تصوير - مكتب الطارف فرنسا جعلتها للخارجين عن القانون والقالة جعلتها مأوى شرعي؟ من قال إن زنزانات الاستعمار الفرنسي التي ذاق فيها الجزائريون الويلات قد زالت مع زوال الاستعمار؟ .. من قال إنها صارت متاحف وذاكرة أمة يجب أن لا تنسى لتبني وطنها كما أراده الذين تجرعوا في هذه الزنزانات الويلات من التعذيب والحبس والتجويع ... لكن؟ * أن تصبح الزنزانات التي أرادها الاستعمار لأجل إخراس كلمة الحق الملجأ الوحيد بعد حوالي نصف قرن من الاستقلال لعائلات جزائرية، فذاك الذي لم نكن نصدقه ونحن في طريقنا إلى عاصمة المرجان مدينة القالة السياحية .. فقد صدمتنا عائلات بكل أفرادها وبكل مستلزمات الحياة تعيش بالزنزانة الشهيرة التي هي واحدة من وصمات عار الاستعمار الفرنسي، ساكنة باستحياء هذه الدهاليز المرعبة، وكان صعبا إقناع الساكنين بالحديث والتصوير والأصعب عندما ذرف الكثير منهم الدموع إلى حد النحيب والعويل وهم يقولون بلسان واحد »نعلم أن فرنسا كانت تخوّف المجاهدين الجزائريين بهذا المكان .. ولكننا قبلنا العيش فيه لأننا لم نجد مأوى آخر ؟؟؟؟« .. الحكاية بدأت بسبب الانهيارات التي مست سكنات المساكين مع بداية القرن الحالي بعد الأمطار الطوفانية، أين تم تحويلهم بصفة مؤقتة .. نعم مؤقتة إلى زنازين الاستعمار الفرنسي بشبه جزيرة القالة .. هي كارثة إنسانية بكل ما تعني .. كلهم تحدثوا وكلهم طلبوا الستر .. عرفنا منهم أنه جيء بهم إلى هذه الزنزانات كحل مؤقت لايتعدى الأيام القليلة على أكثر تقدير حتى أن المير استسمحهم بقضاء بعض الساعات في زنزانات العار، لكن الحل المؤقت تحول إلى سنوات عديدة ولا يعرف أحد الآن أي حل يلوح في الأفق القريب أو البعيد على حد سواء .. وقد اشتكت هذه العائلات للشروق اليومي حالتهم البائسة وما يتجرعونه من آلام بسبب الجرذان التي تقاسمهم المأوى وتسرب مياه الصرف عبر الأسقف التي انهار جزء كبير منها والظلام الدامس في ظل قطع التيار الكهربائي ومتابعتهم قضائيا من طرف مصلحة سونالغاز عن الاستهلاك الغير شرعي والعشوائي لمادة الكهرباء وأمراض الربو والسل وضيق التنفس والضغط التي ألمت بالصغار والكبار على حد سواء .. أحدهم قال إن الزنزانة في العهد الاستعماري كانت أحسن مما هي عليه الآن؟ بعد معاينتنا هذه الحالة التي بالفعل كارثية تنقلنا إلى بلدية القالة، وهذا في محاولة منا لمعرفة رأيها في هذه القضية، فكان لقاءنا مع نائب رئيس البلدية الذي أكد لنا معاناة هؤلاء البؤساء الذين مكثوا سنينا وسنينا بتلك الزنزانات، ولكن ما باليد حيلة لأن التوزيع السكني حسب الإجراءات الجديدة ليست من اختصاص البلدية على حسب رأي المسؤول الذي كنا قد التقينا به وحتى عدد العائلات الموجودة هناك يقول ذات المسؤول المحوّلين من طرف البلدية لايتعدى الثلاث عائلات والباقي تسرب بإرادته إلى هناك، وفي سؤال وجهناه لمحدثنا عن عمليات التوزيع السكني التي عرفتها القالة خلال سنوات تواجد هذه العائلات بهذا المحتشد، أجابنا بأنه وزعت مئات السكنات، ولكن لم تضفر أي عائلة من العائلات المحوّلة إلى هذه الزنزانة بسكن وكان هذا رأي البلدية بخصوص هذه الوضعية لبؤساء القالة بعدها كانت وجهتنا إلى دائرة القالة، أين حاولنا الالتقاء بالسيد رئيس الدائرة فلم نجده وبقيت اسطوانة »هو غائب« أما من ينوبه فقال إن المشكلة ستحل حسبما ينص عليه القانون؟؟؟، وليست كل العائلات الموجودة هناك - يقول ذات المتحدث - تم تحوّلها إلى هناك من طرف السلطات المحلية بالقالة بل الكثير منهم استقر هناك بمحض إرادته. ويبقى حل مشكلة هذه العائلات مرهون بالتفاتة كريمة من طرف السلطات المحلية لولاية الطارف وعلى رأسها والي الولاية الذي قيل لنا أنه لا يعلم بهاته المأساة الانسانية .. خرجنا من القالة ونحن نذكر أشهر المجاهدين الذين دخلوا هاته الزنزانة ومنهم عمي السعيد القسنطيني الذي قال لنا .. »عندما استقلت الجزائر حلمت بالمشاركة في احتفالية نسف هاته الزنزانة التي ذقت فيها كل أنواع التعذيب.. ولا أكاد أصدق أن عائلات جزائرية بعد نصف قرن من الاستقلال تقطنها الآن بمحض إرادتها"...