عجزت الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا في إيصال أكبر عدد ممكن من أبنائها للبرلمان الفرنسي في الانتخابات التشريعية التي جرى دورها الثاني الأحد الأخير، والتي حملت انتصارا عريضا لحزب "الجمهورية إلى الأمام"، الذي يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ولم يحقق الفرنسيون من أصل جزائري في هذا الاستحقاق، سوى ثلاثة مقاعد فقط في حصيلة شبه نهائية، وهو رقم لا يتماشى إطلاقا مع حجم الجالية المقيمة بفرنسا، والتي تقدر بالملايين حسب التقديرات غير الرسمية، ونحو مليون نسمة فقط بحسب التقديرات الرسمية الفرنسية. وتمكن إبراهيم حموش، وهو طبيب ابن مهاجر جزائري، من حجز مقعد له في الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان)، ضمن قوائم الحركة الديمقراطية (مودام)، وكان ذلك في الدائرة الانتخابية الثامنة لمنطقة "موزال"، متقدما على منافسه ش. هوف، بفارق شاسع قارب العشرة بالمائة، والمترشح ضمن قوائم الجبهة الوطنية التي تقودها زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان. كما حجزت فضيلة خطابي (من أصل جزائري) مقعدا لها في البرلمان، وقد ترشحت ضمن قوائم حزب "الجمهورية إلى الأمام"، ممثلة للدائرة الانتخابية الثالثة لمنطقة "كوت دور"، متقدمة بفارق شاسع 65.32 بالمائة مقابل 34.68 بالمائة من الأصوات المعبر عنها، عن منافسها الفرنسي الأصل، جون فرانسوا باتوليي، المترشح ضمن قوائم الجبهة الوطنية، بالإضافة إلى بلخير بلحداد الذي حجز مقعدا ضمن صفوف حزب ماكرون. وتمثلت المفاجأة في خسارة الجزائرية ليلى عيشي، أمام منافسها المغربي عبد المجيد القراب، بالرغم من أنها تقدمت عليه في الدور الأول، وهو ما قلل من غلة أبناء الجالية، حيث كانت مرشحة فوق العادة للفوز، قبل أن تثار حولها ضجة مفتعلة قادتها المصالح المغربية، بحجة دعمها للموقف الجزائري في قضية الصحراء الغربية. وكانت عيشي مرشحة في البداية ضمن قوائم حزب الرئيس ماكرون، غير أن إثارة الجدل حول موقفها من القضية الصحراوية، دفع قيادة "الجمهورية إلى الأمام"، إلى استبدالها بالفرنسي من أصل مغربي، "القراب"، لتمثيل الحزب في الدائرة التاسعة لفرنسيي الخارج (المغرب العربي وإفريقيا الغربية)، فيما ترشحت عيشي ضمن قوائم "الحركة الديمقراطية"، التي يترأسها المترشح السابق للانتخابات الرئاسي، فرانسوا بايرو، أحد داعمي الرئيس ماكرون. وأبانت هذه القضية عن صراع خفي جزائري مغربي سرعان ما انفجر ليخرج إلى العلن، حول تمثيل الجالية المغاربية في فرنسا، علما أن عيشي كانت قد اتهمت بريزة خياري، وهي عضو مجلس الشيوخ من أصل جزائري، بإدارة الحملة التي سلطت عليها، لاعتبارات قالت إنها تندرج في سياق الصراع السياسي على النفوذ بحكم انتماء المرأتين لذات الجالية. وتعتبر المقاعد الثلاثة المحققة حصيلة هزيلة جدا ولا ترقى أبدا لتكون في مستوى حجك الجالية الذي يعد بالملايين، كما تؤكد هذه الواقعة مدى تشتت الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا وعدم وقوفها ككتلة واحدة، بدليل فشلها في اختبار الانتخابات التشريعية، الذي كان يمكن أن يكون محطة لترتيب البيت الداخلي تحسبا للرهانات المستقبلية المتمثلة في الدفاع عن مصالح الجالية المقيمة بفرنسا وما أعقد مشاكلها.