أثارت مقترحات الرئيس التونسي غضب المشايخ ليس في تونس فقط، ولكن أيضًا في مصر، ففي أول رد رسمي للأزهر على مقترحات السبسي، أوضح الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، أن دعوات المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، تظلم المرأة ولا تنصفها، وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام، وأكد أن الدعوات المطالبة بإباحة زواج المسلمة من غير المسلم ليس كما يظن أصحابها في مصلحة المرأة، لأنها تؤدي إلى عدم استقرار الحياة الزوجية بخلاف زواج المسلم من كتابية. وقال الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي محمد الغيطي، الثلاثاء، إن إثارة أمر زواج المسلمة من غير المسلم يُراد به التأييد الطائفي، لكن أتباع الديانات الأخرى يحترمون الحكم الإسلامي باعتباره يتعلق بالنظام العام في المجتمعات الإسلامية، بعيدًا عن أي ضغوط تشريعية، فهذا لا يخالف الشريعة فقط، وإنما يُخالف النظام العام، مؤكدًا أن زواج المسلمة من مسيحي باطل. ووصف القيادي السابق في حزب النور السلفي المصري سامح عبد الحميد، في حديث تلفزيوني، مقترحات السبسي ب"كارثة شرعية" تنذر بالخراب والإرهاب، مضيفًا "إحنا مش هنعدِّل على ربنا"، مطالبًا شيخ الأزهر بالتدخل لتوجيه النصح للرئيس التونسي للسير على شرع الله. وفي تونس شن عددٌ من الأحزاب هجومًا على الرئيس التونسي بسبب مقترحاته، وأصدر حزب "قوى 14 جانفي" بيانًا ، عبر فيه عن رفضه القاطع لما جاء في خطاب الرئيس التونسي، موضحًا أن هذا الرفض يأتي طبقًا لتعاليم الدين الإسلامي، ولن يسمح بتمرير أي قانون مخالف لشرع الله. بينما دعا حزب تيار "المحبة" التونسي، إلى سحب الثقة من السبسي، وعزله بتهمة مخالفة الدستور، وأعلن المكتب التنفيذي للحزب عن إطلاق عريضة شعبية على شبكة التواصل الاجتماعي، تطالب فيه مجلس نواب الشعب وتلزمه بسحب الثقة من الرئيس. لم يتوقف الأمر على دعوات سحب الثقة من الرئيس التونسي، بل امتد إلى تكفيره، حيث نشر عادل العلمي، رئيس حزب "تونس الزيتونة"، تدوينة على صفحته الشخصية على "الفايسبوك"، أمس، كفَر فيها الرئيس السبسي والمفتي عثمان بطيخ، جاء فيها "سبسيكم ومفتيكم إذا ماتا ولم يتوبا، فلا يُغسّلا ولا يُكفّنا ولا يُصلى عليهما ولا يُدفنا في مقابر المسلمين". فيما نقل الموقع الإخباري التونسي، حقائق أون لاين، من مصادر سياسية مطلعة بوجود مساع لدى نواب حركة نداء تونس لصياغة مشروع قانون ينص في فصوله على إقرار مبدأ المساواة في الميراث دون أن يكون هذا القانون الزاميا. ورجحت ذات المصادر أن تتفق قيادات نداء تونس على صياغة مشروع قانون لبلورة دعوة السبسي وطرحها على مجلس نواب الشعب وذلك بعد الاستعانة بعدد من الخبراء، وستبحث كتلة النداء عن توافق مع كتلة حركة النهضة لكسب حظوظ وافرة لتمرير مشروع القانون بالأغلبية، علما وأن عددا من نواب المعارضة لا يعارضون مسألة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، حسب المصدر ذاته، لكن القيادي في النهضة محمد بن سالم قال إن الحركة لم تصدر بيانا بشأن مبادرة السبسي، أما عن موقفه الشخصي فذكر "مبادرة السبسي من شأنها أن تفرق بين الشعب التونسي". واعتبر الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي في تدوينة على الفايسبوك خطوة السبسي، بأنها "عملية سياسوية بامتياز هدفها التعمية على الإخفاق المهين للباجي قائد السبسي وحزبه".