عودة قوية للحية والجلباب في الأحياء الشعبية والمساجد قال خبراء متخصصون في دراسة الحركات الإسلامية أنّ التيار السلفي عاد بقوة وجرأة إلى الواجهة بالأحياء الشعبية والمساجد في الجزائر، وأنهم بدأوا في الآونة الأخيرة في استرجاع مكانتهم وممارسة تأثير متزايد على المجتمع، من حيث فتاويهم التي تتناول كل مظاهر الحياة بما فيها شكل اللباس، ومختلف المعاملات التجارية والمالية، وكيفية التعامل مع الدولة، ولوحظت عودة قوية لآلاف الأشخاص من أصحاب اللحى المسدولة والأقمصة في الشوارع والأسواق والساحات العمومية، بعد سنوات من الابتعاد عن الأنظار بسبب شبهة "الإرهاب" التي لاحقتهم خلال عشرية الأزمة التي عصفت بالبلاد ، وبالضبط منذ مرحلة التسعينات. * وجاء في تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء حول التيار السلفي في الجزائر أن "السلفيين الجزائريين" أصبحوا أكثر جرأة على الظهور والتعبير، وأكثر تعبئة للمجتمع من ذي قبل بعد سنوات من الإبتعاد عن الساحة. * وحرص الخبراء المتخصصون في دراسة الحركات الإسلامية على التأكيد بأن "شبهة التطرف والإرهاب لاحقت أنصار التيار السلفي في الجزائر رغم أن معظم السلفيين لم يشاركوا في الصراع العنيف الذي مرت به البلاد منذ سنة 1990، بل إن العديد منهم تعاونوا مع الحكومة لإقناع الإرهابيين بوضع السلاح وطاعة ولي الأمر المتمثل في الدولة الجزائرية، والعودة إلى أحضان المجتمع، وقد حققت خطوة الحكومة في الاستعانة بالسلفيين نجاحا كبيرا حتى الآن في الحد بشكل كبير من الأعمال الإرهابية خلال السنوات القليلة الماضية. * وأكد المتابعون لتطور الحركة الإسلامية في العالم العربي، أن أنصار وشيوخ "السلفية" في الجزائر لا يسعون مطلقا لتحقيق التأثير السياسي العلني في الجزائر، والدليل على ذلك هو أن معتقداتهم ومراجعهم الدينية تمنعهم من ذلك، كما أن السلفيين لا يسعون لتحقيق أهداف سياسية وإنما لتغيير المجتمع الذي يرون أنه تأثر سلبا بالقيم الغربية، وذلك من أجل الوصول إلى تحقيق مجتمع مسلم حقيقي. * وفي هذا الصدد قال الخبير الأمريكي، المتخصص في دراسة الحركات الإسلامية ديفيد أوتاوي من مركز ويلسون الذي يتخذ من العاصمة الأمريكيةواشنطن مقرا له في تعقيب له على حادثة "عدم وقوف أئمة سلفيين في الجزائر للعلم الجزائري "، قال "لم يسبق أن سمع عن عدم احترام السلفيين للدولة في أي بلد من البلدان العربية، ولا حتى في العربية السعودية التي يتخذ العديد من السلفيين من شيوخها مرجعا لهم، إذ أن السلفيين السعوديين يتمسكون باحترام الدولة السعودية مما يعني أنهم لا يشكلون أي خطر على الدولة ولا على المجتمع"، خاصة وأنهم يدعمون سياسة التسامح والتصالح ويدعمون خطة الحكومة الجزائرية في إقناع حاملي السلاح بإلقاء أسلحتهم. * علما أن أبرز مراجع التيار السلفي في الجزائر هم الشيخ الإمام عبد المالك رمضاني وهو حاليا يقيم بالسعودية منذ عدة سنوات، الشيخ الإمام عز الدين فركوس والشيخ العيد شريفي. * وقال الإمام محمد مولودي المتخصص في الشريعة الإسلامية إن "بعض السلفيين الجزائريين هم أقرب إلى المذهب الوهابي في العربية السعودية منه إلى الجزائر ، وهي المشكلة الوحيدة في التيار السلفي". * وقد انتشرت العديد من المكتبات المتخصصة في بيع كتب ومجلات موجهة للتيار السلفي على غرار كتاب "كفاحنا ضد الغرب"، وكتاب "الجهاد وفقا لمبادئ السلفية"، وكذا مجلة "الإصلاح"، التي تصدرها دار الفضيلة للنشر والتوزيع، وسلسلة "توجيهات سلفية" اللتان توزعهما مكتبة العواصم بالقبة، وقد صدر العدد الأخير لكليهما قبل أيام فقط. * وبالرغم من اعتدال التيار السلفي الملقب ب"السلفية العلمية" فإن وزارة الأوقاف عبّرت عن قلقها فيما وصفته ب"استيراد" بعض الأئمة الجزائريين السلفيين لفتاوى من الخارج، وشرودهم عن المذهب المالكي الذي تعتمده الدولة.