غير بعيد عن سوق السكوار، حيث يباع ويشترى الأورو والدولار أمام أعين وزراء الحكومة والسيناتورات، وقف الوزير الأول أحمد أويحيى، على منصة مجلس الأمة، القريب من السوق الموازي، يتحدث عن السقوط الحر للعملة الوطنية مقابل العملات الصعبة، مؤكدا أن انهيار الدينار التاريخي لن يثني الحكومة عن مواصلة قراراتها، وسيتم طبع النقود في غضون الثلاثة أسابيع القادمة. لم يعر أويحيى، اهتماما بالغا لمسألة انهيار العملة الوطنية أمام العملة الصعبة، رغم تحذيرات الخبراء، حيث أشار بإصبعه في عرضه لمخطط عمل حكومته أمس، أمام أعضاء مجلس الأمة، قائلا: على بعد أمتار من هذا المجلس في السكوار أين المتاجرة بالعملة الصعبة "طالعة " بصاروخ بسبب الإشاعات، لكن الجزائر لن تحكمها الإشاعة، قررنا أشياء وسننفذها. وقدم الوزير الأول تلميحات بأن سعر الدينار سيتعافى، عندما يقول: سعر العملة الصعبة مرسم من البنك المركزي ومن أراد أن يشتري من السكوار فليشتري.. ولم يقدم الوزير الأول، تفاصيل أكثر، وإن ما كانت الحكومة ستتخذ قرارا تاريخيا، بفتح مكاتب صرف رسمية يلجأ إليها الجزائريون في حال رغبتهم في تغيير العملة الصعبة، أم أن كلامه سيخفض قيمة الدينار بعد تداول ما قاله على أنه إشاعة أيضا. "الموس وصل للعظم".. وأجور إطارات الدولة مهددة وصدم الوزير الأول، السيناتورات عند حديثه عن الوضع المالي للبلاد، فقال: "بعد 3 سنوات من الأزمة.. الموس وصل للعظم"، مضيفا: "إذا لم نقم بطبع النقود، سنتسبب في شهر نوفمبر بالإيقاف الكلي للاقتصاد، حتى نواب الشعب وإطارات الدولة وأعوانها لن يتقاضوا علاواتهم وليس أجور الموظفين فقط". وهنا بدأ أعضاء مجلس الأمة في الالتفاف يمينا وشمالا وبدأت الأحاديث الجانبية. لكن الوزير الأول، واصل تحذيراته من الوضع المالي للبلاد: لجوؤنا إلى التمويل البديل وتعديل قانون القرض والنقد حتمية وليس خيارا، لأننا لا نملك خيارا آخر فمداخيلنا تراجعت تقلصت إلى النصف. متوقعا الشروع في تنفيذ قرار طبع النقود بعد 3 أسابيع على الأكثر، أي بعد مصادقة البرلمان على التعديل المقترح على قانون النقد والقرض. وعرّج في حديثه على القرارات الصعبة التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة في الثلاث سنوات الفارطة، على غرار تجميد المشاريع الحيوية والحساسة مست حتى قطاعي التربية والصحة. إضافة إلى عجز الدولة عن تسديد مستحقات المقاولين ما تسبب في إفلاس عديد الشركات لافتا: رأيتهم أننا جمدنا هياكل صحية ومنشآت تربوية كما أن عدة مؤسسات أفلست للأسف. وتعهد بإعادة بعث المشاريع المجمدة خاصة في قطاع التربية والصحة بطريقة تدريجية في غضون سنة أو سنة ونصف على الأكثر. وأدرج أويحيى تشخصيه للوضع المالي للبلاد في خانة الوقاحة كما قال: الوضع الاقتصادي خطير للأسف، ولذا شرحت حقائقه بهذه الوقاحة. أويحيى يهادن المعارضة وبخلاف المرة السابقة، لم يبد أويحيى حماسة لمهاجمة المعارضة كما فعل في المجلس الشعبي الوطني، الخميس الفارط، فيضيف: من يحاولون نشر بشرى انهيار العالم على رأسنا فهم ناشطون في الميدان.. لكن هؤلاء لا يهموننا لأن قرارات الرئيس تحظى بدعم أغلبية القوى السياسية، والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين وذكر هنا المركزية النقابية، داعيا لوحدة الصف لمواجهة التحديات الوطنية، مشيرا إلى أن المطلوب زرع رسالة الأمل والطمأنينة في نفوس الجزائريين. .. دعوة إلى الإرهابيين لتسليم أنفسهم وفي خطابه، وجه أويحيي، نداء للجماعات الإرهابية لتسليم أنفسهم والعودة إلى ديارهم في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وخيرهم بين العودة إلى الديار أو القضاء عليهم بالقوة التي يكفلها القانون. وقال: "لو قصر الزمان أو طال فالدولة ستقضي عليهم إذا لم يكن بالقوة فسيتم تقديمهم إلى المحاكم بتسليط عقوبات شديدة". الأحزاب ستتضرر من العزوف وليس الحكومة وتوقع الوزير الأول أن تشهد الانتخابات المحلية إقبالا معتبرا من المواطنين مقارنة بالتشريعيات السابقة، نظرا للطابع الخاص بهذا الموعد الذي يعني حياة المواطنين وتسيير شؤونهم اليومية بشكل مباشر. وحول ما يثار من تخوفات بخصوص مقاطعة الناخبين المحليات، أشار أويحيى إلى أن موضوع المشاركة مسؤولية الجميع وليس من مصلحة حتى الأحزاب المعارضة أن يعزف المواطنون عن الصناديق، لأن ذلك يعني فشلهم في إقناع الهيئة الناخبة وليس ذلك بالضرورة فشلا للحكومة.