تعود مظاهر التلاحم الاجتماعي، لتستعيد مكانتها وسط المجتمع في المناسبات الدينية على وجه الخصوص، حيث أبت العائلات إلا أن تصل حبل الحاضر بالماضي وتحيي جانبا من العادات والتقاليد التي كانت أساس تماسك المجتمع القبائلي قديما. الوزيعة التي تعود في أغلب مواسم السنة وتترسخ أكثر في المناسبات الدينية، لم تعد اليوم حكرا على أهل القرى والأعراش الكبرى، بل امتدت إلى المدن والأحياء السكنية التي لا يربط أصحابها سوى صلة الجيرة من دون القرابة التي تعد ركيزة هذه العادة. إذ يضطر الراغب في المشاركة في الوزيعة إلى الانضمام للعملية التي تجرى في القرية مسقط رأسه وإن كان قاطنا في المدينة. تدهور القدرة الشرائية للعائلات، غلاء المعيشة وتتابع المناسبات والأفراح في أوقات متقاربة إلى جانب الدخول الاجتماعي، جعل العائلات تزيح من أجندتها الاحتفال بعيد الأضحى واقتناء أضحية لا يقل سعرها عن 30 ألف دج في أغلب الحالات وهي التكلفة التي تدخر لمواجهة الدخول المدرسي وغيرها من التكاليف التي لا يمكن إقصاؤها. ولعدم حرمان مثل هذه العائلات وأطفالها من فرحة العيد والاقتداء بسنة المصطفى، اهتدت لجان الأحياء والجمعيات على مختلف انتماءاتها، إلى "تمدين" الوزيعة وإخراجها من القرى وذلك بمشاركة عدة عائلات وبمبالغ جد رمزية في اقتناء ثيران تذبح يوم العيد وتوزع لحومها على جميع العائلات وبالتساوي. هذه العادة التي جمعت ولقرون طويلة أجدادنا ولمت شملهم باستمرار، عادت لتترسخ في القرى وتمتد إلى المدن تدريجيا، في خطوة نحو زرع الأمل والفرحة في القلوب وتمكين الجميع من الاحتفال في هذه المناسبة الدينية، رغم ضغوطات المعيشة الصعبة، حيث يبقى التلاحم والرحمة التي تزرعها هذه المواعيد أكبر من تحديات الحياة وصعوبتها.