فرح تجار مكة أيما فرح بانتعاش تجارتهم في موسم الحج هذا، وقال خبراء أن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر على هذا البلد، فقد استقبل أكثر من ثلاثة ملايين مسلم لأداء مناسك الحج. فلم يبق من فلسفة الحج التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم إلا القليل، فالأصل في الحج أنه كان مؤتمر إسلاميا كبيرا يلتقي فيه المسلمون ليتدارسوا شؤون الأمة وانشغالات المسلمين الدينية والدنيوية، لكن اليوم لم يبق من هذا شيء يذكر، فبعد الخلافات التي دبت عصورا مضت ومازالت آثارها قائمة بين شيعة وسنة إلى اليوم، ها هم الحجاج يديرون ظهورهم للمسائل الحضارية عملا بشعار "لا جدال في الحج".. فهذا الشعار الذي جاء لينهى المسلمين عن الخلافات الجاهلية والقبلية، فسر فيما بعد خطأ، فحرم المسلمين من مناقشة مسائلهم المصيرية، الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، وصار المسلمون على كثرتهم، لا همّ لهم أثناء أداء هذه الفريضة إلا التدافع للطواف حول الكعبة، وعند رمي الجمرات، وعند وقفة عرفات، بل صار الحج سياحة، يأخذون لهم صورا بزي الإحرام، وعند الطواف، وفوق هضبة عرفات، وتجارة لأن الحجاج يعودون محملين بالبضائع والهدايا. أما التقارب بين المسلمين على اختلاف ألسنتهم وأجناسهم، فليس له في برامج الحجاج مكان، وأضحت العلاقة بين المسلم والمسلم التي هي الهدف الأول من الحج غائبة تماما أثناء أداء المناسك، فغاب التكافل والتعارف والنقاش في مسائل المسلمين ومشاكل حياتهم كليا. صحيح أن هذا الموسم كان الأكثر تنظيما والأقل مشاكل، لكن المشاكل التي حدثت في السنوات السابقة، ووفاة المئات من الحجاج في التدافع والتسابق من أجل رمي الجمرات، جعلت من الحج وكأنه تقليد وثني لا يمت للإسلام بصلة.