بيت الله الحرام في مكةالمكرمة الحج لغة: قصد الشيء المعظم وإتيانه. وشرعا: قصد البيت الحرام، في وقت مخصوص، بالصفة المعلومة في الشرع من: الإحرام، والتلبية، والوقوف بعرفة، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بالمشاعر ورمي الجمرات وما يتبع ذلك من الأفعال المشروعة فيه، فإن ذلك كله من تمام قصد البيت. * حكم الحج * الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وهو خاصة هذا الدين الحنيف، وسر التوحيد. فرضه الله على أهل الإسلام بقوله سبحانه: (ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنيّ عن العالمين). * وفي صحيح مسلم أيضا، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: »أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا«. وأحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما في هذا المعنى، وبفرضه كمل بناء الدين وتم بناؤه على أركانه الخمسة. * قال بعض أهل العلم: الحج على الأمه فرض كفاية كل عام على من لم يجب عليه عينا. فيجب الحج على كل: مسلم، حر، مكلف، قادر، في عمره مرة واحدة. وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم. * والقدرة: هي استطاعة السبيل التي جعلها الشارع مناط الوجوب. روى الدارقطني بإسناده عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (من استطاع إليه سبيلا). قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة. * وعن جماعة من الصحابة يقوي بعضها بعضا للاحتجاج بها، ومنها عن ابن عمر رضي الله عنهما : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة. قال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم. * وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد سرد الآثار فيه: هذه الأحاديث مسندة من طرق حسان مرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة. * والمراد بالزاد: ما يحتاج إليه الحاج في سفره إلى الحج ذهابا وإيابا من: مأكول، ومشروب، وكسوة ونحو ذلك، ومؤونة أهله حال غيابه حتى يرجع. * والمراد بالراحلة: المركوب الذي يمتطيه في سفره إلى الحج ورجوعه منه بحسب حاله وزمانه. * وتعتبرالراحلة مع بعد المسافة فقط وهو ما تقصر فيه الصلاة لا فيما دونها. والمعتبر شرعا في الزاد والراحلة في حق كل أحد، ما يليق بحاله عرفا وعادة لاختلاف أحوال الناس. * ويشترط للوجوب سعة الوقت عند بعض أهل العلم، لتعذر الحج مع ضيقه. واعتبر أهل العلم من الاستطاعة أمن الطريق بلا خفارة، فإن احتاج إلى خفارة لم يجب، وهو الذي عليه الجمهور. * وقد أوضح الله تبارك وتعالى في سياق ذكر فرض الحج على الناس وإيجابه عليهم بشرطه، محاسن البيت وعظم شأنه بما يدعو النفوس الخيّرة إلى قصده وحجه، فقال سبحانه: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدًى للعالمين فيه آيات بيّنات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) الآية. وفي موضع آخر أخبر سبحانه أنه إنما شرع حج البيت (ليشهدوا منافع لهم) الآية. وكل ذلك مما يدل على الاعتناء به والتنويه بذكره والتعظيم لشأنه، والرفعة من قدره، ولو لم يكن إلا إضافته إليه سبحانه بقوله: (وطهّر بيْتي للطائفين) لكفى بذلك شرفا وفضلا. * فهذه النصوص وأمثالها هي التي أقبلت بقلوب العالمين إليه حبّا له وشوقا إلى رؤيته فلا يرجع قاصده منه إلا وتجدد حنينه إليه وجد في طلب السبيل إليه. * أما من كفر بنعمة الله في شرعه وأعرض عنه وجفاه فلا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئا: (ومن كفر فإنّ الله غني عن العالمين)، فله سبحانه الغنى الكامل التام عن كل أحد من خلقه من كل وجه وبكل اعتبار فإنه سبحانه هو الغني الحميد. * فضائل الحج * سئل النبي صلى الله عليه: أي الأعمال أفضل؟ قال : »إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم الحج المبرور«. * فضل التلبية: * قال رسول الله صلى الله وسلم: »ما من مسلم يلبي إلا لبي من عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر، حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا«. * فضل الطواف: * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »من طاف بهذا البيت سبوعاً فأحصاه كان كعتق رقبة«، وقال : »لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة وكتبت له بها حسنة...«. * فضل مسح الحجر والركن اليماني: * قال صلى الله عليه وسلم: »إن مسحهما كفارة الخطايا«. * فضل يوم عرفة: * قال صلى الله عليه وسلم: »ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟«. * فضائل الحج والعمرة * 1 إبعاد الفقر وتكفير الذنوب، كما دلّ على ذلك أحاديث، منها: * أ قوله صلى الله عليه وسلم: »تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد« رواه ابن ماجه عن عمر. * 2 أنه يعدل الجهاد في سبيل الله، وخصوصاً للنساء والضعفة، وذلك لأحاديث، منها: * أ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله! نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ قال: »لكنَّ أفضل الجهاد وأجمله، حج مبرور ثم لزوم الحصر. قالت: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم« البخاري عن عائشة... * ب قوله عليه الصلاة والسلام: »جهاد الكبير والصغير والمرأة الحج والعمرة« صحيح النسائي... * 3 الحج المبرور جزاؤه الجنة: كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة« البخاري ومسلم. * 4 محو الخطايا والسيئات: كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: »من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه« البخاري ومسلم. * 5 الحج أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد: فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: »أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل ثم ماذا؟ قال الحج المبرور«. * 6 فضل التلبية: قال رسول الله: »ما من مسلم يلبي إلا لبي من عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر، حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا« صحيح الترمذي... * 7 فضل الطواف: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »من طاف بهذا البيت سبوعاً فأحصاه كان كعتق رقبة« صحيح الترمذي. وقال: »لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة وكتبت له بها حسنة...« صحيح الترمذي... * 8 فضل مسح الحجر والركن اليماني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن مسحهما كفارة الخطايا« صحيح الترمذي... * 9 فضل يوم عرفة: قال رسول الله: »ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟« رواه مسلم. * 10 الحجاج والعمار وفد الله: الله أكبر كما قال رسول الله: »الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم« صحيح الجامع... * وأخيراً فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: »إن عبداً أصححت له جسمه، ووسعت عليه في معيشته، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليّ لمحروم« صحيح الجامع... * وقد كان السلف يحرصون على الحج، العلماء والخلفاء، والقادة وغيرهم، حتى إن الخليفة العباسي هارون الرشيد كان يغزو عاماً ويحج عاماً. وكان بعض الصالحين يتحسّر إذا فاته الحج، ويقول: »لئن سار القوم وقعدنا، وقربوا وبعدنا فما يؤمننا أن نكون ممن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين)«... * أخطاء شائعة قبل الإحرام والسفر * يقع بعض الحجاج والمعتمرين قبل الإحرام والسفر في مجموعة من الأخطاء دون علم أو فهم للآداب التي ينبغي عليهم القيام بها، ومن ذلك: * إهمال أسرة الحاج لنظافة وكنس البيت بعد سفر الحاج حتى يعود؛ وذلك حزنا منهم عليه، أو اعتقادا منهم أن ذلك يعجل بعودته سالما!. * صلاة أربع ركعات قبل السفر على أنها سنة. * عقد الرجل على المرأة المتزوجة إذا عزمت على الحج، وليس معها محرم، يعقد عليه ليكون معها كمحرم. * ترك الحاج وصية ماله قبل سفره مقسمة على غير ما شرع الله أو محاباة لأحد أولاده أو أقربائه دون الباقين. * عدم إبراء الذمة من حقوق العباد قبل السفر للحج. * عدم تعلم الأحكام الخاصة بالحج والعمرة قبيل السفر وعدم سؤال أهل العلم والاختصاص. * تحميل الحاج نفسه بالديون والاقتراض من الآخرين من أجل الهدايا والسرف غير المبرر. * التساهل في إجراء التطعيمات اللازمة، أو محاولة الحصول على شهادات تطعيم غير حقيقية!.