أودع جميع وزراء الطاقم الحكومي، بداية هذا الأسبوع، تقارير مفصلة حول واقع وآفاق قطاعاتهم الوزارية لدى مصالح رئاسة الجمهورية استعدادا لجلسات الاستماع التي سيخضعون لها أمام الرئيس بوتفليقة بداية من الأسبوع الأول لشهر رمضان كما جرت العادة منذ أكثر من 3 سنوات. وكانت مصالح الرئاسة قد ألزمت جميع الوزراء تقديم نسختين عن تقاريرهم واحدة باللغة الوطنية الرسمية والأخرى باللغة الأجنبية، وهذا بعدما كان جميع الوزراء وبدون استثناء يفضلون عرض تقاريرهم السنوية باللغة الأجنبية لأسباب أقرب إلى الذاتية منها إلى الموضوعية. وقد عكف منذ قرابة الشهر أعضاء طاقم حكومة أحمد أويحيى على إعداد التقارير المفصلة، كل حسب قطاعه، ولكن هذه المرة دون الاكتفاء بعرض ما أنجز بحيث طلب منهم تقديم اقتراحات جديدة لتفعيل المخطط الخماسي. وتأتي جلسات الاستماع هذه السنة متزامنة مع البداية الفعلية للمخطط الخماسي الذي سيشهد إنفاقا عموميا ضخما قدر ب286 مليار دولار، مع ترجيح تجاوز هذا الرقم الفلكي عتبة ال300 مليار دولار بعد الانطلاق في إنجاز المشاريع التنموية المختلفة التي سيقترحها الوزراء في القطاعات المختلفة، وهو ما يعني أن الرئيس بوتفليقة سوف لن يكتفي هذه المرة بالاستماع إلى ما أنجز أو ما هو في طريق الإنجاز بقدر ما سيركز اهتمامه على ما سيقترحه الوزراء لإنعاش قطاعاتهم باقتحام فضاءات إنجاز جديدة خاصة في بعض الوزارات التي سجلت، حسب بعض المعطيات، عجزا في إنفاق الأغلفة المالية المرصودة للنهوض بالقطاع خلافا لوزارات أخرى قد تطلب المزيد. وتشير بعض الأصداء إلى أن امتحان الوزراء أمام الرئيس بوتفليقة هذه السنة سيكون عسيرا كونهم سيطالبون بتقديم مخططات قطاعية مبتكرة بعدما انتهوا من إنجاز مخططات العهدة الرئاسية السابقة. من جهة أخرى، تتزامن جلسات الاستماع، أو كما يحلو للبعض تسميتها بجلسات ''المحاسبة''، مع فضائح سوء التسيير ونهب المال العام التي هزت وزارات عدة وتسببت في تذمر شعبي منقطع النظر مما أدى إلى رحيل بعض وزرائها كشكيب خليل بعد فضيحتي سوناطراك ومؤتمر ''الجي أن أل''، الأمر الذي يدعو إلى التوقع أن الوزارات التي شملتها حركة التغيير ستكون أكثر ''متابعة'' من قبل الرئيس خاصة أن الوزراء القائمين على القطاعات المعنية مطالبون أكثر من غيرهم بتصحيح أخطاء الذين سبقوهم إلى القطاع. الدخول الاجتماعي المقبل هو الآخر سيكون حاضرا بقوة في تلك الجلسات، كون أن مؤشرات كثيرة تظهر مدى سخونة الأوضاع على مستوى الجبهة الاجتماعية التي لاتزال العقبة الصعبة التي تحطمت عندها كل جهود التنمية، وذلك بسبب الاختلال الكبير الواقع بين القدرة الشرائية ومستوى الأجور، فضلا عن الاضطراب الكبير الذي تشهده الأسعار في الجزائر رغم الجهود المبذولة لإجراءات تسقيف أسعار الكثير من المواد الواسعة الاستهلاك. ومع ذلك ستكون جلسات الاستماع هذه في أجواء غليان اجتماعي أكيد، مما يوحي بأن الرئيس بوتفليقة سيلزم وزراءه بإيجاد حلول استعجاليه للتخفيف من وطأة دخول اجتماعي لن يكون سهلا على الجزائريين.