تتشابه كل الأجواء في مطاعم الرحمة لتحضير وجبات إفطار الصائمين من المحتاجين وعابري السبيل.. حركة دؤوبة من الصبيحة تبدأ بتقشير الخضر وتقطيع اللحم وبعدها تنتقل إلى وضعها على النار إلى حين الانتهاء من كافة مراحل طبخها، ويشرف على هذا خلية نحل شابة تعمل في نشاط وحيوية. "الشروق" دخلت "العلب السوداء" لهذه المطابخ وتحدّثت إلى الفريق العامل بها وذلك ضمن زيارة رسمية نظمتها ولاية الجزائر قادت كلا من والي العاصمة عبد القادر زوخ ووزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة غنية الدالية إلى عدد من مطاعم الرحمة على مستوى العاصمة. المحطّة الأولى كانت مع مطعم المؤسسة الخيرية "ناس الخير" في الكيتاني ببلدية باب الوادي ضمن مشروعها الوطني الخيري في طبعته السابعة "رانا هنا" والذي يتضمن مجالات عديدة منها "أجي تفطر" عبارة عن مطعم لإفطار الصائمين الفقراء ومن دون مأوى وعابري السبيل، حيث تقدّم يوميا نحو 1200 وجبة على مساحة تناهز 1400 متر مربّع. ويسهر على الخدمة فيه زبدة الشباب الجزائري لا يتعدى معدل أعمارهم 34 عاما ويناهز عددهم 200 متطوّع يشرف عليهم "طباخ رئيسي". ما يميز هذا المطعم هو النظافة العالية والترتيب المتناسق للأواني والالتزام التام للشباب حيث أعجب والي العاصمة ووزيرة التضامن بالتجربة وأثنيا عليها كثيرا. تلتها محطة أخرى لمطعم تعاضدية عمال المالية بالقرب من البريد المركزي، كانت الروائح تنبعث من مطبخها خصوصا رائحة الشوربة التي دفعت بالوالي زوخ إلى رفع غطاء القدر وتحريكه معربا عن ارتياحه لاحترام شروط النظافة. أمّا المحطّة الثالثة فكانت المطبخ المركزي للولاية "بريسكو" الذي يوجّه وجباته ل 22 نقطة عبر العاصمة بمعدّل 100 وجبة لكل نقطة وتتولى فرق الكشافة الإسلامية نقلها إلى مستحقيها. السيدة وردة المشرفة على تحضير الوجبات إلى جانب طاقم نسوي بامتياز، قدّمت شروحات عديدة عن طريقة حفظ المنتجات واللحم، حتى الوجبة الشاهد يحتفظ بها المطعم درءا لأي شبهة قد تلحق بهم.
عمل دؤوب من السادسة صباحا إلى غاية الإفطار يبدأ عمل المتطوّعين في مطاعم الرحمة في ساعات باكرة جدا حسب ما أخبرنا به هؤلاء حيث يضبطون عقاربهم على الساعة السادسة صباحا نظرا للكميات الكبيرة التي تحضر والتي يجب أن تكون جاهزة قبل الإفطار بساعات لنقلها إلى مطاعم فرعية أخرى. فبين الأفران والقدور يتواصل العمل لساعات تضبط خلالها قائمة الأكل ويبدأ بعدها التحضير والطهي ليتولى فريق آخر مهمّة التنظيف وترتيب الطاولات وتقطيع الخبز، وبعد تقدّيم وجبة الإفطار يتداول آخرون على غسل الأواني وتنظيف الأرضيات.
زوخ يبحث عن التمر في مطاعم الرحمة في كل محطّة كان يصل إليها والي العاصمة عبد القادر زوخ كان يبحث عن التمر على موائد الإفطار وعن عدد الحبات التي تقدّم إلى الصائمين وأكثر من هذا يطلب من القائمين عليها تطبيق السنّة من خلال تقديم 3 حبات على الأقل بدل اثنين. زوخ الذي بدا سعيدا جدا بالأجواء التضامنية التي صنعها الشباب لم يتردد في "تحريك" القدور و"الطناجر" للتأكد من الذوق الجيد للأكل وبدا ملما بمختلف الأطباق والطريقة التقليدية لتحضيرها.
وزيرة التضامن "تلقّن" والي العاصمة الطبخ العصري كانت أغلب الوصفات المقدمة في مطاعم الرحمة محل الزيارة الرسمية تجمع بين الطابع التقليدي والشكل العصري وهذا ما جعل والي العاصمة يتساءل عن سبب تغيير إعدادها لتخبره وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة غنية الدالية بأن الحداثة طالت مجال الطبخ وأصبح عصريا بلمسات جديدة. الدالية بدت أكثر استماعا للشروحات المقدمة إليها من قبل القائمين على المطاعم والمتطوّعين الشباب.