تفاوتٌ في الآراء والاقتراحات بشأن توقيت وإجراءات تنظيم دورة البكالوريا الاستثنائية، شهده اللقاء الذي جمع وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط مع الشركاء الاجتماعيين في القطاع أمس، فرغم أن الاجتماع كان مخصصا في الأساس للتشاور حول منهجية العمل المزمع تطبيقها لدراسة ومناقشة ووضع قيد الإعداد مشروع قرار وزاري يتضمن التوجيهات العامة لوضع النظام الداخلي للمؤسسات المدرسية، إلا أن أهمية واستعجالية التشاور حول إجراءات تطبيق القرار الرئاسي حول تنظيم دورة استشنائية للبكالوريا لفائدة التلاميذ المقصين، حتّمتا على المجتمعين إرجاء مناقشة الموضوع الأصلي للقاءات مقبلة، فيما دخل الجميع في شدّ وجذب بحثا عن توافق بخصوص البكالوريا الاستثنائية التي تصنع الجدل على الساحتين التربوية والسياسية مؤخرا. وأكثر نقطتيْن اختلفت حولهما الآراء، تتعلقان بفئة التلاميذ المعنيين بالدّورة الاستثنائية، فهل ستكون مفتوحة لجميع المقصين من متغيّبين ومتأخرين ومتخلّين عمدا وحتى الراسبين في دورة ماي 2017، أم ستقتصر على المتأخرين فقط، والنقطة الثانية متعلقة بتاريخ إجراء الدّورة، فهل ستكون في جويلية أم سبتمبر. في انتظار إعلان القرار النهائي عن توقيت والإجراءات التنظيمية للدورة الاستثنائية الأسبوع المقبل. وفي الموضوع، أكد رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، احمد خالد في اتصال مع "الشروق"، أن لقاء أول أمس تميز بنقاش ثري بين الوزيرة والشركاء الاجتماعيين، خلص إلى اتفاق شبه جماعي بين جمعيات أولياء التلاميذ والنقابات على تنفيذ قرار رئيس الجمهورية في أسرع الآجال، مع ضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ، وتثمين سلوك فرض الانضباط واحترام رزنامة الامتحانات على جميع التلاميذ مستقبلا. وعن مقترحات الجمعية، قال المتحدّث "أكدنا على أن تنظم الدورة الاستثنائية للبكالوريا لهذه السنة فقط، وأن تشمل قائمة المستفيدين منها إضافة للتلاميذ المقصين بداعي التأخر، الغائبين والمتخلين عمدا، بسبب صعوبة تحديد المقصين الحقيقيين". فيما تباينت مواقف الأولياء بشأن التوقيت المناسب للدورة، واحتاروا بين قراريْن "إذا نظمت منتصف شهر جويلية، تتفرّغ وزارة التربية للتّحضير الجيّد للدّخول المدرسي المقبل، ويدخلها التلاميذ بمعلومات محينة وذاكرة مخزّنة بالدروس، أمّا إذا أردْنا منح فرصة ثانية للرّاسبين في دورة ماي، فعلينا تنظيمها بداية شهر سبتمبر المقبل". وحمّل المتحدث، مسؤولية اللجوء إلى دورة استثنائية للبكالوريا، إلى بعض رؤساء مراكز الإجراء، والذين تعسفوا في تطبيق إجراء إقصاء التلاميذ المتأخرين، وحسبه "بالغ البعض في تطبيق تعليمة الوزارة، فطردوا تلاميذ تأخروا لدقيقة أو اثنتين وفي عز رمضان". ورأى عضو المجلس الوطني للثانويات الجزائرية "الكلا" زوبير روينة، أن قرار رئيس الجمهورية هو قرار سياسي وليس بيداغوجيا، ومع ذلك علينا قبوله، ومحاولة التقليل من آثاره الجانبية يقول، ومستغربا سبب عدم اللجوء لدورة استثنائية للمقصين السنة المنصرمة. واعتبر روينة في اتصال مع "الشروق" أن التسرع في إقصاء المتأخرين، مع التساهل في موضوع التأخرات المتكررة للتلاميذ خلال الفصل الدراسي، هو ما أوصلنا لهذه الوضعية، ومعلّقا "عقاب المتأخرين كان أكبر من حجم الخطأ". وعن توقيت الدورة، اقترحت "الكلا" أن تنظم شهر سبتمبر المقبل ويدخلها أيضا الراسبون من دورة ماي2017 لاستحالة تحديد المتأخرين الحقيقيين، وحسبه "الأساتذة منشغلون حاليا في التصحيح والمسابقات المهنية، وهم بحاجة إلى عطلة للاسترجاع خلال شهر جويلية، وأنسب وقت هو سبتمبر، حتى لو اضطررنا لتأخير الدخول المدرسي لأسبوع". وعلى النقيض، استنكرت النقابة الوطنية لعمال التربية "الأسانتيو" وبشدّة المنادين بإدخال الراسبين من دورة ماي 2017 إلى الدورة الاستثنائية، حيث تساءل المكلف بالتنظيم قويدر يحياوي عبر "الشروق" مستغربا "أين تكافؤ الفرص في العملية؟ فإذا منحنا الرّاسب فرصة ثانية ونجح بمعدل أحسن بعدما راجع جيدا ويختار الشعبة الجامعية التي يريد، فأكيد سيتأثر نفسيا التلميذ الناجح في أول دورة بمعدل 10 ...وكأننا شجّعنا الرّاسِب على حساب النّاجح ". وحذّر يحياوي من ظاهرة "تمييع" شهادة البكالوريا في حال اجتاز الرّاسبون الدّورة الاستثنائيّة، ومعتبرا "أن تصحيح الخطأ يجب ألا يكون بخطإ أكبر"، ومؤكدا أن عدد المعنيين بقرار رئيس الجمهورية، في حدود 8 آلاف فقط حسب تقدير الوزارة. وبدورها اقترحت "الأسانتيو" تنظيم الدّورة الاستثنائية في شهر سبتمبر المقبل لضمان استقرار الموسم الدراسي 2017-2018، ولو اقتضى الأمر تأخير الدخول المدرسي، معتبرا أنّ برنامج الأيام القليلة المقبلة مكثف بعملية التّصحيح والمسابقات المهنية وتكوين الأساتذة. فيما اعتبرت نقابة المجلس ثلاثي الأطوار للتعليم "كناباست"، أن أحسن وقت لإجراء الدورة الاستثنائية للبكالوريا، في النصف الأول من شهر جويلية، أي قبل الإعلان عن نتائج دورة ماي 2017 . وحسب المكلف بالإعلام مسعود بوديبة "فالأحسن أن تعلن نتائج الدورتيْن دفعة واحدة، لغلق الباب على الانتهازيين ومستغلي الفرص"، لكن في حال عجزت وزارة التربية عن تحديد الفئة المعنية بالدّورة الاستثنائية والذين لا يتجاوز عددهم 9 آلاف تلميذ بين متمدرس وحر حسب بوديبة - فعليها افتكاك قرار رئاسي لإجراء دورة استدراكية، يستفيد منها الجميع شهر سبتمبر المقبل، تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع. واستغرب رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، من رقم المعنيين بالدورة الاستدراكية المعلن عنه من طرف وزارة التربية الوطنية، والذي بلغ 104 ألف، بعدما كان لا يتجاوز 10 آلاف الأيام الماضية. وحسب بن زينة "إذا كان الرقم الأول صحيحا، فهي كارثة حقيقية، بمعنى قرابة 20 بالمائة من التلاميذ أقصوا من اجتياز امتحان البكالوريا، وهو دليل على فشل دورة ماي 2017". وتقترح المنظمة تنظيم الدورة في سبتمبر وتشمل الراسبين أيضا، لأنهم يملكون الأولوية في ذلك عن التلاميذ المتغيبين عمدا عن الامتحان. ويرى الخبير التربوي، عبد القادر فضيل، أن ما حصل في شهادة البكالوريا لدورة ماي 2017 هو "ضربة للوزارة وللمكلفين بتنظيم امتحان شهادة البكالوريا ". ومؤكدا أن كثيرا من رؤساء مراكز الامتحان تعسّفوا في تطبيق قرار الإقصاء رغم وجود حلول أكثر مرونة للتعامل مع التلاميذ المتأخرين بدل إقصائهم. وحسب قوله "في بعض الدول الأوروبية، الشرطة تتولى توصيل التلميذ عندما يتأخر ولو ب 3 دقائق عن امتحان مصيري".