقيات والمؤتمرات، في إطار تطبيق سياستها المتعلقة بترشيد النفقات وشد الحزام، وتفادي كل نوع من التبذير والمصاريف الإضافية، على اعتبار، أن الأوضاع الاقتصادية تملي توخي الحذر وترشيد النفقات، وضمن هذا الإطار نبهت مصلحة التخطيط بوزارة المالية الحكومة وهي تستعد لمناقشة المشروع التمهيدي لقانون المالية الأولي للسنة القادمة بضرورة مواصلة اعتماد الصرامة، في التخصيصات المالية والنفقات العمومية، إذ تأكد بصفة رسمية أن الجهاز التنفيذي عازم على تقليص ميزانية التسيير لأقصى الحدود، إذ تقرر اعتماد صرامة شديدة في تخصيص الموارد، لاسيما التي تعود لما يسمى عادة في الجانب المحاسباتي بمنهاج حياة الدولة والتي تغطي عادة نفقات تسيير المصالح كاقتناء العتاد والأثاث وتسيير حظيرة السيارات وتنظيم الملتقيات والمؤتمرات وتكاليف التنقل والتي سجلت انخفاضا في معدلات نموها، وضمن هذا الإطار فإن الإعتمادات الممنوحة بعنوان تسيير المصالح السنة المقبلة ستسجل انخفاضا بنسبة ستتجاوز ال21 نقطة من المائة، أي تراجع عند حوالي 21 بالمائة. * وأفادت مصادر مسؤولة "للشروق اليومي" أن غالبية الإدارات والمؤسسات العمومية، تلقت تنبيهات بخصوص عقلنة وترشيد صرف المال العام، خاصة ما تعلق بتنظيم المؤتمرات والملتقيات والندوات والتي تستهلك أغلفة مالية كبيرة جدا، تضاهي أحيانا في تكلفتها كلفة تمويل دورات تكوينية في الدول الأكثر تطورا تكون نتائجها أكثر نجاعة وفاعلية، على هياكل وإطارات الإدارات والمؤسسات العمومية. * وتتباين تكلفة تنظيم المؤتمرات والندوات والملتقيات والأيام الدراسية من هيئة لأخرى ومن إدارة لأخرى، ولا تخضع لمعايير أو مقاييس مضبوطة، عدا السلطة التقديرية للمسؤول الأول على اعتبار أن مصاريفها تدرج ضمن ميزانية التسيير بصفة إجمالية، كما تختلف التكلفة تماشيا مع حجم المؤتمر أو الملتقى المنظم، حيث أن تنظيم ملتقى أو مؤتمر يستهلك أموالا في كل محطاته بداية من الاستقبال إلى كلفة الحجوزات إلى تكاليف الإقامة بجميع تفاصيلها، وكل هذه المصاريف في مقابل أهداف دعائية وترويج إعلامي، وبيان ختامي وتوصيات حسب حجم التظاهرة، وتتماشى في الأساس مع لونها ثقافية كانت أو علمية أو سياسية أو غيرها، هذه التوصيات التي لا تغني ولا تسمن من جوع. * الخطوة التي اتخذتها الحكومة بقرارها تقليص نفقات تنظيم المؤتمرات والملتقيات، يعتبر بمثابة استجابة ضمنية لبعض الانتقادات التي تلقتها في العديد من المناسبات من عدة أطراف، منها الشارع الجزائري، عندما يتعلق الأمر بتظاهرات كبرى، ناهيك عن "البزنسة" و"المحاباة" التي تمارسها العديد من الإدارات عند تنظيم ملتقياتها، غير أن الحكومة كذلك ستحرص تماشيا مع قرارها هذا على الحفاظ على المستوى المناسب للمصلحة العمومية مع الأخذ بعين الاعتبار التكاليف المتكررة الناجمة عن تسيير الهياكل الجديدة. * * بشيرمصيطفى ل "الشروق": * المؤتمرات منعدمة الجدوى وتتم بغرض صرف الميزانية المتبقية * أكد، بشير مصيطفى، الخبير الاقتصادي أن اللقاءات الفكرية والمؤتمرات في الجزائر ماعدا الملتقيات المتخصصة التي تهم قطاعات مهنية محددة لغرض التكوين "توصف بانعدام الجدوى ليس لأنها محط إهتمام السلطات من حيث التشاور ولكن لأن أهداف إنعقادها تبدو محدودة ولا تخرج عن نطاق صرف الميزانية مما يفسر بقاء توصياتها حبرا على ورق"، مضيفا "بعض الجهات تضطر للقيام بمؤتمرات لغرض صرف الميزانية المتبقية آخر العام". * وأفاد مصيطفى في تصريح ل"الشروق" بأن هناك ملتقيات أخرى تقام حول ظرف طارئ يشغل الرأي العام مثل توسع الآفات الإجتماعية أو الأزمة المالية العالمية، موضحا بأن قاعدة المؤتمرات تكمن في الجدوى التنموية، حيث تعتبر اللقاءات الفكرية والمؤتمرات في الدول الناهضة، بحسبه، حلقة وصل بين أعضاء المؤسسة داخليا ومع المحيط الخارجي سواء أكان هذا المحيط حكومة أو هيآت دولية، والغرض من ذلك يكون "دائما تطوير الإتصال والمشاركة في القرارات الإستراتيجية للدولة، ولذلك سرعان ما تتحول توصيات المؤتمرات الى ملفات لدى الجهات المعنية". * وقال المتحدث بأن السلطات لا تملك حاليا الآلية المحاسبية للنفقات المتعلقة بالمؤتمرات "مما حول بعضها الى ساحة للمتاجرة بالخدمات المصاحبة لها كالإيواء والإطعام والطباعة والإتصال والنفقات الأخرى"، مضيفا بأنه من الضروري والمجدي ربط إشكاليات الملتقيات بقضايا محددة تكون من صميم اهتمام السلطات أو المجتمع المدني أو المؤسسة وتدخل في إطار مخطط عملها حتى تصبح الملتقيات من أدوات العمل والتطوير والبحث. * * امحمد حميدوش، خبير لدى البنك العالمي ل"الشروق": * هذه الملتقيات مجرد فلكور للظهور وصرف للمال العام * أكد الخبير الاقتصادي، أمحمد حميدوش، بأن ميزانية المصاريف المخصصة للقاءات الدولية نفسها المخصصة لتلك الوطنية بإضافة مصاريف تذاكر السفر للمدعوين الأجانب، موضحا بأن المؤسسات الإدارية والوزارات تبرمج ضمن ميزانية التسيير عددا من اللقاءات ك"آلية عادة" سنويا. * وأفاد حميدوش في تصريح ل"الشروق" بأن الإشكال المطروح بأن مؤتمرا دوليا عاديا يحضره 100 شخص يكلف حوالي 800 مليون سنتيم، بتوفير الإقامة في الفنادق الراقية والإطعام وما رافقه من خدمات النقل والهدايا، من أجل هدف واضح لمعالجة قضية تبقى دون متابعة ودون تطبيق وفي أرشيف المراقب او المحاسب المالي، وهو ما دفعه للقول بأن تلك المؤتمرات أضحت مجرد "فلكور" للظهور وسيناريو، معتبرا بأن العمق السياسي يزيح فائدة اللقاء، ولترشيد النفقات أشار لضرورة رسم ورقة تقنية للمؤتمر سنة مسبقا مع تحديد الاهداف. * وتأسف حميدوش لحقيقة اللقاءات في الجزائر، موضحا بأن مؤتمر يومين ينتهي في فطور اليوم الأول، وأفاد المتحدث بأن الملتقيات في العالم اثنان فقط، علمية واقتصادية تشمل مداخلات لأساتذة، مختصين، خبراء وباحثين، أما التربوية والتوجيهية فتمول من قبل مؤسسات الأممالمتحدة، أو بنوك مختصة ومؤسسات اقصتادية لديها علاقة مباشرة وغير مباشرة. * * 1.8مليار دولار تصرفها الجزائر على المؤتمرات سنويا * أفاد الخبير الاقتصادي لدى البنك العالمي، أمحمد حميدوش بأن نسبة نفقات المؤتمرات تضبطها وزارة المالية في حدود 5 بالمائة من مجمل مرصدات ميزانية الدولة الموجهة للتسيير لكل مؤسسة أو وزارة. * وعليه فإن المبلغ المرصد في المجمل يقدر بحوالي 1.8 مليار دولار، من أصل 2661.26 مليار دينار جزائري كميزانية تسيير للسنة الجارية. * * 2000 مليار دولار حجم صناعة المؤتمرات في الشرق الأوسط * هكذا تدار الملتقيات والمؤتمرات في العالم * * دبيوالدوحة وشرم الشيخ تقود قطاع سياحة المؤتمرات في المنطقة العربية * الجزائر تستفيد من أقل من1 بالمائة بسبب ضعف فنادقها وقاعات المؤتمرات * * تسبب ضعف البنية التحتية للجزائر في مجال السياحة وغياب بنية تحتية في مجال تنظيم المؤتمرات في خسائر سنوية بمئات ملايين الدولارات وآلاف مناصب الشغل الدائمة، ويعود ذلك إلى غياب سياسة حكومية تدعم صناعة المؤتمرات التي تقوم على مجموعة من الشركات التي تتولى الترويج للجزائر كمكان لإجراء المؤتمرات، والعمل على تنشيط السياحة والمقاصد السياحية المعروفة، وتعمل على وضع الجزائر على الخريطة السياحية العالمية، وتحقيق مداخيل سياحية مهمة تمكن من تنويع مصادر الاقتصاد. * وكان للعشوائية في التنظيم وعدم تحديد الأهداف المتوخاة من المؤتمرات بدقة وكفاءة عالية، في عدم تحقيق المؤتمرات الدولية التي عقدت في الجزائر لأي من أهدافها، وتحولت تلك الملتقيات إلى مناسبات لاستفادة بعض رجال الأعمال من الصف الثالث والرابع من ريع البترول الجزائري بدون أي فائدة تذكر للمجموعة الوطنية، كما استغلت شركات عالمية ومقرها لندن وباريس وجنيف وبيروت، عجز الجزائر في هذا المجال للفوز بصفقات بملايين الدولارات لتنظيم مؤتمرات دولية لصالح هيآت عمومية جزائرية ومنها وزارة الصناعة وترقية الاستثمارات ووزارة الطاقة والمناجم وشركة سوناطراك. * وأكد تقرير اقتصادي بعنوان "رؤية 2020" أن صناعة المؤتمرات ستقود النمو في منطقة الشرق الأوسط في السنوات المقبلة، مضيفا أن حجم هذه الصناعة سيصل لأكثر من 2000 مليار دولار. وستتمكن مطارات المنطقة مع حلول 2020 من زيادة حجم الرحلات الجوية وأساطيل الطائرات بنسبة 150 في المائة حتى عام 2025. * ويشير التقرير أن إنفاق السائح في سياحة المؤتمرات يرتفع بسبة 30 بالمائة مقارنة بإنفاق السائح العادي، في الوقت الذي تعجز الجزائر على إيواء 2000 مشارك في المؤتمر العالمي للغاز الذي سيعقد سنة 2010 بوهران ولجأت إلى كراء بواخر فاخرة من اسبانيا لإيواء عدد من المشاركين بسبب محدودية طاقة استيعاب الفنادق الراقية في عاصمة غرب البلاد، وهو العجز الذي ظهر للعيان خلال الاجتماع الاستثنائي لمنظمة الأوبك الذي عقد بوهران في 24 ديسمبر الفارط. * وتتسابق الدول لاستضافة الاجتماعات الدولية المرموقة أو مقرات المنظمات الدولية أو الألعاب العالمية على غرار بطولات العالم المختلفة أو بطولات كأس العالم لمختلف الرياضات أو المؤتمرات الاقتصادية العالمية، من أجل تنشيط صناعة المؤتمرات وتنشيط قطاعها السياحي وتنويع اقتصادها. * وعلى سبيل المثال تمكنت العاصمة النمساوية فيينا التي تستضيف مقرات العديد من المنظمات والهيآت الدولية، مثل مبنى منظمة الأممالمتحدة بما يحويه من العديد من المنظمات الدولية كهيأة الطاقة الذرية، ومكاتب مكافحة الجريمة والمخدرات، ومنظمة "أوبك"، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبى، جذب واستضافة 3259 مؤتمر دولي ومحلي خلال العام الماضي، حيث قضى زائرو المؤتمرات 1.2 مليون ليلة سياحية في فنادق المدينة، ما سمح بتوفير 13 ألف فرصة عمل دائمة. * وفي منطقة الخليج العربي والمشرق العربي أصبحت الدوحة القطرية ودبي الإماراتية، وشرم الشيخ المصرية، والبحر الميت في الأردن، مراكز عالمية لصناعة المؤتمرات مما سمح بإنعاش سياحة المؤتمرات والسياحة الراقية في هذه البلدان التي أصبحت تحقق مداخيل هامة جدا. * وأصبحت قطر موقعاً عالميا ورسخت مكانتها كوجهة متميزة في قطاع المؤتمرات والفعاليات الإقليمية والدولية، فضلا عن التعليم والبحوث العلمية، وتجلت هذه الريادة بإنشاء المدينة التعليمية بالدوحة، كمقر لجامعات دولية عريقة في مقدمتها كلية ويل كورنل للطب، جامعة كارنيجي ميلون، جامعة جورج تاون، جامعة تكساس، وجامعة نورث وسترن، وكلية الآداب بجامعة فيرجينيا كومنولث، بالإضافة إلى استضافة رواد في مجال البحوث والأعمال وفي مقدمتهم "ميكروسوفت"، "اكسون موبيل"، "شل"، بالإضافة إلى "سيسكو" لتسهم بذلك في دعم اقتصاد قائم على المعرفة، في الوقت الذي تواصل السبات الشتوي لمدينة سيدي عبد الله العلمية قرب العاصمة. * وفي منطقة المغرب العربي، تعد الجزائر الغائب الأكبر على قائمة الدول التي تتوفر على إمكانات لوجيستية لتطوير صناعة سياحة المؤتمرات، ومقارنة مع تونس والمغرب، لا تكاد الجزائر تذكر في هذا المجال، وإضافة إلى عجزها الواضح في مجال توفير بنى تحتية لائقة في مجال الخدمات الفندقية وقاعات المؤتمرات وإقامة الندوات والمعارض، لجأت الجزائر إلى شركات أجنبية لتنظيم المؤتمرات والملتقيات الدولية الخاصة بالاستثمار في قطاعات النفط والصناعات المختلفة والسياحة والترويج للوجهة الجزائرية.