أكثر من 30 وثيقة للحصول على شهادة التأهيل في مجال الأشغال العمومية كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب، والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، أن المعدلات السنوية لإنشاء المؤسسات المصغرة في الجزائر لا تتجاوز 28 ألف مؤسسة سنويا، أكثر من ربعها مصيره التلاشي بسبب الرشوة والبيروقراطية الإدارية والقيود العديدة التي تفرضها البنوك العمومية والخاصة قبل الموافقة على تمويل المشاريع الإنتاجية بالمقارنة مع التسهيلات التي تمنح عندما يتعلق الأمر بمؤسسات أو شركات خاصة باستيراد السلع والخدمات. * وكشفت الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، أن أدنى فترة لمعالجة ملفات الاستثمار على مستوى البنوك لا تقل عن 60 يوما في أحسن الحالات، وتصل في بعض الملفات بولايات داخلية إلى 129 يوم وربما أكثر عندما يتطلب الملف موافقة المديرية للقروض للبنك أو المؤسسة المالية المعنية على الرغم من الإجراءات الجديدة التي فرضتها الحكومة على البنوك والتي تنص على تخفيف إجراءات مرافقة الشباب المستفيد من قروض بنكية عبر وكالة تشغيل الشباب أو صندوق التأمين على البطالة أو المشاريع الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية بعد إنشاء الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب في مجال منح القروض. * في المقابل، كشف مستثمر جزائري مقيم بالعاصمة تونس، أنه تمكن من القيام بجميع الإجراءات الخاصة بتأسيس شركة في تونس وتسجيلها في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية التونسية في ظرف 6 أيام، مما يجعل الوجهة التونسية وحتى المغربية كوجهتين مفضلتين في مجال الاستثمار، أفضل بكثير بالمقارنة مع الوجهة الجزائرية التي أصبحت منبوذة أكثر فأكثر بسبب فضائح الفساد والرشوة التي لم تسلم منها حتى مجموعة "سوناطراك"، مما دفع بأحدث تقرير للبنك العالمي حول مناخ الأعمال إلى تصنيف الجزائر في المرتبة 136 من بين 182 دولة، والسبب الرئيسي هو الفساد والبيروقراطية والرشوة، وهو ما يفسر لماذا لم تسجل الجزائر سنة 2009 سوى 4 مشاريع استثمارية مباشرة، كنتيجة مباشرة أيضا للدور السلبي الذي تلعبه الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار التي تدار بطريقة سيئة للغاية بداية من مقر تواجدها إلى غاية الصورة المتدهورة التي تسوقها عن الجزائر. * وقال بن أحمد بوزيان في تصريح ل"الشروق"، إنه غادر الجزائر للاستثمار في تونس بسبب العراقيل البيروقراطية، مؤكدا أنه تمكن من الحصول على السجل التجاري وبطاقة التعريف الجبائي وتسجيل الشركة وجميع الوثائق القانونية التي تسمح له بمزاولة النشاط في ظرف 6 أيام، مشيرا إلى أن إجراءات الشباك تسهيل الاستثمار حقيقة ملموسة فعلا في تونس من خلال الشباك الموحد الذي يجمع ممثلين عن جميع الإدارات التونسية ذات الصلة بملف الاستثمار. * وقال شباب مقاولون تحدثت إليهم "الشروق"، إن الإجراءات الجديدة التي تنص على دراسة الملفات والموافقة عليها من طرف لجنة تنصب لهذا الغرض على مستوى الدائرة قبل تحويلها إلى البنوك للتمويل، لا تكفي لحل المشاكل والعراقيل البيروقراطية لتسريع إنشاء المؤسسات المصغرة أو الصغيرة والمتوسطة سواء في سياق وكالة تشغيل الشباب أو صندوق التأمين على البطالة الذي تم إنشاؤه سنة 1994 وكانت مهمته الأساسية التكفل بالعمال الذين فقدوا وظائفهم لأسباب اقتصادية في إطار الاتفاقات المبرمة بين الحكومة الجزائرية والهيئات المالية الدولية، قبل تكليف الصندوق بداية من سنة 2004 بمهمة أخرى، وهي دعم خلق نشاطات مهنية لفئة البطالين المنظمين للمبادرات والبالغين من العمر بين 35 و50 سنة، مما سمح باستقبال حوالي 70ألف طلب لإنشاء مؤسسات اقتصادية صغيرة تمت الموافقة على 45 ألف ملف من طرف لجنة الاختيار للتمويل و31 ألف ملف تم إيداعها بالبنوك الوطنية وتمت الموافقة على 18 ألفا منهم لخلق مؤسسات صغيرة بالاعتماد على استغلال الإمكانات المحلية وتوجيهها، وخاصة في قطاعات الفلاحة والخدمات والبناء والأشغال العمومية والموارد المائية. * غير أن أغلب الشباب الذين تمكنوا من الاستفادة من الآليات المشار إليها وقعوا ضحايا العجز عن تأسيس مؤسساتهم في الوقت المطلوب بسبب الإدارة العاجزة على مسايرة برامج التشغيل، مما أوقعهم تحت طائلة القانون في تسديد القروض التي حصلوا عليها من البنوك، قبل شروعهم حتى في العمل، فضلا عن المطالب التي لا تعد ولا تحصى في رحلة البحث عن التأهيل إذا تعلق الأمر مثلا بمؤسسة للبناء والأشغال العمومية، حيث يتطلب الأمر تعيين مهندس متخصص وتأمين مجموعة من العمال لا يقل عددهم عن ثلاثة وتعيين خبير لإعداد محضر لأملاك الشركة وهي الإجراءات الضرورية للحصول على شهادة التأهيل الضرورية للحصول على مشاريع.