يقولون بأن ارتفاع أسعار النفط يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع مماثل لمختلف السلع الاستهلاكية، التي تنتجها الآلة الصناعية الغربية المعتمدة في تحريك دواليبها. * على النفط المستورد من دول لا تكاد تنتج شيئا غير النفط. وعليه، فإن الفوائد التي تجنيها الدول البترولية تعيدها للدول المستهلكة نظير ما تستورده من سلع، وبالتالي لا معنى ولا فائدة ترجى من الارتفاع في أسعار البترول... هذا ما يقوله الغرب المتضرر من الحالة، وتردده الدول الدائرة في فلكه، خاصة إمارات الخليج العربي. * أما نحن فنقول بأن ارتفاع أسعار النفط مكننا من تحقيق طفرة مالية غير مسبوقة في تاريخ الخزينة الجزائرية، كان من نتيجتها أن الجزائر تعيش في بحبوحة مالية مريحة، ولأننا في الجزائر سبق أن عانينا الأمرّين جراء نقص السيولة المالية الناتجة عن التراجع الخطير في أسعار المحروقات التي تردت في ظروف سابقة إلى مستوى تسعة دولارات للبرميل الواحد، والنتيجة أن أصبحنا يومها غير قادرين على توفير الاحتياجات الغذائية للمواطنين لأكثر من ثلاثة أشهر... وبمقارنة بسيطة بين أوضاع الأمس واليوم، نقول بأننا نكتنز اليوم، في الخزينة العمومية ما يتجاوز المائة مليار دولار، على عكس ظروف التردي التي أصبحت الجزائر فيها مهددة في غذائها... وعليه ومما سبق وبحسابات بسيطة يستطيع إجراءها أضعف الناس في العمليات الحسابية نقول بأن ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية نعمة علينا وليس نقمة. * أمام هذه الوضعية، لا يسعنا إلا أن نقول بأن مسعى السعودية وبقية إمارات الخليج، الداعي إلى ضخ كميات إضافية في السوق شيء مضر بمصالحنا ومصالح بقية الشعوب المستفيدة من الأسعار المتداولة حاليا، في أسواق النفط العالمية. وعليه، فإن المطلوب من السعودية هو الاعتراف بأن إقدامها على ضرب الأسعار الحالية للنفط، هو رضوخ للمطالب الأمريكية، وليس لشيء آخر... لقد سبق في ظروف سابقة ولأسباب سياسية، أن استخدمت السعودية وبقية إمارات الخليج في تعويم السوق العالمية، ما تسبب في إلحاق أضرار جسيمة بكثير من الاقتصاديات ومنها الاقتصاد الجزائري، نتيجة انهيار الأسعار وليس لتدنيها فقط. وعليه، فإن ما نجنيه هذه الأيام هو استرجاع لحقوق سلبت منا في ظروف أخرى، لكن علينا أن نحمد الله هذه المرة، لأنه لا السعودية ولا غيرها، قادرة على التأثير في الأسعار، كما سبق لها أن أثرت، وهذا لأن الوضعية الحالية ناتجة أساسا عن زيادة الاستهلاك الصيني والهندي على وجه الخصوص، وليس ناتجا عن أزمات يمكن حلها بضخ مزيد من نفط عرب الخليج في الأسواق العالمية.