الدّموع دواء نافع للقلوب القاسية والأرواح الغافلة، ومِن أعظم الدّمعات نفعا تلك التي تسيل من عين العبد في خلوة ساعة من ليل أو نهار، وهو يرتّل كلام ملك الملوك ومن بيده الملك والملكوت. إنّه كلام الله، دواء القلوب وطبّ الأرواح والأجساد؛ حرف منه بعشر حسنات. الختمة منه بأزيدَ من 3 ملايين حسنة والله يضاعف لمن يشاء. بكى من تلاوة القرآن من لا يفهمه من العجم، لأنه آمن أنه يقرأ كلام الله جل وعلا. من قرأه للشفاء شفي، ومن قرأه لمغفرة الذنوب غفرت ذنوبه وزال عنه ضيق المعصية وذلّها. من قرأه للشعور بالأمان أمن، ومن قرأه لصلاح حاله صلح، ومن قرأه لصلاح أبنائه صلحوا بإذن الله. ومن لم يصلح بالقرآن فلا صلاح له، يقول أحد الصّالحين: "من لم يردعه القرآن والموت، فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع". ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)). في رمضان نُمنح فرصة لسماع القرآن الكريم كاملا في صلاة التّراويح، وهي فرصة ربّما لن تتكرّر لكثير منّا. موت الفجأة يأخذ الشابّ قبل الشّيخ والفتاة قبل العجوز. اقترب الموعد مع ملك الموت ودنت ساعة الرّحيل، أفلم تحن بعد ساعة الالتزام أخي المؤمن؟. ومع الجوع والقرآن والدّموع هناك سبب آخر من أعظم أسباب لين القلوب ورقّة الأرواح وصلاح الأحوال، إنّها الصّدقة الخالصة لوجه الله، الصدقة، تلك المنحة التي غفل عنها كثير من الناس؛ بها تقضى الحاجات وتفرّج الكربات. كم صدقة تُصُدّق بها على أرملة أو يتيم أو مسكين، فُرّج بها عن صاحبها ما لا يعلمه إلا الله من الكربات، وقضيت له بها ما لا يحصيه إلا الله من الحاجات. فتصدّق أخي المؤمن لصلاح حالك ولين قلبك، وشفاء مرضك، أو شفاء زوجك أو ولدك. تصدّق لأجل الشّفاء من العين ومن السّحر ومن المسّ. تصدّق لأجل تجاوز امتحان أو دفع أذى جار أو قريب. تصدّق لأجل زوال همّ وكشف غمّ. تصدّق ولو بالقليل لأجل أن يفتح الله لك أبواب الرّزق من حيث لا تحتسب، يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "استنزلوا الرّزق بالصّدقة". تصدّق ولو بالقليل لأجل قضاء ديونك. تصدّق لأجل كلّ هذا مخلصا محتسبا عند الله، واطلب من الفقير الذي تصدّقت عليه أن يدعو لك بقضاء حاجتك، ثم ابتعد عنه قليلا وقل بينك وبين نفسك: "اللهم إن علمت أنّ هذه الصّدقة لوجهك وابتغاء مرضاتك فاقض حاجتي أو ففرّج كربتي"، وسمّ حاجتك، وستجد من الله العجب العجاب، يقول نبيّ الهدى صلّى الله عليه وآله وسلّم: (داووا مرضاكم بالصّدقة). يقول ابن القيم عليه رحمة الله: "فإنّ للصّدقة تأثيرا عجيبا في دفع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم، بل من كافر".