أجرت السعودية تغييرات واسعة في مناصب عسكرية قيادية، شملت رئاسة هيئة الأركان العامة وقيادتي القوات الجوية والبرية، في خطوة تأتي قبل نحو شهر من دخول حربها في اليمن المجاور عامها الرابع. وتضمنت الأوامر الملكية أيضاً تغييرات في مناصب سياسية واقتصادية، ونصت على تعيين تماضر بنت يوسف بن مقبل الرماح في منصب نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، لتكون ثاني امرأة تعين في منصب نائب وزير في المملكة المحافظة التي تشهد منذ أشهر بوادر انفتاح اجتماعي. وأصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قرار إجراء التغييرات العسكرية بناء على طلب من وزير الدفاع نجله ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان (32 عاماً)، حسب ما جاء في سلسلة أوامر ملكية نشرت، مساء الاثنين. وجاء في القرار الخاص بالتغييرات العسكرية: "تنهى خدمة الفريق الأول الركن عبد الرحمن بن صالح بن عبد الله البنيان رئيس هيئة الأركان العامة بإحالته على التقاعد". وصدر القرار غداة افتتاح البنيان معرض "القوات المسلحة لدعم التصنيع المحلي" بدورته الرابعة في الرياض. ورقي الفريق الركن فياض بن حامد بن رقاد الرويلي، نائب رئيس هيئة الأركان العامة، إلى رتبة فريق أول ركن، وعين رئيساً لهيئة الأركان العامة. وتقرر إنهاء خدمة الفريق الركن محمد بن عوض بن منصور سحيم قائد قوات الدفاع الجوي، وإعفاء قائد القوات البرية الفريق الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود من منصبه، وتعيين قائدين جديدين لقوات الدفاع الجوي والقوات البرية. كما تم تعيين قائدين جديدين لقوة الصواريخ الإستراتيجية وللقوات الجوية. وجاء في الأمر الملكي، إن التغييرات العسكرية الواسعة هذه صدرت "بناء على ما عرضه علينا سمو وزير الدفاع" الأمير محمد، وبعد الموافقة على "وثيقة" تنص على "تطوير وزارة الدفاع". ولم تقدم السلطات تفسيراً للتعيينات العسكرية المفاجئة. وفي نوفمبر الماضي، استبدل العاهل السعودي قائد القوات البحرية وقائد الحرس الوطني. وقال ثيودور كراسيك الخبير في شؤون الخليج لوكالة فرانس برس، إن السعودية قد تكون تشهد "تحولاً عسكرياً". تعيينات سياسية تقود السعودية منذ 26 مارس 2015 تحالفاً عسكرياً في اليمن المجاور دعماً لقوات السلطة المعترف بها دولياً في مواجهتها مع المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في اليمن منذ 2014. وتمكنت القوات الحكومية بدعم من القوات السعودية وقوات دول التحالف الأخرى، وبينها الإمارات، من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في اليمن، إلا أنها لا تزال عاجزة عن هزيمة المتمردين بشكل كامل والدخول إلى العاصمة. وتوجه منظمات حقوقية اتهامات إلى السعودية بالتسبب بمقتل مدنيين في الغارات التي تشنها طائرات التحالف ضد مواقع المتمردين لكنها تصيب أيضاً منازل ومدارس ومستشفيات. والاثنين قتل ستة عسكريين يمنيين على الأقل في غارة نفذتها طائرات تابعة للتحالف العسكري بقيادة السعودية وأصابت "عن طريق الخطأ" معسكراً لهذه القوات، حسب ما أفادت مصادر عسكرية. وقتل في النزاع اليمني أكثر من 9500 شخصاً. كما قتل عشرات الجنود السعوديين والإماراتيين، في وقت لا تزال المناطق الجنوبية السعودية معرضة لخطر صواريخ المتمردين الذين تمكنوا كذلك من إيصال صواريخهم هذه إلى أجواء الرياض. وتقول السعودية إن إيران، الخصم اللدود في الشرق الأوسط، تدعم المتمردين الشيعة عسكرياً، إلا أن طهران تنفي هذا الاتهام. تأتي القرارات العسكرية في خضم تحول اقتصادي واجتماعي متسارع تشهده المملكة التي تعاني من صعوبات اقتصادية منذ تراجع أسعار النفط في 2014. ويقود هذا التحول الأمير محمد، الذي أشرف منذ توليه منصب ولي العهد منتصف العام الماضي على حملة توقيفات شملت شخصيات رفيعة المستوى وأمراء ورجال أعمال على خلفية قضايا تقول السلطات إنها تتعلق بالفساد. وسبقت هذه الحملة سلسلة توقيفات أخرى لرجال دين بارزين. وقالت منظمات حقوقية إن الأمير محمد يسعى منذ توليه منصبه إلى القضاء على أي معارضة محتملة لسياساته الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية. وفي إطار التعيينات الجديدة، باتت الرماح ثاني امرأة سعودية تتولى منصب نائب وزير بعد نورة الفايز التي كانت تتولى في السابق منصب نائب وزير التعليم. كما عين الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز، شقيق رجل الأعمال الملياردير الوليد بن طلال الذي كان أحد الموقوفين في قضية الفساد، نائباً لأمير منطقة عسير بمرتبة وزير.