التقاء قادة الأحزاب الداعمة لبرنامج الرئيس بوتفليقة بقصر الحكومة بدعوة من الوزير الأول والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي بقصر الحكومة، لا يعني أن نواب حزب جبهة التحرير الوطني، سيوقعون على بياض خلال مناقشة مخطط عمل الحكومة بداية من الغد بالمجلس الشعبي الوطني. كما أن التزام الأمين العام للحزب العتيد، جمال ولد عباس، بالانخراط في مسعى إعادة تشكيل "تحالف رئاسي جديد" تحسبا للاستحقاق الرئاسي المرتقب في العام 2019، سوف لن يذيب الخلافات الصامتة أحيانا والظاهرة أحيانا أخرى، بين القوتين السياسيتين الأولى والثانية في البلاد. المعلومات المسربة من كواليس "جبهة التحرير"، تشير إلى أن نواب الحزب تلقوا الضوء الأخضر من قيادتهم لتسليط "أقسى صور النقد وفضح ثغرات مخطط عمل حكومة أحمد أويحيى وتوجهاته"، غير أن حدود سقف النقد المسموح به، حسب مصدر عليم، يجب ألا تصل إلى تهديد تمرير المخطط، الذي يعني سحب الثقة من الحكومة، بنصوص الدستور. وتبرر قيادة "العتيد" هذا الموقف المزدوج (نقد المخطط ثم المصادقة عليه)، حسب مصادر من داخل الحزب، التزامها مع بقية أحزاب الموالاة، بتمرير مخطط عمل الحكومة، بكون هذا القرار يندرج في سياق دعم برنامج الرئيس، في حين يعتبر أويحيى مجرد منفذ له. لكن وقبل ذلك، سيعمد نواب الأفلان ال 164 إلى التوقف عند اجتهادات أويحيى وقراءاته لكيفية تجسيد برنامج الرئيس، والعمل على تسليط سهام النقد عليها بشيء من القسوة، تعكس "الحزازات السياسية" المتراكمة بين الحزبين الدائرين في معسكر واحد. ويخفي الانطباع السائد داخل أوساط "الأفلان" حالة الضياع التي يعيشها الحزب منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، فقد خسر رهان تحقيق أكبر عدد من المقاعد في الغرفة السفلى لصالح غريمه التقليدي، قبل أن تأتي الضربة القاصمة بخسارته الوزارة الأولى في التعديل الحكومي الأخير، الذي أطاح بأحد إطارات الحزب، وهو الوزير الأول السابق، عبد المجيد تبون، في مشهد لا تزال الكثير من فصوله غامضة. هذه المعطيات يعتبرها الكثير من المراقبين، نكسة للحزب العتيد، على الأقل بالمعايير السياسية المعمول بها في الدول الديمقراطية، أو بالمواصفات التي وضعها الأمين العام السابق، عمار سعداني، الذي كان الحزب في عهده يحوز الوزارة الأولى، كما على الأغلبية في غرفتي البرلمان. جمع أويحيى قادة أحزاب الموالاة تحضيرا لإعادة بعث التكتل الرئاسي من جديد، لم يكن المرة الأولى، فقد حاول القيام بذلك مباشرة بعد انقضاء فترة "عبوره للصحراء"، إثر عودته للأمانة العامة للتجمع الوطني الديمقراطي وتكليفه بإدارة ديوان رئاسة الجمهورية، غير أن محاولته تلك قوبلت برفض صارم من الأمين العام السابق للحزب العتيد، الذي بادر بالرد على مبادرة غريمه بمبادرة أخرى.. حينها قال سعداني إن "الأفلان" يجب أن يكون هو القاطرة وليس المقطورة، وكانت الإشارة واضحة ومحددة، هدفها إفشال مبادرة أويحيى، وهو ما حصل، حيث قبرت في حينها، والتف قادة أحزاب الموالاة (حزب تجمع أمل الجزائر "تاج"، والتحالف الوطني الجمهوري)، حول مبادرة سعداني "الجبهة الوطنية لدعم الرئيس بوتفليقة"، التي تبين لاحقا أنها كانت لتسفيه مبادرة غريمه. اليوم وبعد أربع سنوات تنقلب المعطيات، فيصبح حزب الأغلبية مقطورة تجرها قاطرة حزب الأقلية.. مقطورة في قيادة الجهاز التنفيذي، وتابعة حتى في سوق المبادرات، حتى وإن حاول أويحيى تلطيف المشهد بدعوة قادة أحزاب الموالاة لقصر الدكتور سعدان، وليس إلى المقر الوطني ل"الأرندي" في ابن عكنون بأعالي العاصمة، أملا في إبعاد الطابع الحزبي عن مبادرته القديمة المتجددة.