في جلسات الاستماع التي يعقدها كل رمضان مع وزرائه حول تسيير قطاعاتهم، يعمل الرئيس بوتفليقة هذه الأيام وكما في السابق على توجيه الانتقادات والتوجيهات وحتى التوبيخات للكثير من الوزراء على عجزهم وسوء تسييرهم لمشاريع قطاعاتهم إن لم نقل عن فسادهم وذهابهم في تيار الرشاوى والمحسوبية والفساد، سواء عن حسن نية أو عن سوء نية، سواء بشكل إرادي أو غير إرادي وسواء من باب "ليس هناك من يشتغل في العسل ولا يلحس أصابعه". * وما يلفت الانتباه في جلسات الاستماع الجارية هذه الأيام هو تركيز الرئيس خاصة مع وزير المالية على تفعيل دور البنوك العمومية والخاصة للنهوض بعملية التنمية الوطنية وخاصة ما يتعلق منها بتطبيق المخطط الخماسي الجديد الذي رصدت له أكثر من 286 مليار دولار، أغلبها مخصص لتدارك العجز والإفلاس في المخطط السابق وإتمام إنجاز المشاريع التي لم تنجز بسبب الفساد والرشوة والتبذير، ووصف هذه البنوك بأبشع الأوصاف وكأنها هي المسؤولة عن الفساد والركود الشامل، وحتى التراجع الذي يشهده الاقتصاد الوطني، في حين أن هذه البنوك خاضعة مع الأسف للتوجيهات والقرارات السياسية التي أقعدتها تماما عن مهمتها، أكثر من خضوعها لمنطق المال والسوق والاقتصاد، مما جعلها أشبه بأي إدارة بيروقراطية جزائرية. * فهذه البنوك ليست هي التي ضمنت قانون المالية التكميلي للسنة قبل الماضية إجراء "القرض المستندي" المتعلق بالاستيراد والذي بدل أن يردع مافيا استيراد السلع الاستهلاكية والمستوردين المزورين تسبب في كارثة حقيقية للمؤسسات الاقتصادية والإنتاجية الوطنية بحكم ما تضمنه من قيود وشروط مجحفة، لا تمت للنشاط الاقتصادي بصلة، على استيراد المواد الأولية وقطع الغيار، مما جعل أكثر من 85 % من المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة الكبيرة والصغيرة تشهر إفلاسها أو تقف على عتبة الإفلاس بسبب القرارات العشوائية والخبطات السياسية للوزير الأول أويحيى، وهذه البنوك ليست هي المسؤولة عن القيود المفروضة على تسليم القروض الصغيرة بمختلف أنواعها والتي من شأنها تنشيط الاقتصاد الوطني في العمق، وهي ليست المسؤولة عن تجميد القروض الاستهلاكية التي تعتبر من أبجديات العمل البنكي في البلدان والنظم السياسية.. * وبالمختصر فإنه إذا كان من فائدة من جلسات الاستماع مع الوزراء فقد كان الأفيد أن تبدأ مع الوزير الأول حتى يسأل عن خرجاته وخبطاته التي أوصلت الوزراء إلى المساءلة والتشكيك وأوصلت الجزائريين إلى التساؤل عن مصير بلدهم ومستقبله ..اللهم إلا إذا كان هذا البلد فيه أكثر من بلد وأكثر من حكومة وسلطة