140 تقني فقط لتفتيش 1.5 مليون تاجر ومعاينة 3 ملايين ميزان عبر الوطن الديوان الوطني للقياسة القانونية يطالب ب200 تقني لردع التجار يشرف 140 تقني فقط، على تفتيش كافة الموازين أو أدوات القياسة المستخدمة عبر الوطن، في حين يتجاوز عدد التجار مليونا ونصف مليون تاجر، كما يزيد عدد الموازين التي ينبغي مراقبتها سنويا عن 3 ملايين ميزان، وهو ما يفسر تفشي ظاهرة الغش في الميزان، التي أضحت السمة الأساسية التي تجمع بين الكثير ممن يمارسون النشاط التجاري. * الديون الوطني للقياسة القانونية يطالب بتدعيمه ب200 تقني سنويا لردع التجار المتجاوزين * الغش في الميزان يبدأ من المزرعة وينتهي بآلات قياس البنزين والإسمنت * * إن الحديث عن الغش في الميزان يحيلنا مباشرة إلى تعاملاتنا اليومية، فمن منا لا يقصد يوميا التاجر المحاذي لبيته، أو السوق الأقرب من مقر سكناه، ليقتني ما يلزمه من مواد استهلاكية متنوعة، ومن منا لم يعد إلى بيته وهو يشعر بكثير من الاشمئزاز والتقزز من تصرفات الكثير من التجار، الذين يتلاعبون بالميزان، ويصرون على إقناع الزبون بتصرفات يريدون تكريسها، رغم أنها تتنافى مع الأخلاق والدين. * ويبدع التجار في ممارسة الغش، بحسب ما توفر لديهم من إمكانيات وفرص، ولعل أهمها استبدال المكيال أو "لعبار" المستخدم في الميزان بأكياس من الملح أو علب الطماطم، إلى جانب نزع الرصاص التي يتم وضعا داخل المكيال لتخفيف وزنه، فضلا عن استخدام موازين لا تتماشى مع المقاييس المعتمدة دوليا، مع التهرب لإخضاعها للرقابة الدورية التي يقوم بها الديوان الوطني للقياسة القانونية. * وتحدث التجاوزات بداية من عند الفلاح الذي يقوم بجني محصوله، ويعمل على بيعه لتجار الجملة بكل ما يحمله من شوائب، خصوصا ما تعلق بأنواع محددة من الخضر، منها البصل والثوم والقرنون والجزر واللفت، ويتم احتساب تلك الشوائب ضمن الوزن الإجمالي لتلك المواد، مع إخضاعها للتسعيرة، وصولا إلى الأدوات المستخدمة في قياس البنزين وخلاطات الإسمنت، التي كانت السبب الرئيسي في انهيار عشرات الأبنية والعمارات إثر زلزال بومرداس. * في حين تطرح المواد المعلبة إشكالية كبيرة، بسبب تقلص وزن العديد من المواد الاستهلاكية التي يتم تعليبها من 1 كلغ إلى 750 غراما فقط، من ضمنها السكر المستخدم في صنع الحلويات، وبعض العجائن، وحتى الكسكسي، الغذاء الذي تعول عليه معظم الأسر الجزائرية خلال كافة أشهر السنة، إضافة إلى الكثير من أنواع المواد المصبرة، في حين يجد المواطن نفسه يدفع ثمن الكيلوغرام الواحد، وهو يعتقد فعلا بأنه اشترى ما مقدراه واحد كيلوغرام من المواد المعبأة. * * ممثلو الفلاحين يقترحون تصنيف المنتجات الفلاحية لتفادي الغش * * يرجع ممثلو الفلاحين من بينهم قايد صالح الناطق باسم الفلاحين الأحرار تفشي الغش في أسواق الجملة للخضر والفواكه، إلى غياب آليات مكافحة الغش، مؤكدات بأن ما ينبغي أن يبيعه التاجر هو كل ما يؤكل، وليس ما يتم رميه في سلة القمامة، مصرا على ضرورة التزام الفلاح أولا بالقانون، وألا يبيع البطاطا مثلا بأطنان التراب الذي تحمله، إلى جانب بيع الخضر والفواكه على حالتها، كما يتم جنيها من الحقل دون تنظيفها وتخلصيها من الشوائب التي تزيد في وزنها، ويجبر المواطن على شرائها كما هي، ويضطر لدفع ثمنها، ليتولى فيما بعد تنظيفها ورمي كل ما هو زائد في القمامة. * ويقترح رئيس الاتحاد الفلاحين الأحرار، ڤايد صالح، في هذا الخصوص أن يتولى الفلاح تنظيف ما يعرض في أسواق الجملة من منتوجات مختلفة، مع رفع سعرها مقابل توليه عملية تكييفها، إلى جانب تصنيف الخضر والفواكه إلى أصناف حسب نوعيتها. * في حين يؤكد، صالح صويلح، رئيس اتحاد التجار والحرفيين، بأن تنظيمه سبق وأن اقترح على وزارة التجارة تصنيف الخضر والفواكه حسب نوعيتها، إلى جانب إحكام الرقابة على الموازين، موضحا بأن اتحاد التجار يعمل على كشف التجاوزات والاتصال بمديريات التجارة، غير أنه لا يمكنه فرض عقوبات بصفته تنظيما نقابيا، بل يقوم بعمليات تحسيسية لتوعية التجار بضرورة احترام القانون، الذي يفرض عقوبات تتراوح ما بين الغرامة المالية والغلق، في حال استخدام موازين مغشوشة، إلى جانب الحبس لمدة لا تقل عن 5 سنوات. * * موازين "التايوان" أثقلت كاهل المواطن البسيط وأثرت التجار المحتالين * * يتم استيراد مختلف أنواع الموازين من دول عديدة من آسيا وأوروبا وحتى المغرب، وهي تعد السبب الرئيسي في اختلال مقياس الميزان لدى التجار، خصوصا في ظل عجز الديوان الوطني للقياسة القانونية على مراقبة كافة أنواع الموازين، بما فيها تلك المستخدمة في المخابر ومحطات توزيع البنزين، إلى جانب الرادارات المستخدمة عبر الطرق السريعة، إذ أن 140 تقني مزودين بوسائل جد محدودة مطالبون بمراقبة ومعاينة أزيد من 3 ملايين ميزان، وهو ما لا يتقبله المنطق. * وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الاقتصادي، مالك سراي، بأن العديد من البلدان التي تقوم بتصنيع الموازين وتصدرها للخارج، ما تزال لا تتحكم بعد في هذه التكنولوجيا، لذلك لا يمكن أبدا الوثوق في الموازين القادمة منها، موضحا بأن الفراغ القانوني الذي كان من قبل سمح بحدوث الكثير من التجاوزات، قبل أن توكل الدولة مهمة مراقبة الموازين للديوان الوطني للقياسة القانونية، الذي يعاني بدوره من مشاكل عدة حسب تأكيد مديره العام السيد بن خزناجي سيد علي رضا، الذي اشتكى من نقص الوسائل المادية، خصوصا ما تعلق بالسيارات التي يستخدمها التقنيون للانتقال إلى المتاجر لمعاينة الموازين، فضلا عن العجز الفادح في عدد التقنيين، إذ لا يحتكم الديوان سوى على 140 تقني فقط، هم مطالبون بمعاينة 1.5 مليون تاجر، وكذا ما لا يقل عن 3 ملايين ميزان عبر الوطن، وهو ما يستوجب تعيين 200 مهندس وتقني سنويا، من أجل بلوغ 1000 تقني على المستوى الوطني. * * استخدام الملح في الميزان ونزع الرصاص من العيار * * ويؤكد السيد بن خزناجي بأن تجاوزات التجار فيما يتعلق بالغش في الميزان كثيرة ولا تحصى، خصوصا ما تعلق بنزع الرصاص من العيار، وكذا استخدام الملح كبديل للعيارات، أو ربط حبة بصل بالعيار لكي يصل وزنها إلى 1 كلغ، أو استبدال العيار كليا بعلبة طماطم، وهي عادة ما تؤدي بصاحبها إلى تلقي إنذارات من قبل الديوان الوطني للقياسة القانونية، في حين يتم تشميع كافة الموازين التي لا تنطبق عليها المقاييس المتعارف عليها، ويتم وضع أختام على الموازين التي تتماشى مع القانون. * ورغم ذلك يستعد ديوان القياسة القانونية للقيام بنشاط مكثف خلال شهر رمضان المقبل، من خلال إرسال تقنييه لمعاينة التجاوزات، تفاديا للغش في الميزان الذي يسدد تبعاته المواطن البسيط. * ويقوم تقنيو الديوان الوطني للقياسة القانونية بتشميع أيضا كافة العتاد المستخدم في القياسة، بما فيها تلك المستخدمة في محطات البنزين والمخابر في حال عدم تماشيها مع القانون، في حين يتم فرض رقابة دورية كل ثلاثة أشهر على خلاّطات الإسمنت، وقد تم اتخاذ هذه الإجراء مباشرة بعد زلزال بومرداس. * كما يقوم الديوان الوطني للقياسة بمعاينة الموازين التي يتم استقدامها من الخارج، وذلك على مستوى مخابر مختصة، إلى جانب القيام بجولات ميدانية عبر الأسواق البلدية والمتاجر.