جدّدت المجاهدة المعروفة لويزة إغيل أحريز دعوتها إلى ضرورة التزام فرنسا بالاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها في حق الجزائريين خلال الفترة الاستعمارية، مؤكّدة أنّه لا عفو دون اعتذار· وردّت المجاهدة خلال حضورها مؤخّرا عرض الفيلم الوثائقي "جزائريات" لجمال سلاني الذي قدّمته مؤسسة "فنون وثقافة" إحياء لذكرى 17 أكتوبر، سبب رفض فرنسا تقديم اعتذارها للشعب الجزائري إلى خجلها من ماضيها في الجزائر وسعيها إلى محوها ونسيانها، مشيرة إلى أنّ فرنسا اعترفت بكلّ أخطائها بل وسعت إلى تقديم دعم مادي للمتضرّرين إلاّ عن أخطائها في الجزائر لأنّها الأبشع· وفي سياق آخر دعت لويزة إغيل أحريز إلى ضرورة تحويل فيلا "سوزيني" التي شهدت تعذيب الآلاف من الجزائريين إلى متحف لحفظ الذاكرة وإنقاذها من حالة الإهمال التي تعانيها، جاء ذلك عقب عرض "جزائريات" الذي أنتجه حسين سعدي في 2004 وسعى من خلاله المخرج جمال سلاني إلى تصوير معاناة المرأة الجزائرية أثناء الثورة التحريرية من خلال ثلاث شخصيات هي لويزة إغيل أحريز، فاطمة بايشي وإليوت لو· فعلى امتداد 56 دقيقة التي استغرقها العمل، أعادنا المخرج إلى آهات التعذيب والمأساة التي عاشها الشعب الجزائري نساء ورجالا وأطفالا وشيوخا في سبيل تحرير هذا الوطن وإخراجه من أسر الاستعمار، عبر سرد قصة كل واحدة من المجاهدات لحياتها الثورية منذ طفولتهن وهن في كنف أسرة ثورية لقّنتهن حب الوطن والتضحية في سبيل تحريره، بحيث توقّفت لويزة عند بداية عملها الثوري في العاصمة ثم انتقالها إلى الجبل ووقوفها جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل بالسلاح ثم إلقاء القبض عليها وتعرّضها للتعذيب الوحشي من قبل القوات الاستعمارية· كذلك عادت فاطمة بايشي إلى قصتها مع الكفاح التي بدأت من منزل أسرتها ومع شقيقها الذي كان يرفض التحاقها بالثورة لأنّها امرأة، وبداية عملها الذي كانت بتوزيع المناشير ونقل المعلومات ثم إلى نقل السلاح وإخفاء المجاهدين، وإلى قصتها مع التعذيب الذي كان عن طريق الكهرباء والماء والضرب المبرح، أما الفرنسية إليوت لو، التي كانت من بين الفرنسيين الذين دعّموا الثورة الجزائرية، فعادت هي الأخرى إلى ذكرياتها مع التعذيب الوحشي· وقد حرص المخرج على العودة إلى الأماكن التي شهدت عمليات التعذيب عبر زيارة المجاهدات الثلاث إلى تلك الأماكن لتستعيد بعيون دامعة شريط الذكريات التي لم يمح يوما وأيد ترتجف خائفة من تلك المشاهد البشعة التي حفرت في ذاكرتهن، لاسيما في الزنزانات الانفرادية لسجن خير الدين بربروس (سركاجي حاليا)، وفيلا "سوزيني" التي ما زالت تحمل بصمات التعذيب وتجوب في جدرانها الفارغة التي ما زالت على حالها صرخات المجاهدين والمجاهدات تحت التعذيب، وتلك المناطق والعائلات التي احتوت المجاهدين وحمتهم بروحها وولدها من أيادي الاستعمار· يذكر أنّ الفيلم حصل على جائزة أحسن فيلم وثائقي في مهرجان "الإسماعلية" في 2005، والجائزة الثانية في مهرجان "ميلون" في نفس السنة، كما شارك في المهرجان الدولي للفيلم بدبي وروتردام ، كما عرض في تلفزيون "أر·تي·بي·أف" ببلجيكا و"كنال بلوس"، و "أن·أم·أو" الهولندي، ومن المنتظر أن يعرض في التلفزيون الجزائري في الفاتح من نوفمبر المقبل بمناسبة ذكرى أول نوفمبر، وفي هذا السياق أكّد المنتج أن المخرج يستعد لتطوير العمل وتمديده إلى ساعة ونصف من الزمن·