فنّد الوزير المنتدب المكلف بالإحصاء والاستشراف السابق، بشير مصيطفى وجود أية صعوبات في إحصاء عدد الأثرياء في الجزائر، مؤكدا "3 أشهر فقط تكفي لجرد أغنياء الجزائر، ولكن يجب تشكيل لجنة مشتركة بين الجمارك ومركز السجل التجاري وبنك الجزائر ومديرية أملاك الدولة ومصالح وزارة الخارجية، لتشكيل أرضية بيانات تمكن من معرفة الأشخاص المعنيين بضريبة الثروة". واستبعد مصيطفى في تصريح ل"الشروق" أن يكون إلغاء ضريبة الثروة، مرتبطا بأسباب تقنية تعود إلى عدم وجود الإمكانيات اللازمة لإحصاء الأثرياء، متوقعا أن يكون قرار البرلمان بسحب هذه الضريبة من قانون المالية لسنة 2018 نابعا عن دوافع سياسية وتجاذبات حزبية. وقال مصيطفى أن تشكيل لجنة مشتركة بين عدة قطاعات على غرار الضرائب والديوان الوطني للأملاك العقارية "أوبيجي" والجمارك التي تنام على أحسن معطيات إحصاء في الجزائر، ومصالح الخارجية والدبلوماسية ومديرية أملاك الدولة والديوان الوطني للإحصاء الذي يحتل المرتبة الأولى إفريقيا، والمركز الوطني للسجل التجاري، من شأنه جرد عدد الأثرياء خلال 3 أشهر كأقصى حد، أو على الأقل تشكيل أرضية يمكن الإنطلاق منها لإحصاء الأغنياء وفرض الضريبة عليهم بداية من شهر ديسمبر 2018، خاصة وأن ضريبة الثروة سنوية وتطبّق نهاية كل عام، فالحكومة ليست ملزمة بأن تكشف عن قائمة الأثرياء في أجل أقصاه الفاتح جانفي المقبل، يقول الخبير. وتوقع المتحدث أن تضم القائمة 23 ألف ثري، باعتبار أن الإحصائيات الأولية عن عدد رجال الأعمال المنضوين تحت لواء منظمات الباترونا وكذا عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تناهز اليوم 600 ألف مؤسسة إضافة إلى عدد التجار والفلاحين، معلومة لدى السلطات الرسمية، وذهب أبعد من ذلك حينما قال "فرض ضريبة الثروة أسهل من رسوم "إي بي أس" وضرائب التجار والفلاحين لو توفرت هنالك الإرادة لتطبيقها". واعتبر بشير مصيطفى أنه حتى في حال ضعف الامتثال لهذه الضريبة، فهذا لا يعني عدم الالتزام بفرضها، بحكم أن "الامتثال للضريبة على الثروة يندرج في منحى آخر، وحتى نسبة تحصيل الضرائب العادية، منخفضة جدا"، يقول خبير الإحصاء، الذي عاد ليتحدث عن إلغائها مجددا في فرنسا، بعد القرار الذي صادق عليه النواب الفرنسيون نهاية أكتوبر الماضي، مشددا: "ظروف سياسية وتجاذبات حزبية دفعت بالبرلمان الفرنسي لإلغاء ضريبة الثروة، وأعتقد أن الدافع نفسه وراء تراجع البرلمان الجزائري عن فرضها في قانون المالية للسنة المقبلة". وكان وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي قد أبلغ وزير المالية عبد الرحمن راوية خلال زيارة للجزائر الأسبوع الماضي، على هامش أشغال اللجنة الاقتصادية المختلطة بين البلدين، بتعديل ضريبة الثروة، التي تم استبدالها بضريبة العقار في فرنسا، مع العلم أن ضريبة الثروة هناك كانت مفروضة على 351 ألف ثري، وتضخ 3.2 مليار أورو سنويا. للإشارة فإن أمريكا أول دولة اعتمدت هذه الضريبة سنة 2007، وساهمت عائداتها آنذاك في "حلحلة" الأزمة الاقتصادية والمالية التي عاشتها البنوك هناك، ولا تزال هذه الضريبة مفروضة بالولايات المتحدةالأمريكية لحد اليوم رغم ما تثيره من جدل ونقاشات من طرف رجال المال والأعمال الأمريكيين.