رغم المساحيق التي يراد لها أن تستر بشاعة الواقع ودمامته، لا يمكن لأكثر الناس تفاؤلا أن يرسم لوحة وردية عن الجزائر في هذه الفترة، سيما وأننا نشاهد كل يوم، وفي أكثر من ميدان، أن تسيير كافة القطاعات يكشف أخطاء فادحة لا يُعقل أن تكون وليدة سوء تقدير فقط. * فملفات الفساد التي تزكم راحتها الأنوف، وفضائح تهريب المال العام والعبث بثروات الوطن والاستخفاف بالمواطن، إضافة إلى سقطات المنظومة التربوية التي كان أحد "بركاتها" - وليس آخرها - كومة الأخطاء الواردة في امتحانات البكالوريا، والمشاريع غير المنجزة رغم استهلاكها لأضعاف ميزانيتها، وانسداد الأفق السياسي وضمور الحضور الوطني في المشهد الدولي، وسوء الثقة المتبادلة بين الحكومة والشعب، والتحرك البطيء لتدارك الأخطاء والتجاوزات، كل ذلك يطرد جميع الأحلام الوردية التي يمكن أن نرسمها عن الجزائر اليوم، ما لم يتم تدارك هذا العجز الذي نعيشه ولم يُفلح معه سحر ساحر أو رُقية راق! * وها هو المونديال الذي شغل الناس وحلّق بآمال الجزائريين بعيدا، فوق الواقع وفوق الخيال، بدأ يتكشف اليوم عن خيبة كبيرة بسبب إصرار "الشيخ" سعدان على اللعب بتشكيلة أثبتتْ عجزها رغم الإمكانات الكبيرة التي سُخّرت من أجلها. وإذا كان المثل الكروي يقول: "إننا لا نُغيّر فريقا يصنع الفوز"، فإنه تحول بفضل سعدان إلى صيغته الجديدة، وهي صيغة جزائرية بامتياز: "إننا لا نغيّر فريقا يجلب الهزائم"، لأن مقاييس اللعب في الفريق الوطني تستمد مشروعيتها من "الشرعية التاريخية"، كما في السياسة، ف"البقاء للأقدم"، وليس للأصلح! * لقد تعلمت السياسة في بلدنا الاستنجاد بالرياضة، اقتداء بأشقائنا المصريين، كما تعلمت الرياضة الاستقواء بالسياسة. وفي هذا الجو المتناقض الذي يحاول كل من الطرفين توظيفه لصالحه، تسقط الأقنعة لتكشف عمق الأزمة التي يجمعها، على كل الأصعدة، عنوان واحد هو "الهزيمة" التي تبدو وكأنها قدر الجزائريين: في السياسة وفي الرياضة.. على حد سواء.