في الحوار الذي أدلت به الفنانة سعاد ماسي لقناة "بي بي سي" (برنامج الشاهد للإعلامية اللبنانية المعروفة جيزيل خوري) الكثير من السحر والمتعة والفائدة والرقيّ! سعاد ماسي تحولت في السنوات القليلة الماضية إلى أيقونة حقيقية وهي بالمناسبة لا تقدم عفنا كمثل ذلك الذي ينتشر بقوة في السنوات الأخيرة، لكنها تقدم فنا راقيا ومحترما، ويكفي أنها فنانة مثقفة وجزائرية أصيلة، حيث شاهدت لها العديد من الحوارات في المدة الأخيرة، بشكل فيه الكثير من الاحترام لاسمها ولبلدها الذي تنتمي إليه. سعاد ماسي قالت إنها عاشت في حي "باب الوادي" الشعبي بالجزائر العاصمة، كانت تحلم دوما بأن تصبح مهمة في الحياة لذلك تعلمت الموسيقى رفقة عدد كبير من أفراد عائلتها، كاشفة في نفس الحوار عن ثقافة سياسية عالية، حين وصفت ما وقع في البلاد بالحرب الأهلية التي يتحمل الساسة الكثير من أوزارها، قائلة: حتى الآن لم نفهم الكثير من الأمور التي وقعت لكن الدماء التي سالت، تسببت فيها أخطاء سياسية جسيمة! ومثلما غنت في كل بلاد العالم، كانت سعاد ماسي تحمل معها دوما اسم "الجزائر" عاليا، وتردد بفخر أنها أمازيغية وهي تنتمي إلى هذه الأرض وإلى هذا البلد.. تغني له.. وتتغزل به، أما عن سبب إنشادها عددا من القصائد العربية القديمة، فقالت إنها لم تفعل شيئا ما عدا إعارة صوتها للمتنبي ولإيليا أبي ماضي وميخائيل نعيمة وأحمد شوقي، وغيرهم من الأسماء الشعرية المعروفة! تدرك سعاد ماسي جيدا أن القضية ليست "إعارة صوت" وكفى وإنما هي إحساس دفين، وثقافة عالية، جعلت من قصائد المتنبي تحيا من جديد، ومن كلماته تستيقظ مرة أخرى في عصر الصورة والمعلومة السريعة، والقرية الكونية الصغيرة، كما أن نجاح تلك الأغاني والألبومات دفع صاحبة أغنية "الراوي" إلى التفكير مجددا في قصائد جديدة وشعراء مختلفين، وتحديدا لتغني كلمات من كتبوا عن قهر الإنسان لأخيه الإنسان، وعن إذلال الأوطان وقساوة الاستبداد، فالدكتاتور، برأي سعاد ماسي، لا يمكن أن يكون مستعمرا خارجيا في كل الحالات، بل قد يكون أحيانا "عدوا من الداخل" وذلك أشد مرارة وقسوة.