يشهد جنوب السودان وضعا أمنيا متوترا قد يزيد في تعقيد الوضع قبل شهور من عملية الاستفتاء التي ستحدد في جانفي المقبل مصيره، إما الانفصال وإما البقاء ضمن سودان موحد، وهو ما يطمح له معظم السودانيين. وفي هذا الصدد أعلن أمس الأحد عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وأسر آخرين في هجوم شنه جيش جنوب السودان على عناصر تابعين لميليشيا محلية معارضة. * وشن "الجيش الشعبي لتحرير السودان" الذي يضم عددا من المتمردين السابقين هجوما الجمعة الماضي على الجناح المسلح لإحدى الحركات السياسية الانفصالية، وقال كول ديم كول الناطق باسم الجيش الجنوبي، أن الهجوم استهدف قاعدتين عسكريتين في المنطقة النفطية الواقعة في ولاية أعالي النيل والخاضعة لسيطرة رجال لام اكول، وزير الخارجية السوداني السابق الذي يتزعم الحركة الشعبية لتحرير السودان، التغيير الديمقراطي، وهي فصيل منشق عن الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تتولى السلطة في جنوب السودان. * واتهم الجيش الجنوبي مرارا لام اكول، المنافس الأوحد لزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سالفا كير خلال الانتخابات الرئاسية التي شهدها جنوب السودان في أفريل الماضي، بتسليح ميليشيات بهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة عشية استفتاء على استقلال الجنوب مقرر في جانفي، إلا أن اكول نفى هذه الاتهامات. * ويفترض أن يتوجه سكان جنوب السودان إلى صناديق الاقتراع في جانفي المقبل للمشاركة في الاستفتاء الذي يعتبر الاستفتاء البند الأساسي في اتفاق السلام الموقع العام 2005 . * وبخصوص ترتيبات مرحلة ما بعد الاستفتاء التي يبحثها حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان، اتفق الطرفان على مجموعة من الخيارات المشتركة لتحديد خارطة طريق تتعلق بالملفات الخلافية الرئيسية كتقاسم الموارد الطبيعية. * وأكد كمال حسن علي وزير الدولة السودانية للشؤون الخارجية أن الاتفاق على القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات يضمن أمن السودان واستقراره أيا كانت نتيجة الاستفتاء. * أما المتمردون السابقون في الجنوب فقد تحدثوا عن قيام "كونفدرالية أو سوق مشتركة"مع سلطات الخرطوم إذا تأكد انفصال الجنوب. * بينما اقترح رئيس جنوب إفريقيا سابقا ثابو مبيكي، رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي المكلفة بمتابعة ملف السودان على الطرفين إنشاء كونفدرالية من دولتين مستقلتين أو شكلا من أشكال التعاون المكثف إذا اظهر الاستفتاء تأييدا لاستقلال الجنوب. وأعلن مبيكي في كلمة ألقاها أمام دبلوماسيين وشخصيات اجتمعوا في الخرطوم بمناسبة انطلاق المفاوضات حول الرهانات التي ستلي الاستفتاء، أن "فكرة مقارعة ظاهرتين، الوحدة أو الانفصال (...) بسيطة إلى حد الإفراط". * ورد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان اموم في تصريح للصحافيين أن "على سكان جنوب السودان اختيار الاستقلال أو الوحدة.."، مشيرا إلى أنهم سيضمنون تعاونا جيدا بين الدولتين المستقلتين وقد يأخذ ذلك شكل كونفدرالية أو سوق مشتركة، على حد قوله. * وأكد سعيد الخطيب مفاوض الحزب الحاكم أن اقتراحات ثابو مبيكي تقدم "عنصر تحفيز للمفاوضين كي يكونوا خلاقين " في المباحثات. * وقد جرى الحديث عن اقتراحات عدة تتصل بكونفدرالية أو فدرالية منذ أيام في وسائل الإعلام في الخرطوم، لكنها المرة الأولى التي يفتح فيها المتمردون الجنوبيون صراحة باب إقامة كونفدرالية في حال غلبة خيار الانفصال. * وأعلن الطرفان السبت أنهما لم يحددا مهلة زمنية لتسوية القضايا الإستراتيجية مثل تقاسم الموارد الطبيعية والمواطنة واحترام المعاهدات الدولية والأمن. * مع العلم أن السودان يملك احتياطيا من النفط يقدر بنحو ستة مليار برميل تتركز حقولها في جنوب البلاد والمناطق الواقعة بين الشمال والجنوب. ويشكل النفط 98 % من موارد حكومة الحكم الذاتي في جنوب السودان ونحو 60 % من موارد حكومة الخرطوم المركزية.