تيليطونات لتزويج "المزلوطين" ومآدب خمسة نجوم للمحظوظين اشتراك أهل الزوجين في مراسيم الحفل بقاعة واحدة "مودة" العاصميين فقدت الأعراس العاصمية ميزاتها، حيث قضت قاعات الحفلات على أهم الروابط العائلية التي ما فتئت تتسم بها منذ أقدم العصور، ففيما تسعى بعض الأسر المرموقة إلى الإبداع في كل شيء تجتمع أغلب العائلات حول فكرة تنظيم حفل زفاف مشترك بين أهل الزّوجين لتفادي الخسائر المادية التي غالبا ما تُصرف على الثانويات دون الكماليات، وتفضّل بعض الزوجات التخلّي على عرض الأزياء لما ينعكس عليها من مصاريف. أهم ما كان يوحي بقرب حفل زفاف في بيت من بيوت العاصمة العتيقة اجتماع أهل عائلة العريس أو العروس المقربين جدا لتحضير وطبخ ما لذّ وطاب من حلويات تقليدية في جو حميمي تمتزج فيه الفرحة بالزّغاريد، عادات للأسف تلاشت مع مرور الزّمن، ولم يعد لها أثرا في وقتنا الحالي، فمعظم العائلات العاصمية تخلّت عن هذا السّلوك، وأضحت تركض وراء حلواجية ذاع صيتها تتوّلى المهمة، حيث لا يقل سعر حبة حلوى بمستلزماتها عن 35 دج، وهو ما يكلّف قرابة 4ملايين سنتيم ل300 علبة تحمل 3 حبّات، بخصوص ذوقها فالمحظوظين فقط من أهل العرسان من ينالون مرادهم، هذا إلى جانب مصاريف الحلوى المقدمّة مع الشاي عند نهاية الحفل، وكذا الحلوى المخصصة للأطفال التي لا يستغني عنها أحد، ناهيك عن علب الحلويات التي تكلّف أبسط علبة منها 30دج . أما العائلات الميسورة الحال فتتجه نحو أحدث الإبتكارات سواء تعلّق الأمر بالحلويات أو الإكسسوارات من خلال العمل على تقديم 5 أو 6 أنواع من حلويات الجوز واللّوز في صحون وأواني فخاّرية يفوق سعر الواحد منها 200دج، كما تحرص على تقديم 3 أو أربعة أنواع من الحلويات الخاصة بالشاي في صحون أخرى لا تقل فخرا، إلى جانب حلويات مختلفة أنواعها تقدّم مع القهوة أو المشروبات. أما بخصوص وجبة العشاء فاختلفت هي الأخرى سواء في محتواها أو من يتكفّل بتحضيرها فإلى وقت بعيد كانت العاصميّات تتضامنّ فيما بينهن وتخترن اثنتين من أحسن طبّاخات العائلة تتولّيان بالمهمة، أما في الوقت الحالي فتحوّل الإهتمام بمختصّات في الطّبخ، من الأولويات والمحظوظة من تفوز بصفقة الطّباخة الماهرة عن طريق تحديد موعد معها شهر أو شهرين قبل العرس وسعر الوجبة الواحدة لا تقلّ عن 7000دج. في حين تلجأ العائلات العاصمية إلى الفنادق بمختلف أصنافها وتكاليفها المهم أنّها ترفع عنهم مشكل الطّباخ الماهر والحاشية المرافقة له، ليتسنّى لأفراد العائلة الإحتفال بالعرس على أكمل وجه، وأما الأطباق الرئيسية فقد تخلى العديد من العاصميين عن طبقي الطعام والشربة ليحول مكانهما طبق "المثوّم ، لحم لحلو، روتي..." "التويزة" لكراء قاعة الحفلات قصد تقاسم المصاريف شاعت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة إشتراك أهل الزّوجين في كراء قاعة الحفلات من أجل التّخلص من أعباء المصاريف، فالمدعوين من كل عائلة يتقاسمون نفس الأجواء في قاعة واحدة وتشترك العائلتين، كل متطّلبات العرس من حلويات ومشروبات ووجبات غذائية. وفي غالب الحالات تتخلّص الزوّجة من مراسيم الحفل حتى لا تكون عبئا على عائلتها البسيطة رغم أن "العرس" فرصة عمر وحلم كل فتاة مقبلة على الزواج، لتقتصر الحفلة على وجبة عشاء للمدعووين. في هذا الصدّد تقول "ك.غ" إحدى الشابات المقبلات على الزّواج، وهي من عائلة قصباجية عريقة "عائلتي فقيرة وكل مستلزماتي وملابسي اشتريتها بنفسي رغم وظيفتي البسيطة، فمن أين لي مصاريف قاعة الحفلات وما تتطلّبه من مصور محترف و(ديسك جوكي)، ومن أين لي مصاريف تسريحة الشعر، لم أكن أتصوّر يوما أن أزّف إلى بيت زوجي بدون حفلة زفاف، لكن الحاجة فرضت علّيا ذلك وسأكتفي بحفلة أهل زوجي، والمهم في كل هذا أن أعيش حياة سعيدة وهنيئة". وعلى صعيد آخر، أضحت قاعة الحفلات الشّرط الأساسي لأعراس العاصميين، حيث تحوّلت هي الأخرى من حاجة ماسة تخص أصحاب السّكنات الضّيقة إلى تقليد لابد منه حتى وإن اقتضى الأمر اللّجوء إلى الإدانة لأن أسعارها تتعدى في بعض الأحيان 10ملايين سنتيم. الجحفة والزواج الجماعي ميزة أعراس الجنوب والصحراء "دانك داني" بديلا ل الديسك جوكي والهودج ينافس الليموزين تتميز مناطق الجنوب الكبير كغيرها من ولايات الوطن بتقاليد ومظاهر خاصة بإحياء الأعراس، حيث ترسم تلك التقاليد لوحات فنية تعبر عن تمازج الثقافات المتعاقبة على الصحراء عبر العصور، ورغم التطور التكنولوجي والآلات الحديثة في التعبير عن الأفراح على غرار "الديسك جوكي" والفرق الفنية والموسيقية، إلا أن سكان الصحراء لازالوا متمسكين بشدة بالأعراف في إحياء أعراسهم التي تكثر في فصل الصيف. من ميزات أعراس الجنوب "الجحفة" التي هي عبارة ما يسمى ب"الهودج"، وهو سرير صغير يوضع فوق ظهر الناقة التي عادة ما تحمل العروس، بينما يتقدمها العريس ممتطيا حصانا عربيا أصيلا، ورغم استبدال الهودج في الوقت الحالي بالسيارات الفاخرة، غير أن هذا التقليد يظل راسخا، ويعكس مدى التمسك بكل ما هو قديم وأصيل هذه المظاهر تنم عن حضارة، كانت ولا زالت ثابتة وصورة توضح كيفية زف العروسين بكيفية وإن تخلى عليها البعض فإنها لا زالت راسخة في عدة عروش بالمنطقة، سيما عرش بني ثور والمخادمة العرقيين. وإلى جانب ذلك تنفرد الأسر الصحراوية بالتضامن وميزة الأعراس الجماعية التي عادت بقوة خلال السنوات الأخيرة، ففي دائرة عين صالح بتمنراست تم مؤخرا إقامة مراسيم عرس جماعي لأكثر من 25 زوجا، ونفس العدد في كل من مدينة المنعية وولاية غرداية وتهدف هذه المبادرات حسب القائمين عليها إلى تشجيع الشباب على الزواج من خلال تخفيف الأعباء والقضاء على ظاهرة العنوسة، في انتظار مبادرة أخرى لعقد قران 230 شاب وشابة، كما تعرف أعراس المنطقة تقليد نصب الخيمة التي تكون في العادة كبيرة وممتدة حتى تتسع للضيوف، ويرجع حرص أهل الجنوب على نصب الخيمة إلى التمسك بتراث الأجداد الذين كانت مأواهم وسكنهم، نظرا لكونها مصنوعة من شعر وأوبار الحيونات، مما يساعدها على مقاومة مناخ الصحراء القاسي الحار في الصيف وشديد البرودة في الشتاء، زيادة على هذا تعرف الأعراس بولايات الجنوب عموما بالأغاني التقليدية التي تعبر عن حركة الإبل وأجواء الصحراء منها أغاني "دانك داني" التراثية المصحوبة بقعدة الشاي الذي يتقن تحضيره الرجال والنساء، سويا، كما عرفت الأعراس دخول بعض التقاليد الجديدة كسهرات للأناشيد عوض الموسيقى في مدينة القرارة مثلا، والتي استحدث أهلها ندوات ومحاضرات في اليوم الموالي للزفاف عوض زيارة العريس، هذه الندوات غالبا ما ينشطها دكاترة أو أساتذة يكون المجال فيها مفتوح لطرح الأفكار الجديدة، وتقديم النقد العلمي حول عدة مواضيع هامة تخص الجهة . الأعراس بتيارت خارج قانون المرور وضوابط تنظيم الحفلات البندير والقصبة والسيوف وقطع الطرقات للإحتفال بالعروس والعريس سبّب السكوت المطبق للسلطات في ولاية تيارت عن ظاهرة قطع الطرق لإقامة الأعراس انتشارا كبيرا لها في كثير من الأحياء بعاصمة الولاية وعدد من البلديات الحضرية أو الريفية، حتى أصبح من مظاهر الحياة الطبيعية وجود حواجز بالحجارة أو بكراسي المدعوين في الطرق التي تتوسطها الخيم أو"القواطين" وصهاريج الماء، وهو ما يسبب معاناة المارة من الراجلين أو أصحاب السيارات، الذين يصبح مطلوبا منهم قطع مسافات إضافية، أو حتى يحرمون من دخول بيوتهم في بعض الأحيان!! وتكون اللعنة مزدوجة إذا تصادف عروسان أو ثلاثة في شارعين متقاربين، في ظل فراغ قاتل من حيث الرقابة والمعاينة للأوضاع بجولات تفقدية للأحياء للاطلاع عن كيفية سير الأمور، والأخطر أن السلطات لا تتدخل إلا إذا تعلق الأمر بنزاعات غالبا ما تكون دموية، فتسجل على أنها شجارات وجنح ضرب وجرح تحال إلى العدالة، دون محاولة إيقاف مسلسل التجاوزات والبحث في السبب كإجراءات وقائية. ورغم أن القوانين صارمة مع أصحاب السيارات الذين يتوقفون للحظات في الطريق العمومي ويعاقبون عقوبات شديدة، ويصير المواطنون مجرمين إذا ما قطعوا الطريق للاحتجاج على معاناتهم، لكن لا أحد يحرك ساكنا مع المحتفلين ولا أحد يطالبهم بإخلاء الطرق المحتلة لأيام بلياليها، بمقابل الزجر الذي مارسته السلطات - مشكورة- على قاعات الحفلات غير المطبقة لإجراءات الأمن وكبح الضجيج فأغلقتها كلها تقريبا باسم القانون، لتسكت عن تجاوزات أكبر في الطريق العمومي... ويبدو أن التسامح الكبير الذي تبديه السلطات -ليس في ولاية تيارت وحدها- مع الضوضاء الليلية وقطع الطرق شجع حتى احتفالات النجاح في الامتحانات الوطنية وحفلات الختان أن تكون تحت "قواطين" قاطعة لحركة المرور، زيادة على ما يصدر من موسيقى صاخبة لا تهتم السلطات ما إذا كانت تزعج المحيط أم لا، بل أدت خيبة الأمل من جهة وقلة الوعي وخشية الضغط الاجتماعي من جهة أخرى، إلى عدم جرأة الضحايا على الاتصال بالشرطة أو الدرك الوطني للشكوى، فيما لا تصدر تقارير من الهيئتين حول حصيلة نتائج مكافحة الظاهرة، على غرار ما يقدم كل ثلاثي أو سداسي حول الجرائم بمختلف أنواعها. على صعيد مرتبط، فإنه ورغم وجود إطار قانوني لتنظيم الأعراس، إلا أن التراخيص التي يستلمها المواطنون من البلديات ويصادقون عليها في مقر الشرطة والدرك الوطني، تكون في آخر المطاف حبرا على ورق، ومجرد إجراءات شكلية، فلا أحد يراقب ما إذا كان لدى صاحب عرس ترخيص بإقامته، وما إذا التزم بالقوانين، فقد يطلب مواطن ترخيصا لعرس يوم الخميس بينما يقيم الحفلات ابتداء من الاثنين ويواصل حتى زوال الجمعة، من الصباح إلى طلوع الفجر من اليوم الثاني ودون إشكال ولا تدخل من السلطات التي أصدرت التراخيص ولا التي التزمت بالإطلاع على مدى تطبيقها، ليبقى ما تشهده حفلات الأعراس تحت القواطين أو في الهواء الطلق من مظاهر يندى لها الجبين أكبر من أن يوصف، حيث تتحول تلك الحفلات إلى تغطية على عدة جرائم من حمل للخناجر والسيوف إلى تناول الخمور والمخدرات مع بيعها للكبار والصغار، ناهيك عن الضوضاء والفوضى التي تتجاوز ما جاء في الرخصة الممنوحة، ليدفع الثمن الأطباء والممرضون المناوبون في المستشفيات، خلال ليالي الأعراس، حيث يتعاملون مع جرحى مخمورين وسط كلام بذيء وحركات استفزازية جنونية منهم أو من مرافقيهم، الذين عادة ما يأتون إلى المستشفى وهم في وضع لا يحسدون عليه، وبالأخص إذا كان العرس من ذلك النوع الذي ينظمه البعض الذين اشتهروا بدعوة "شيوخ وشيخات القصبة والبندير" مع ما في حفلات هؤلاء من رقّاصات مثيرات، جالبات لأموال "التبراح" ومزيدا من شرب الخمور، تبيعه "باشيات" تكون في عين المكان، عادة!!. ماذا بقي من أعراس شرق البلاد؟ قاعات حفلات ب 20 مليونا وشهر العسل في تونس إجباري ماذا بقي من أعراس المدن الكبرى في شرق البلاد؟ سؤال نطرحه كلما صدمتنا أخبار المآسي من تسممات غذائية وحوادث مرور في مواكب العرس المجنونة وضحايا طلقات البارود الافتخارية والعشوائية التي تميز معظم الحفلات من دون استثناء ..أما عن العادات فهي لم تختلف في الطريقة فقط بل طالها الآن الزمان بعد أن دخل السبت بقوة ليخطف من الخميس معظم مواقيت الأعراس والمكان الذي صار لا يحلو إلا في القاعات الفخمة ولو تطلب ذلك تفقير أهل العرس ووضعهم تحت طائلة المديونية. جديد الأعراس هذا العام حددته الأحداث والمواقيت الدينية التي قلصت من مدة إقامة الأعراس إلى حوالي شهر فقط، خاصة أن الجزائريين لا يتزوجون في رمضان رغم مشروعية ذلك، إذ خطف المونديال الذي انتهى يوم الأحد فقط وشهر الصيام الذي سيبدأ منتصف الشهر القادم مالا يقل عن شهرين من مواعيد الناس، الإزدحام في ظرف وجيز رفع من أسعار القاعات التي لا تقل بين قسنطينة وعنابة عن مبلغ 10 ملايين للسهرة الواحدة، رغم وجود صالات عادية وغير مكيفة دون سعر الخمسة ملايين، ورغم وجود أيضا صالات أخرى فاخرة لا يقل ثمن كراءها عن 20 مليونا، خاصة في الفنادق الكبرى، وهناك صالات تقدم لأهل العرس إمكانية توفير الطباخ، وأيضا تحقيق كل الأطباق والمحلّيات حسب الطلب، وهنا يرتفع ثمن العرس وقد بلغ في قسنطينة المئة مليون سنتيم، حيث يكتفي العريس بنقل عروسه فقط، ويكون أهله بما في ذلك والدته وشقيقاته مجرد مدعوات في عرس يجدون فيه من يخدمهم من دخولهم القاعة إلى موعد خروجهم من القاعة. التباهي بالسيارات فقد بريقه بعد أن ارتفع عدد السيارات في الجزائر وتنوعت وأصبحت المرسيدس ورباعية الدفع متوفرة لدى الكثيرين، حيث غابت ظاهرة كراء السيارات مادامت ممكنة لدى الأهل والجيران وحتى تزيين السيارات بالأزهار صار مقتصرا على سيارة العروس دون بقية السيارات، عكس ما كان شائعا في باتنةوخنشلة وغيرها من مدن الشرق في السنوات السابقة، ويعود ذلك إلى ارتفاع سعر "بوكيه الورد" الذي يصل إلى 1200 دج للسيارة الواحدة .. لكن المشكلة التي صار يصطدم بها موكب الأعراس هو الازدحام الكبير في وسط المدن الكبرى، خاصة إذا اختار أهل العرس أيام الأسبوع للإحتفاء بأبنائهم، أما في الطريق السريع فإن الخوف يبقى في حوادث المرور التي أودت بحياة عروس وأب العريس في بلدة المحمل بولاية خنشلة منذ شهر فقط، حيث ارتطمت سيارة العروس وهي في طريقها إلى عش الزوجية بشاحنة ضخمة فخلفت مجزرة وأحزانا. وفي خنشلة أيضا وبرغم المنع إلا أن البارود هو ما يميز الأعراس وكان قد أودى بحياة ثلاثة أشخاص في السنة الماضية حوّلوا الفرح إلى مأتم .. كما أن الحرارة الجهنمية التي تعيشها الجزائر ومدن الشرق بالخصوص رفعت من حالات التسمم الغذائي، حيث تعجز بعض العائلات عن توفير الثلاجات والمبردات لحفظ مئات الكيلوغرامات من المواد الغذائية الضرورية، وقد تصاب بالتلف دون علم القائمين على العرس، كما حدث في قلب مدينة قالمة وبرج بوعريرج العادة الجديدة التي اتفق عليها أهل أعراس الشرق من القرى إلى المدن الكبرى واتحد فيها الفقراء مع الأغنياء هي شهر العسل الذي أصبح ضروريا ويكاد يكون لازمة كل الأعراس من دون استثناء، وتبقى الوجهة المفضلة لدى العامة هي تونس بفضل الأسعار التي تقل عن أسعارفنادقنا وأيضا قرب المدن التونسية إذ بإمكان العريس أن يأخذ عروسه مساء من مدينته الشرقية والمبيت ليلا في أحد فنادق أو مساكنتونس .. أما عن أطباق الأطعمة فمازالت قسنطينة وبامتياز محافظة على تقاليدها العريقة وما تقدمه لضيوفها هو متعة حقيقة، كما حافظت سطيف رغم إغراءات أطباق الجارة قسنطينة على عاداتها العريقة، وهي الكسكسي وفقط وأخذت بقية المدن الساحلية عن قسنطينة الأطباق اللذيذة والفاخرة وهي "المشلوش والرفيس وطاجين الشواء وأشباح الصفراء" وغيرها من الحلويات ذات الأصول التركية.. تبقى الأعراس الفرح الجزائري بامتياز، وهو في حد ذاته وجه الجزائر الحقيقي والمهرجان الوحيد الذي حافظ على بقائه برغم حالات التزيين والتشويه التي طالته في الكثير من الأماكن. قرى تيزي وزو تتمسك بعادات وتقاليد الزمن الجميل منع الإختلاط بين الجنسين ومواعظ دينية حول العلاقات الزوجية لأن الكثير من الشباب المقبلين على الزواج يتبعون الحداثة التي غيّرت كل شيء ولم تبق للأعراس شيئا من الجمال، فضّل العشرات من المتزوجين مؤخرا خاصة بالأربعاء نايث ايراثن وعزازقة وتيزي راشد بولاية تيزي وزو العودة إلى الأصول بتنظيم أعراسهم على الطريقة التقليدية، بعد أن شدّهم الحنين إلى الماضي بالاستعانة بحفظة القرآن، وهذا لإلقاء دروسا حول الزفاف والعلاقة بين الزوج والزوجة في الشريعة الإسلامية . للزواج بولاية تيزي وزو عادات وتقاليد تختلف من منطقة لأخرى ومن قرية لأخرى ابتداء من اللقاء الأول ومرورا بترتيبات الخطبة، وصولا إلى حفل الزواج، وتعرف لدى العام والخاص حفلات الزواج بولاية تيزي وزو طقوسا احتفالية متنوعة تترجم قيم المجتمع القبايلي ومكوناته، وتعكس حضاراته والتي هي في الحقيقة مزيج من الحضارات الأمازيغية العربية والإفريقية، وتفضل معظم العائلات أن تساير الشريعة الاسلامية، حيث يحتفلون إلى غاية اليوم بطريقتهم الخاصة، حيث يمنع الاختلاط ويكون عادة الاحتفال بالزواج احتفالا نسائيا محضا، والرجال يكونون معزولين لوحدهم في جناح والنساء لوحدهن، وعادة ما تتزين العروسة، وتظهر في إطار التقاليد القبائلية وتطلق النساء العنان لحناجرهن لترديد أناشيد بعد تجهيز فرقة نسوية لهذا الغرض والتصوير يتم على يد امراة مصورة وحتى خدمة الحضور تكون أيضا من طرف نساء فقط، وإذا كانت بعض العائلات تحيى الحفل عن طريق ضرب الدفوف وترديد الأناشيد، إلا أن الكثير من العائلات المحافظة إلى غاية اليوم تفضل الاستعانة بحفظة القرآن لإلقاء دروسا ومواعظ حول العلاقة الزوجية في الشريعة الإسلامية ويقول أحد كبار السن والمشايخ بالاربعاء نايث ايراثن "الحاج علي" أنه يجب تشجيع الشباب المقبلين على الزواج على تنظيم الأعراس على الطريقة التقليدية كونها غير مكلفة، مضيفا أن الأعراس في الماضي كانت أحسن بكثير من أعراس اليوم التي افتقدت لعوامل التضامن العائلي وحتى الجيران والأقارب. وأن البركة كانت أهم ميزة تميز الأعراس في الماضي، حيث أن أهل العريس يغرقون أهل العروس بمختلف الهدايا التي عادة ما تكون مجموعة من الأغنام والكباش، وحتى الماعز والسميد والزيت ومختلف أنواع المواد الغذائية، إضافة إلى منح مساعدات مالية، ويذكر الآباء والأجداد أن الجيران وأفراد العائلة كانوا يتجمعون ويقدم كل واحد مساعدة أو هدية معينة، كأن يأتي واحد بكبش والآخر بقنطار من السميد والآخر بمبلغ مالي مثلا وهكذا، لتجد العائلة المقبلة على تزويج أحد أبنائها أنها تحصلت على مساعدات تفوق في بعض الأحيان تكليف زواج ابنها وتتعداه بكثير، ويضيف هذا الأخير أن الأعراس في الماضي أحسن بكثير من أعراس اليوم، التي افتقدت لعوامل التضامن العائلي وحتى الجيران والأقارب. أما الحاجة "وردية" تقول أن أعراس زمان تمتد لغاية أسبوع كامل أي سبعة أيام بلياليه تقام فيها الأعراس والولائم ثلاثة أيام قبل موعد العرس وثلاثة أيام بعد العرس، أي أن العرس يبدأ يوم الثلاثاء ويمتد أسبوعا كاملا، تقام فيها الولائم وتنظم حفلات الزرنة ليلا، حيث أن القرية التي بها عرس أحد الجيران فإنها مجبرة لتناول وجبات الغذاء والعشاء في العرس، وهذا شريطة أن يقدم الجيران مساعداتهم سواء المادية أو المعنوية. يقول من حضروا أعراس زمان أن أعراس هذه الأيام انعدمت فيها أدنى صور التضامن الأسري، وانتشرت بكثرة الدعوات الفردية، وهذا عكس زمان كل من يسمع بإقامة عرس لفلان يأتي ومعه هديته أو ما استطاع أن يقدمه حسب قدرته، وبذلك تحضر البركة، كما يرون هؤلاء أن أعراس الماضي موعد لتوحيد المواقف وتصفية المشاكل بين الجيران والأهل والأقارب، فتجمعهم في العرس لمدة أسبوع كامل يأكلون ويشربون مع بعضهم البعض كفيل بتصفية الخلافات.