يتوقع أن يصل المشاركون في أسطول الحرية وبينهم جزائريون اليوم الاثنين إلى ميناء قطاع غزة بعد التأخير المتتالي لأسباب أثيرت حولها الشكوك. وانطلقت السفن مساء الأحد من المياه الدولية بقبرص باتجاه القطاع وسط استعدادات تامة من قبل الوفود المشاركة لأي مواجهة قد تحدث مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي هدد باستخدام القوة ضدهم. ووضعت إسرائيل قبالة شواطئ غزة، سفن حربية حاملة للصواريخ بهدف اعتراض الأسطول؛ وأجمع المشاركون في أسطول الحرية على أنهم لن يرضوا بأقل من الوصول إلى قطاع غزة، حيث ألمحت التحركات الأخيرة أن هنالك شيء ما يحدث في السر. وقال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار جمال الخضري إنه تم التغلب على المشاكل الفنية، مشيرا إلى أنه "كان من المفترض أن تصل ثماني سفن ولكن بعد تعطل سفينتين من المقرر أن تصل ست سفن" فقط.. وأوضح الخضري أن "مئة قارب فلسطيني ستنطلق من ميناء غزة إلى عرض البحر لاستقبال أسطول الحرية في عرض البحر". وقال بولند يلدرييم رئيس هيئة "الاهاها" مخاطبا العالم أمس قبل أن يطالب إسرائيل بضرورة التحلي بالحكمة في التعامل مع القضية: "إنهم يحاولون استهداف سفينة تحمل طفلا عمره سنة واعتقال عجوز لم تمنعها سنونها الثمانون من أن تكون واحدة من بين الصامدين في سبيل كسر الحصار"، في الوقت الذي قال فيه برلماني أوروبي، حل رفقة زملائه الخمسة أمس في باخرة تحمل رقم 8000 في دلالة لعدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مبينا بلغة قلما نسمعها في البرلمانات الأوربية دفاعا عن شعب محاصر من المسلمين أن "ما منعهم من الوصول بسرعة والانضمام لأسطول الحرية هي دولة قبرص التي مارست أساليب المافيا في منعهم"، وهي بذلك حسبما قال المتحدث ذاته، تؤكد أنها شريكة لإسرائيل في قتل وتجويع الأطفال". وغير بعيد عن هذا الخطاب، صفق المسلمون المشاركون في الأسطول بقوة لكلمات سمعوها عن سويدي من ديانة يهودية، مهنته رسام، قال للأتراك والعرب وللفلسطينيين تحديدا: "أتعرفون سبب وجودي اليوم معكم في قوافل تكسير الحصار، أنا أفعل ذلك لصالحي في المقام الأول قبل أن يكون لصالحكم...إنني أريد أن أتمكن يوما من رؤية وجهي في المرآة دون خجل وإن أحدث أبنائي الخمسة عن اليهودية دون حياء أو كذب"؟ وليس بعيدا عن هذا الخطاب، قال جاسمين وهو شاب من مقدونيا إنه يشارك للمرة الأولى في قافلة كسر الحصار بحرا، وهو يرى أن جميع المسلمين في مقدونيا كانوا يودون المشاركة لكن ظروفهم لم تسمح موجها في حديث للشروق سؤالا مفردا في صياغته لكنه عميق في دلالاته، مضمونه..أيها الشباب العربي المسلم، هل ما زلتم تذكرون قضيتكم المركزية فلسطين"؟ من يشاركون في أسطول الحرية ليسوا بحاجة إلى دلائل إثبات، لكن أمريكية في عقدها الثامن فضحتنا حين ارتدت قميصا أسودا، كتب فيه بالبنط العريض، وباللغتين العربية والانجليزية:" لن نصمت عن مجازر غزة". "إننا مرابطون في البحر، فاقرؤوا ماذا أعد الله من أجر وثواب لمن يرابط في البحر"، هكذا جاءت معظم الدروس والندوات الدينية التي يتم عقدها بين الفينة والأخرى على ظهر السفينة التي تحولت عند الكثيرين إلى ما يشبه أداء لفريضة الحج، لكنه حج هذه المرة لمكة المقاومين والمناضلين والثوار". كيفين، ممثل منظمة تحيا فلسطين البريطانية، بشّر الجميع أول أمس حين قال إن جورج غالاوي سيكون في تكساس الأمريكية، مدينة الرئيس بوش سابقا، في نفس الوقت الذي يخاطبهم فيه في مياه بحر قبرص وعلى بعد مسافة قصيرة من غزة..هذه المدينة التي يقول المطران ايلاريون كابوجي، مطران القدس في المنقى منذ ثلاثة عقود، أنها تشبه القدس، وهو ذاهب للقطاع المحاصر من أجل أن يشم رائحة القدس متمنيا أن يطيل الله في عمره ليكحل ناظريه برؤيتها. بولاند يلدرييم، رئيس "اهاها" والعدو اللدود لإسرائيل، قال بكلمات منتقاة وفي خطبة حماسية أن الوقت قد حان لتعرف أن لغزة رجالها الذين يدافعون عنها"..الأمر الذي أتبعه تحرك العديد من الشباب الحاملين لأجهزة الاتصالات على السفينة، قبل أن يعترف بولاند أن الجميع يعرفون بما في ذلك الإسرائيليون أنفسهم أن السفينة مشكلة من المدنيين فقط، "ونحن لا نحمل مسمارا حتى من أجل مهاجمة غيرنا". غير بعيد عن هذا المشهد، وقف العشرات من المشاركين في أسطول الحرية على ظهر السفينة لتحية نظرائهم في البواخر الأخرى القريبة منهم، يرفعون أكفهم ليقولوا لهم "شكرا أنكم هنا بيننا"، والكلام ذاته ردده جميع من حضر الاستقبال الذي كان حفلا كبيرا، لو رأته إسرائيل لما فكرت يوما في اتخاذ أي إجراء من شأنه الإساءة لهؤلاء الوافدين من حوالي 60 دولة من أجل أن يقولوا لا لإسرائيل في تنفيذ الحصار. صحف عبرية: مصر تنسق مع إسرائيل لمنع وصول أسطول الحرية إلى غزة ذكرت الصحافة الإسرائيلية الصادرة نهار أمس أن سلاح البحرية الإسرائيلية مستعد للتصدي لقافلة السفن المتجهة إلى غزة في خطوة لفك الحصار عن القطاع . وتناولت هآرتس ويديعوت أحرونوت ومعاريف في تقاريرها موضوع أسطول الحرية بإسهاب، وقالت إن منظمي هذه الحملة الإنسانية خططوا للوصول إلى قطاع غزة يوم السبت في ساعات الظهر، لكن سلسلة عيوب أخرت الرحلة، مشيرة إلى أحد أسباب تأخير الوصول هو رفض قبرص السماح لنشطاء دوليين بالتوجه على قوارب صغيرة إلى قافلة السفن للانضمام إليها . مع العلم أن منظمي الرحلة لم يستبعدوا قيام إسرائيل بتخريب تلك القوارب لعرقلة وصول الأسطول إلى قطاع غزة . ومن العناوين التي أبرزتها الصحف الإسرائيلية والتي نقلها موقع إسرائيلي أنه يوجد ما سمته ب " تعاون كامل " بين مصر وإسرائيل في محاولة منع قافلة السفن من الوصول إلى غزة . وماتزال السلطات المصرية تلتزم الصمت حيال قضية أسطول الحرية، كما أن منظمي هذه الحملة لفك الحصار عن غزة وبينهم الوفد الجزائري لم يعلنوا رغبتهم في دخول القطاع من الجانب المصري لعلمهم المسبق أنها ستضع أمامهم العراقيل والمتاريس كعادتها. وعززت مصر من إجراءاتها الأمنية منذ أوائل العام الحالي على امتداد الحدود البحرية المشتركة مع قطاع غزة، وهو ما اعتبره المراقبون أنه يدخل في إطار تشديد الحصار البحري بعد البري على القطاع . منسق الحملة الأوروبية لرفع الحصار ل " الشروق " ندعو العرب إلى الاقتداء بالجزائر .. وفريق قانوني أوروبي مستعد للتدخل أشاد الدكتور عرفات ماضي، رئيس "الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن قطاع غزة" في مكالمة هاتفية مع (الشروق اليومي) أمس الأحد من على متن أسطول الحرية بالخطوة الجزائرية الخاصة بإرسال سفينة ضمن أسطول فك الحصار عن القطاع الفلسطيني، ووصف ذلك بالموقف الراقي والرائع والذي يعبر عن مساندة الجزائريين لإخوانهم الفلسطينيين . ودعا الدكتور ماضي العرب والمسلمين إلى الاقتداء بالجزائر والتحرك بهذا الاتجاه، وقال "نريد تضامنا من كل الشعوب العربية والإسلامية وندعوهم إلى التظاهر ورفع الأعلام الفلسطينية عبر السفن المحلية لدعم أسطول الحرية المتجه إلى غزة.." وبخصوص التهديدات الإسرائيلية المتعلقة باعتراض الأسطول بالقوة واعتقال من يوجد على متن السفن، قال الدكتور خضر في حديثه ل (الشروق اليومي) أن الوفود المشاركة في الحملة "تتوقع الأسوأ من هذا الكيان الغاصب، ولكنها لا تكترث بتلك التهديدات، لأن أي خطوة قد يقدم عليها الاحتلال الإسرائيلي ستكون اختراقا للقانون الدولي، وأي اعتقالات قد تطال المشاركين في الأسطول ستكون غير قانونية " . وأشار نفس المتحدث إلى وجود ضغوطات أوروبية تمارس حاليا على إسرائيل، حيث يستعد فريق قانوني أوروبي للتحرك في هذا الاتجاه في حال نفذت حكومة بنيامين نتنياهو تهديداتها، كما أن الدول الأوروبية بدورها أصدرت بيانا في هذا الخصوص، حسب الدكتور عرفات الذي أوضح لنا أيضا أن كل الاحتمالات مفتوحة مع هذا العدو . وحول ما إذا كان الأسطول سيلجأ إلى الجانب المصري كحل لإيصال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني، قال محدثنا " لا نريد الذهاب إلى مصر ولا نفكر في ذلك، لأن غزة هي وجهتنا .. ". ليلى.ل الجزائريون مستاؤون من تغييب اليتيمة لحملة كسر الحصار في العقد الثاني من العمر، تحاول عائشة القادمة من الجزائر أن تكون واحدة من الفتيات العربيات والمسلمات اللائي يحاولن كسر الحصار على غزة من خلال مقاومتها الضغوط التي تتعرض لها الوفود في مثل هذه الحالات من طرف العدو الصهيوني.. هندامها الذي يدل على أنها ملتزمة، علم فلسطين الذي تحمله على أكتافها منذ حوالي 7 سنوات وأكثر، ولغتها العربية السليمة التي تقول إنها تريد من ورائها نصرة لغة الضاد، كلها توابل حضارية كان يناقضها الفعل والأداء الواقعي الميداني وهو ما يتم حاليا.. تقول عائشة للشروق إنها تحمل في قلبها حبا كبيرا وغريبا لجميع أهالي غزة، وهي تتمنى أن تأخذ منهم لا أن تعطيهم، تأخذ منهم الحب لوطنهم والتعلق بقضيتهم، ونصرتهم لوطنهم "فهذه كلها أمور قد لا يأخذ الواحد في الحسبان لكنها تمثل بنظرة عائشة ما هو أكبر من العادي، وأجمل من المتوقع، وأزيد من الحاضر..". عائشة التي تمثل واحدة من بين أعضاء حركة شمس الشبانية، ليست الوحيدة في عشقها لتراب غزة بل إنها تتشارك أيضا مع عز الدين، في نقل أخبارها عبر الفايس بوك وهو الشاب الذي قال للشروق إنه لا يفهم سر توجه كل الشباب الجزائريين نحو المونديال وأخباره على حساب قضية فلسطين التي تمثل هما أساسيا بالنسبة للمسلمين جميعا، مثلما يرى شاب آخر، وهو مصطفى مقري أن متابعة هذا الحدث إعلاميا تساهم في تسليط الضوء على كثير من الأحداث التي يراها الشباب في الوقت الحالي من الكماليات في حين أنها من الأساسيات والأولويات مثل القضية الفلسطينية. الغريب أنه قلما نجد وفدا متجانسا إلى هذا الحد الذي تحقق مع الجزائريين على قافلة أسطول الحرية، فبعد أربعة أيام في البحر، أضحى الجميع متيقنا أن الجزائريين، نوابا وشبابا وإعلاميين ومثقفين، رجالا ونساء، يحتاجون إلى قضية بحجم غزة من أجل إظهار تجانسهم وتوافقهم في الرأي والسلوك والحجة. ولعل ذلك ما جعل الأمر غريبا أن لا يحدث أي رد فعل من طرف التلفزيون الرسمي، فقد عبر جميع أعضاء الوفد عن استيائهم البالغ من الطريقة الغامضة وغير المفهومة التي تتعامل بها "اليتيمة" مع حملة مكافحة الحصار، حيث مر الأمر مرور الكرام، وكأن الجزائر غير معنية بكسر الحصار أو بمد الغزاويين بسفينة محملة بالمواد الغذائية والسلع ومواد البناء.. "أين هي اليتيمة"؟ سؤال تم طرحه من الجميع، دون العثور على إجابة حتى الآن في الوقت الذي تم فيه تغطية الحدث من طرف عدة قنوات أبرزها الجزيرة العربية والانجليزية، وأيضا الحوار التي أوفدت الإعلامي البارز صالح الأزرق والذي أجرى عدة حوارات مهمة مع أعضاء الوفد الجزائري، ناهيك عن فضائيتي الأقصى والقدس، في حين قامت فضائيات أخرى بالاتصال بموفديها وبعض المشاركين في كسر الحصار مثلما فعلت هيئة الإذاعة البريطانية البي بي سي..