السؤال : أنا ذاهبة إلى مكة لأداء عمرة، ولا أعرف أدعية، ممكن المساعدة؟ . * الحمد لله .. ورد في السنة الصحيحة أدعية وأذكار تقال في مناسك العمرة، ويمكن أن يستفيد منها المسلم في حفظها وفهمها والعمل بمقتضاها، ومنها : أ - في الميقات عند الإهلال يسن للمسلم أن يسبِّح ويهلل ويكبر قبل إحرامه بالعمرة والحج. عن أنس (رضي الله عنه) قال: صلَّى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونحن معه بالمدينة الظهر أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين ثم بات بها حتى أصبح ثم ركب حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة وأهلَّ الناس بهما . رواه البخاري ( 1476 ) . قال الحافظ ابن حجر : وهذا الحكم - وهو استحباب التسبيح وما ذكر معه قبل الإهلال - قلّ من تعرض لذكره مع ثبوته . " فتح الباري " * ( 3 / 412 ) . ب - في الطريق إلى مكة - بين الميقات والوصول إلى الكعبة - يسنّ التلبية والإكثار منها ورفع الصوت بها للرجال، أما المرأة فتخفّض صوتها حتى لا يسمعها الرجال الأجانب عنها . عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهلَّ فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. رواه البخاري (5571) ومسلم (1184). ج - أثناء الطواف يقول كلما حاذى الحجر الأسود في كل شوط: الله أكبر. روى البخاري (1613) عن ابن عباس (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) طاف بالبيت. كلما أتى الركن (أي الحجر الأسود) أشار إليه بشيء كان عنده وكبَّر. ويقول بين الركن اليماني والحجر والأسود. ما ورد عن عبد الله بن السائب قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ما بين الركنين: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". رواه أبو داود (1892) وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود. د - قبل الصعود إلى الصفا وعليه عن جابر بن عبد الله قال:.. ثم خرج - أي: النبي (صلى الله عليه وسلم) من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبَّره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات . رواه مسلم ( 1218 ). ه - في الصعود على المروة يفعل مثل ما فعل على الصفا دون ذكره للآية قبل الصعود عليه. قال جابر (رضي الله عنه): ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا. رواه مسلم (1218). عند شربه لماء زمزم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة؛ لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): " ماء زمزم لما شُرب له " رواه ابن ماجه ( 3062 ) ) وصححه الشيخ الألباني في ( 5502 ). وكذلك يشرع الإكثار من ذكر الله تعالى - ومنه الدعاء - في الطواف والسعي، فليدع المسلم فيهما بما يفتح الله تعالى عليه، ولا بأس بأن يقرأ القرآن في طوافه وسعيه، وما يذكره بعض الناس من وجود أدعية مخصوصة لكل شوط في الطواف والسعي: فمما لا أصل له في الشرع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويستحبّ له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سرّاً فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبى (صلى الله عليه وسلم) لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معيَّن تحت الميزاب ونحو ذلك: فلا أصل له. وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يختم طوافه بين الركنين بقوله: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" كما كان يختم سائر دعائه بذلك، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة. (مجموع الفتاوى: 26 / 122، 123 ) . والله أعلم . * يسألونك عن القرآن بين آل عمران ومريم .. السؤال : قال الله تعالى في سورة آل عمران : (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) آل عمران:40. وقال في سورة مريم: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) مريم:8. وقال في سورة آل عمران: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) آل عمران:47؛ وفي سورة مريم: (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) مريم:20. 1 - فلماذا قدَّم في سورة آل عمران ذكر الكِبَر وأخَّر ذكر المرأَة، بعكس ما في سورة مريم؟ 2 - ولماذا قالت مريم ( عليها السلام ) كما في سورة آل عمران : ( أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ ) ، وقالت كما في سورة مريم : ( أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ) ؟؟ الجواب : 1- قدَّم في سورة آل عمران ذكر الكِبَر وأخَّر ذكر المرأَة، بعكس ما في سورة مريم إذ قدَّم ذكر المرأة وأخر الكلام عن الكبر؛ لأنّه تقدم في سورة مريم ذكرُ الكِبَر في قوله تعالى: (وَهَنَ العَظْمُ مِنِي)، وتأَخر ذكر المرأَة في قوله: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا ) مريم : 5 . ثم أَعادَ ذكرَهما، فأَخَّر ذكر الكِبَر ليوافق ( عتيا ) ما بعده من الآيات، وهى ( سَويًّا ) و ( عشيًّا ) و ( صبيًّا ) . 2- وأما السؤال الثاني: ففي سورة آل عمران تقدَّم ذكرُ المسيح (عليه السلام) وأنه هو ولدها (إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) آل عمران:45؛ أما في سورة مريم فتقدم ذكر الغلام حيث قال سبحانه : ( لأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا ) مريم : 19، ولهذا قالت : ( أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ) . والله أعلم ( بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزابادي ) . * " رمضان " عند اللغويين .. هنالك اختلاف في اسم رمضان عند علماء اللغة العربية : - قيل أنه مشتق من الرَمْضَاء، وهي: الأرض الشديدة الحرارة من وهج الشمس. قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "صلاة الأوّابين إذا رَمَضَتْ الفصال"، أي إذا أحرقت الرَّمضاء خِفَافَها. وصلاة الأوّابين هي صلاة الضحى. فهل شاءت المصادفات أن كان الوقت حاراًّ عندما أرادت العرب تسمية الشهور، فسميّ الشهر ذاك بشهر رمضان؟؟ ! - وقيل أن رمضان مشتق من قول القائل: رَمَضْتُ النَّصْلَ، إذا دفعته بين حَجَرَيْن لِيَرُّقَ؛ قالوا: ومنه سميَّ رمضان لأن العرب كانوا يَرْمِضُوْنَ فيه أسلحتهم استعداداً للقتال في شهر شوال الذي يسبق الأشهر الحرم. - وقيل : بل قد أطلق رَمَضَانُ على شهر الصيام، لأنه يَرْمِضُ الذنوب، أي يحرقها . - أما الخليل بن أحمد الفراهيدي فإنه قال : إن رمضان مشتق من الرمضاء وهو : مطر يأتي قبل فصل الخريف . * خاص للصائمين - قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ)؛ قد قيل: إن معنى الصبر في هذا الموضع: الصوم، والصوم بعض معاني الصبر عندنا. - وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف"، قال الله عز وجل: "إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يَدَعُ شهوته وطعامه من أجلي؛ للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولَخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " . - قال حافظ المغرب والمشرق الإمام ابن عبد البر ( رحمه الله ): " كفى بقوله " الصوم لي " فضلاً للصيام على سائر العبادات " . - الصائم في عبادة وإن كان نائمًا على فراشه، فكانت أمّ المؤمنين حفصة رضي الله عنها تقول: "يا حبذا عبادة وأنا نائمة على فراشي".. فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره، فهو -كما يقول أبو العالية- "في نهاره صائم صابر، وفي ليله طاعم شاكر " . - قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب والطعام . - وقال ثابت البناني : لا يسمى عابد أبدًا عابدًا، وإن كان فيه كل خصلة خير، حتى تكون فيه هاتان الخصلتان : الصوم والصلاة؛ لأنهما من لحمه ودمه . - وقال سيدنا الحسن البصري ( رضي الله عنه ): " إذا لم تقدر على قيام الليل ولا صيام النهار فاعلم أنك محروم قد كبلتك الخطايا والذنوب " . رباعيات - الأمور على أربعة أقسام : 1 - قسم يرضاه العقل ولا ترضاه الشهوة . 2 - وقسم ترضاه الشهوة ولا يرضاه العقل . 3 - وقسم يرضاه العقل والشهوة معاً . 4 - وقسم لا يرضاه العقل ولا ترضاه الشهوة . 1 - أما الأول : فهو الأمراض والمكاره في الدنيا . 2 - أما الثاني : فهو المعاصي أجمع . 3 - أما الثالث : فهو العلم . 4 - أما الرابع : فهو الجهل فينزل العلم من الجهل منزلة الجنة من النار . فكما أن العقل والشهوة لا يرضيان بالنار، فكذلك لا يرضيان بالجهل؛ وكما أنهما يرضيان بالجنة، فكذا يرضيان بالعلم . فمن رضي بالجهل فقد رضي بنار حاضرة ومن اشتغل بالعلم فقد خاض في جنة حاضرة، فكل من اختار العلم يقال له تعوّدت المقام في الجنة فادخل الجنة. ومن اكتفى بالجهل يقال له تعودت النار فادخل النار. (مفاتح الغيب) فرص ذهبية اغتنمها في رمضان - من قرأ قل هو الله أحد = فكأنما قرأ ثلث القرآن . - من قال سبحان الله وبحمده في يوم 100 مرة = حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر . - من صلّى على محمد ( صلى الله عليه وسلم ) مرَّة واحدة = صلى الله عليه بها عشرًا . - من توضّأ فأحسن الوضوء ثم ركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه = غفر له ما تقدم من ذنبه . - من صلى البردين ( الفجر والعصر ) = دخل الجنة . - ما من عبد مسلم يصلي للّه تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة = إلا بنى الله له بيتًا في الجنة . - عمرة في رمضان = تعدل حجة أو حجة مع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ). - من فطر صائمًا = كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا . - من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال = كان كصيام الدهر . - من قال لا حول ولا قوة إلا بالله = حصل على كنز من كنوز الجنة . - من قال رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) نبيًا ورسولاً = وجبت له الجنة وحق على اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ . - من شهد جنازة حتى دفن الميت = فله جبلان عظيمان من الثواب . - من قرأ حرفًا واحدًا من كتاب الله = فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها . - من مسح على شعر يتيم = نزلت الذنوب من بين أصابعه . - من ستر مسلمًا أو مسلمة = ستره الله في الدنيا والآخرة . - من نفّس كربة عن أخيه = نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة . - من قال سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ لا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ حِينَ يُصْبِحُ وحين يُمْسِيَ = حُفِظَ حَتَّى يُمْسِيَ وحَتَّى يُصْبِحَ . - من قرأ آيَةَ الْكُرْسِيِّ قبل نومه = لا يزال عَلَيْه مِنَ اللهِ حَافِظٌ حَتَّى يصْبِح . هوايته جمع الغبار !! كان من عادة الخليفة العثماني " بايزيد الثاني " أن يجمع في قارورة ما علق بثيابه من غبار، وهو راجع من أية غزوة من غزوات جهاده في سبيل الله . وفي إحدى المرات، عندما كان السلطان يقوم بجمع هذا الغبار من على ملابسه لوضعه في القارورة، قالت له زوجته "كولبهار": أرجو أن تسمح لي يا مولاي بسؤال: لمَ تفعل هذا مولاي؟ وما فائدة هذا الغبار الذي تجمعه في هذه القارورة؟ فأجابها: إنني سأوصي يا "كولبهار" بعمل لَبِنَة (طوبة) من هذا الغبار، وأن توضع تحت رأسي في قبري عند وفاتي. ألا تعلمين يا "كولبهار" أن الله سيصون من النار يوم القيامة جسد من جاهد في سبيله؟ ونفذت فعلاً وصيته، إذ عمل من هذا الغبار المتجمع في تلك القارورة، غبار الجهاد في سبيل الله.. عمل منه لبِنة، وضعت تحت رأس هذا السلطان الورع عندما توفي سنة 1512م. وقبره موجود حتى الآن، بجانب الجامع الذي بناه: جامع بايزيد. رحمه الله تعالى. هم ورمضان السلف والقرآن شهر رمضان له خصوصية بالقرآن، كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) البقرة:185. ولهذا حرص السلف -رحمهم الله- على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان؛ لأنه فرصة لا تعوَّض.. فهو شهر القرآن، ولذا ينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان من حال السلف العناية بكتاب الله . - فعن إبراهيم النخعي قال : " كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتيْن، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ " . - وعن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير أنه كان يختم القرآن في كل ليلتيْن . - وقال مسبِّح بن سعيد : " كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة " . - فكان جبريل يدارس النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) القرآن في رمضان . - وكان عثمان بن عفان يختم القرآن كل يوم مرة . - وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرأون القرآن في الصلاة وفي غيرها . - كذلك كان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرأها في غير الصلاة . - وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة . - وكان الزهريُّ إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويُقبِل على تلاوة القرآن من المصحف . - وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن . - قال ابن رجب الحنبلي: "إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثٍ على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضَّلة كشهر رمضان، والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحبُّ الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتنامًا لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم، كما سبق " . - كان الإمام أحمد يُغلِق الكتب ويقول : هذا شهر القرآن . - وكان الإمام مالك بن أنس لا يفتي ولا يدرِّس في رمضان، ويقول : هذا شهر القرآن . - وقد احتضر أحد السلف، فجلس أبناؤه يبكون، فقال لهم: لا تبكوا؛ فوالله لقد كنتُ أختم في رمضان في هذا المسجد عند كل سارية 10 مرات. وكان في المسجد 4 ساريات، أي: كان يختم القرآن 40 مرة في رمضان. - وكان بعض السلف الصالح يُحيي ليله بقراءة القرآن، فمرَّ عليه أحد تلاميذه، فسمعه يردد: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) مريم:96. فأخذ يكرِّر الآية حتى طلع الفجر. فذهب إليه تلميذه بعد صلاة الفجر، وسأله عما رآه .. فقال له : استرْ عليَّ ما رأيت . فقال : أستره عليك ما دمتَ حيًّا، ولكن أخبرني بخبرك . فقال : عندما كنت أردِّدها، نازلَ قلبي الودُّ الذي بين العبد وربِّه، فأخذت أتلذَّذُ بذلك الوداد، وكلما كرَّرت الآية ازداد ذلك الودُّ في قلبي . مسائل من صميم العقيدة من يخاف الموت أكثر؟ المؤمن .. أم الكافر؟ - هل الخوف من الموت من علامات الإيمان؟ أم من أمارات الكفر، لأنه مرتبط بحب الدنيا؟ بعبارة أخرى : من يخاف من الموت أكثر : المؤمن؟ أم الكافر؟ وبارك الله فيكم . - الجواب : الخوف من الموت نوعان : - نوع فُطر عليه الناس، أودعه الله في نفس كل امرئ من خلقه. وهذا النوع يشترك فيه المؤمن والكافر، وهو ليس مذموما. وهو الذي ورد في كلام عائشة رضي الله عنها، لما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن "من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه". قالت: "يا نبي الله؛ أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت!" فقال: "ليس كذلك.. ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته، أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر..." إلى آخر الحديث (رواه مسلم وغيره). - ونوع مذموم، وهو الذي يدل على ضعف الإيمان. فهو الذي سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوهن، حيث قال: "وليقذفن الله في قلوبكم الوهن". فقال قائل: ""يا رسول الله؛ وما الوهن؟" قال: "حب الدنيا، وكراهية الموت". وكراهية الموت من هذه الناحية تعني: أن الإنسان يسرف في الملذات، ويسعى لإشباع الشهوات. وكل ذلك، بجهله لحقيقة الدنيا، واغتراره بمظاهرها. فينفر من الموت نفورا زائدا؛ لأنه لا يرى بعده إلا الفناء والعدم، أو الشقاء والبؤس. وهذا النوع أكثر في الكفار من المسلمين. والله أعلم . إذا .. وفقط إذا - ازهد في الدنيا يحبَّك الله . وازهد فيما عند الناس، يحبَّك الناس . - إذا ابتليت، فثق بالله ولا تجزع . وإذا عوفيت، فاشكر الله ولا تقطع . - إذا أردت أن تُبنى دولة الإسلام على الأرض، فأقمها في قلبك أولاً؟ . 3 رجال يثيرون العجب !! قال أحد الحكماء : عجبت لثلاث : 1 - رجل يجري وراء المال، والمال تاركه !! 2 - رجل يخاف على الرزق، والله رازقه !! 3 - رجل يبني القصور، والقبر مسكنه !!