دخلت الانتخابات المحلية مرحلة جديدة بتسلم وزارة الداخلية ملفات المترشحين في الساعة صفر من الليلة المنصرمة، ولم يبق أمام الأحزاب غير التحضير للحملة الانتخابية، وقبل ذلك مواجهة ردة فعل الغاضبين ممن سقطت أسماءهم من القوائم أو قذف بهم بعيدا في سلم الترتيب. وبانتهاء هذه المرحلة، يُرفع الستار عن قوائم المترشحين وخاصة قوائم حزب جبهة التحرير الوطني، التي رافقها الغموض من القسمات إلى فندق الأروية الذهبية بابن عكنون، حيث اللجنة الوطنية للترشحيات، مرورا بالمحافظات، خوفا من اندلاع شرارة الاحتجاجات كعادة هذا الحزب، في حال الكشف عنها. ويبدو أن اللجنة التي استحدثها الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، والتي تشكلت من وزراء سابقين وحاليين، للحسم في القوائم، بدلا من المكتب السياسي، المتهم ب"التورط" في توظيف "الشكارة"، في الانتخابات التشريعية السابقة، لم تحقق الهدف المرجو منها. وقد جاء انسحاب الأمين العام السابق للحزب، عمار سعداني، من اجتماع اللجنة، بسبب الخلاف الذي نشب بينه وبين وزير العلاقات مع البرلمان، الطاهر خاوة (وهو خلاف قديم ومستحكم)، بسبب إحدى المترشحات (نائب سابق عن العاصمة).. جاء هذا الانسحاب، ليؤكد حالة الانسداد التي تعيشها القوة السياسية الأولى في البلاد، بدليل الاحتجاجات المندلعة هنا وهناك، والتي وصلت حد غلق الكثير من القسمات والمحافظات. ومعلوم أن الهدف من استحداث اللجنة الوطنية للترشيحات بالحزب العتيد، هو الحد من حالة الانقسامات التي عادة ما يعيشها "الأفلان" قبل أي موعد انتخابي، لكن يبدو أن كثرة الإطارات المنضوية تحت هذا الحزب، وكذا الرغبة الجامحة لدى أبنائه في الترشح، بسبب موقعه في الساحة السياسية فضلا عن علاقته بالسلطة (واجهتها لممارسة الحكم)، جعل المناضلين يتصارعون من أجل الترشح ليقينهم بالفوز المسبق. وقد بينت بعض القوائم التي تم تسريبها من كواليس فندق الأروية الذهبية، أن بعض متصدري قوائم الحزب العتيد، لهم سوابق سياسية من منظور مناضلي هذا الحزب، وهم إما ترشحوا في أحزاب أخرى أو متابعون قضائيا، أو وقفوا ضد رئيس الحزب (الرئيس بوتفليقة) في مرحلة ما من العشريتين الأخيرتين، الأمر الذي غذى الاحتجاجات وزاد من مخاوف التصويت العقابي في موعد ال23 نوفمبر المقبل. وعلى عكس الأفلان، يبدو التجمع الوطني الديمقراطي، في أريحية أكثر بسبب التقاليد التي أرساها هذا الحزب في عهد أمينه العام الحالي، احمد أويحيى، الذي بينت التجارب السابقة، أن موقعه يكون أصلب وأقوى كلما خاض الاستحقاق الانتخابي وهو في منصب رسمي سام كوزير أول. وإن كان حال "الأرندي" يرجح أن يكون أفضل من حال "الأفلان" بحكم طبيعة مناضلي الحزبين وحجم الرغبة والاندفاع نحو الترشح الملاحظ على الفريقين، إلا أن الغاضبين من حزب أويحيى، ممن سقطوا من قوائم الترشيحات، سوف لن يبقوا مكتوفي الأيدي، فهم وإن خسروا رهان الترشح ضمن قوائم أحزاب أخرى لانتهاء آجال إيداع الملفات، وهو سر عدم الكشف عن القوائم النهائية قبل موعد الأمس، إلا أنهم سوف لن يعدموا اللعب على خيارات أخرى وفي مقدمتها التصويت العقابي ضد الحزب. أما الأحزاب الأخرى، من الإسلاميين وغيرهم من أحزاب اليسار وحتى أحزاب الموالاة الصغيرة، فيرجح ألا تعيش التحديات التي تهدد "الأفلان" و"الأرندي"، بالنظر لطبيعة التكوين السياسي، والفارق في الحظوظ.